الأخبار

إغلاق مصانع غزل وتشريد الآلاف

85

بين عمال القليوبية مر عيدهم، وقد أثقلتهم الهموم والمشكلات ويعانى الآلاف منهم التشرد. القليوبية التى اشتهرت على مدى تاريخها بصناعة الغزل والنسيج، فى منطقة شبرا الخيمة، وتميزت فى الوقت نفسه بصناعة الأثاث فى قرية «طنان» بقليوب، فضلاً عن وجود بعض التجمعات الصناعية التى تم إنشاؤها على مدى السنوات الماضية فى الخانكة وأبوزعبل، تعانى انهيار الصناعات والحِرف التى تميزها، أكثر من 4600 مصنع نسيج أغلقت أبوابها، وكان هذا الإغلاق سبباً فى تشريد الآلاف من العمال، عيد العمال هذا العام جاء وطابور العاطلين فى المحافظة قد تضاعف عدد المنضمين إليه.

يقول سعيد حسين، عامل بمصنع للغزل والنسيج، إن الحكومة مطالبة بإنقاذ ما تبقى من هذه الصناعة والتى تدعم اقتصاد الدولة، لافتاًً إلى أن انهيارها أدى إلى تسريح 70% من العمالة المصرية انضموا إلى طابور العاطلين، مضيفاً أن قرار تحرير القطن المصرى كان أول مسمار تم دقه فى نعش صناعة الغزل والنسيج بمصر.

وألقى محمد حسين، «صاحب مصنع»، المسئولية فى هذه الكارثة على سوء إمكانات ماكينات الغزل، الأمر الذى لا يؤهل ما يتم إنتاجه للمنافسة فى الأسواق العالمية ومواكبة التطور التكنولوجى، وأرجع السبب فى ذلك إلى تخلى الحكومة عن أصحاب المصانع فى مواجهة مشكلات الأسواق وعدم تطوير الماكينات وتحديثها بالشكل الذى يساعد لمواكبة التطور العالمى.

ويضيف أحمد عبدالحليم، صاحب مصنع، أن ارتفاع أسعار الخامات الرئيسية التى يتم شراؤها من الخارج بعد إهمال زراعة القطن فى مصر هى أزمة دولة أدت إلى تعرض هذه الصناعة لهزة كبيرة، مشيراً إلى أن هناك مصانع فى إيطاليا كانت تعمل فى مجال النسيج تم إغلاقها، يقوم المستوردون المصريون بشراء ماكيناتها وبواقى المواد الخام اللازمة لتلك الصناعة ويتم العمل بها رغم رداءتها، لكن هذا هو المتاح، إلى جانب المعاناة فى استيراد النسيج من الخارج، ويأتى على رأس المعوقات ارتفاع تكلفة الشحن والجمارك والضرائب كل شهر.

وفى السياق طالب أصحاب مصانع الغزل والنسيج، بضرورة عودة زراعة القطن، وتوفير المواد الخام ومحاربة المنتجات الرديئة التى تأتى إلى مصر من دول شرق آسيا وتسببت فى ركود المنتجات فى السوق والاقتصاد المصريين. ومن جانبهم، تضرر العديد من أصحاب ورش الموبيليا والنجارين من أهالى قرية طنان، بسبب ارتفاع أسعار الخامات والمعدات وارتفاع سعر متر الخشب بنسبة وصلت إلى 100% واستخدام مواد رديئة للتشطيب، بالإضافة إلى تراكم الديون على أصحاب ورش صناعة الأثاث بقرية طنان، والتى اشتهرت بصناعة الأثاث ودخلت لفترة من الزمن فى منافسة شديدة مع محافظة دمياط، ما أدى إلى إغلاق أغلب الورش نتيجة غلاء الخامات.

واتهم محمد سعيد، صاحب ورشة بقرية طنان، المسئولين بمحافظة القليوبية بعدم الاهتمام بصناعة الأثاث فى القرية رغم كونها من أهم مصادر الدخل فى المحافظة، وأضاