الأخبار

قلت لـ”سعد” ماتموتش.. ومات

73

التاريخ: 19 أبريل 2012

المكان: عين شمس

الحدث: الشقيقتان «أسماء وشيماء» تسيران فى أحد شوارع الحى العريق بعد قضاء متطلبات المنزل، تعرضت الأولى لوعكة صحية مفاجئة حال سيرها مع شقيقتها الكبرى، مما اضطرهما لاستيقاف «تاكسى» للتوجه إلى طبيب، أسماء كانت وما زالت تُعانى من حساسية ومشاكل بالقلب.

«سعد» سائق التاكسى كان لتوه أنزل أحد زبائنه ولمحت عيناه الفتاتين حائرتين، أسرع نحوهما وعرض عليهما المساعدة، وتوجه ثلاثتهم إلى الطبيب.

قبيل الوصول إلى الطبيب عرض عليهما «سعد» المساعدة بإعادتهن إلى المنزل مرة أخرى، وهو ما وافقتا عليه وأعادهما إلى المنزل بعد تبادل الأرقام لاستدعائه فى أى وقت بحسب عرضه.

بعد مرور أيام تلقت «أسماء» اتصالاً من «سعد» يذكرها بموعد الاستشارة التى قررها الطبيب، وتوجه إلى المنزل وسلكا طريقهما إلى عيادة الطبيب، سرعان ما نضجت العلاقة بينهما، وأصبح من بين جدول أعمال «سعد» اليومى التوجه إلى منزل أسماء لتوصيلها إلى مكتب تحفيظ القرآن بالمرج.

وجاء اليوم الموعود، الذى صارح سعد أسماء بحبه لها، لتكشف هى الأخرى عن مشاعرها تجاهه، ويبدآن بالتخطيط لحياة زوجية يشوبها الأمان والدفء، وقدم سعد الحاصل على دبلوم المدارس الفنية أوراقه للدراسة بأحد المعاهد بمصر الجديدة، حيث يعمل والده هناك، وعمل سائقاً خاصاً لممثل شهير، وبدأت الحياة تبتسم لكليهما بعد عناء.

وتم تحديد الزفاف فى أول أيام العام الحالى 2015، وبعد شهور قليلة من الزواج وتحديداً الأحد الماضى، لقى الشاب سعد مصرعه فى مشاجرة بشارع أبوبكر الصديق المتفرع من أحمد عصمت بعين شمس، دافع خلالها سعد عن زوجته وحبيبة قلبه أسماء التى تعرضت لمعاكسة من أصحاب محل حلاقة فى المنطقة.

«الوطن» انتقلت إلى مكان الحادث، فى العقار رقم 7 بنفس الشارع الذى قتل فيه سعد، الحياة كانت تسير بشكل طبيعى فى بيت أسرة «أسماء»، والدها عادل الموظف البسيط بإحدى الهيئات الحكومية، يعيش مع زوجته ربة المنزل، وأسرتهما المكونة من 8 أبناء، 5 من الذكور و3 من الإناث.

فى بداية الشارع البسيط ترى على يمينك صالون حلاقة يملكه 4 أشقاء، وفق حديث الأسرة وشهود العيان والجيران، فإنهم من معتادى الإجرام، فأحدهم سبق اتهامه فى قضية سرقة بالنزهة، وآخر فى قضية «ضرب أفضى إلى موت».

محمد شقيق «أسماء»، يعمل نقاشاً ذاع صيته فى المنطقة لأمانته وجودة عمله، فوجئ أن أصحاب محل الحلاقة يعترضون طريق شقيقتيه «شيماء وأسماء» بأنواع من التحرش اللفظى، وفى إحدى المرات توجهت «شيماء» لقسم شرطة عين شمس لتحرير محضر تتهم أحدهم بالتحرش، إلا أن الضابط قال لها بصوت عال رداً على طلبها بالنزول معها لضبطهم «وأنا أنزل معاكى ليه؟»، وتم حل الخلاف بشكل ودى بجلسة عرفية.

تفاصيل الجريمة تقول إنه يوم الأربعاء 18 مارس الحالى، كان «سعد» عائداً من عمله على تاكسى، بينما كانت زوجته «أسماء» مع شقيقتها «شيماء» تتسوقان، وفور عودته إلى المنزل تناول الطعام، أثناء ذلك سمع أصوات مشاجرة ونقاش حاد فى الشارع، وهرول إلى المكان واكتشف أن زوجته تعرضت مجدداً للمعاكسة واشتبك مع الأشقاء الأربعة الذين اعتدى أحدهم عليه بالأسلحة البيضاء ولم يتركه إلا بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة، وتسفر الواقعة عن إصابة شقيقى أسماء «أحمد» بطعنة بالصدر على يد حلاق يُدعى «أمين» وهو هارب، و«عبدالرحمن» بطعنة فى إحدى ساقيه على يد «إسلام».

«أسماء» ارتدت الثياب السوداء حاملة بين يديها صورة تذكارية من حفل زفافهما بها ابتسامة اختفت الآن بعد مقتل الزوج، تقول أسماء: «عرفت سعد يوم 19 أبريل 2012، كان حنين عليَّا، وبيحبنى وبيحاول يرضينى بأى طريقة، ولما قلت له إنت لازم تكمل تعليمك عشان تعرف تتوظف فيما بعد قدم على معهد فى مصر الجديدة، لما كان بيزعلنى ماكنش ينزل من البيت إلا وهو مصالحنى، يقفل الباب ويدخل تانى عشان يصالحنى ويطمن إنى مش زعلانة منه».

تضيف: «كان سعد معايا هنا فى المكان ده بناكل سوا، وكانت إيده كلها آثار تصليح التاكسى اللى اشتغل عليه، بعد ما ساب الممثل اللى بيشتغل معاه، وكان عايز ياكل «كيكة»، بعت أخويا عبدالرحمن عشان يجيبلنا من الفرن القريبة من البيت، بصيت لسعد قلت له أنا خايفة من الحمل بس لما ابنى يوصل بالسلامة إن شاء الله أنا هدلعه وأنت كمان هتخلى بالك منه، رد عليَّا وقالى لا انتى اللى تخلى بالك منه، عشان أنا مش عارف إيه اللى هيحصل».

فجأة، سمعنا صوت زعيق وملقيتش سعد جنبى كأنه اتخطف منى مرة واحدة فى لمح البصر، وجريت وراه فى الشارع، لقيت واحد من الحلاقين اسمه «نبيل» ضربه فى مكان قاتل وسعد وقع على الأرض ونزف كتير قوى أنا معرفتش أعمل حاجة غير إنى أجرى على جوزى حبيبى وآخده فى حضنى وأكلمه واترجاه إنه يستنى معايا عشان يربى ابننا، وعشان أنا كمان محتاجاه، وماليش غيره، هو اللى طلعت بيه من الدنيا وهو ثمرة دعاء كنت بردده يومياً بعد حفظ القرآن إن ربنا يرزقنى الزوج الصالح اللى يتقيه فيَّا».

شقيقا أسماء «محمد وأحمد» برفقتهما شاهد على الواقعة يُدعى «عبدالله» توجهوا إلى مستشفى اليوم الواحد بالمرج، حاملين جثة «سعد» والمصاب «عبدالرحمن»، إلا أن الأطباء أخبروهم أن «سعد» مات.

تعاود شيماء الحديث: «رحنا المستشفى وراهم عشان نشوف حصل إيه ولقينا إن سعد الله يرحمه مات، وأحمد ومحمد خدونا على البيت تانى بعد ما صرخنا فى المستشفى، وأول ما وصلنا الشارع لقينا المحلات بتاعة الحلاقين دول محروقة»، وبعد ما وصلنا البيت اترجينا أحمد إنه يروح للمستشفى عشان الإصابة القريبة من قلبه، وطلعنا بيه على مستشفى الحق التخصصى، وأخبرونا بضرورة التوجه لمستشفى المطرية التعليمى لإجراء أشعات على مكان الإصابة، لاحتمالية وجود نزيف داخلى، وتم تركيب محاليل ووضعه تحت الرعاية الطبية المركزة بالمستشفى، وكذا خضع عبدالرحمن الشقيق الأصغر لفحوصات واضطر الأطباء لتوصيل المحاليل له، وهذا ما يثبت إن إخواتى محمد وأحمد ليس لهما أى دور فى حرق صالونات الحلاقة بحسب الاتهام الموجه لهما».

أسماء قالت إنها توجهت إلى قسم شرطة المطرية لتحرير محضر بالواقعة، ورداً على سؤال الضابط محرر المحضر: «تتهمى مين بقتل جوزك؟» قالت أنا بتهم «نبيل أ. أ»، وأضافت أن «نبيل» قال لها «آه إحنا موتناه»، وحين توجهت إلى النيابة العامة لسماع أقوالها فى الواقعة، وجدت المفاجأة، حيث فوجئت بأن الضابط محرر المحضر سطر فيه أنها لا تعلم من قتل زوجها.

هذه المفاجأة اكتشفها وكيل نيابة عين شمس، الذى يباشر التحقيقات فى القضية، ووعدهم بالعمل فى القضية حتى يُظهر الحق ويقدم المتهمين للعدالة ويعيد حق سعد، سعد الذى مات بعد 3 شهور من الزواج، مات قبل أن يرى ابنه الوحيد، هذا الابن الذى سيأتى للحياة بعد 6 أشهر لن يجد والده، وستقول له الأم: «أبوك عند ربنا، أبوك دافع عنى، وواجه من كان يعترض طريقى ويعاكسنى، أبوك مات، مات لأنه راجل.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى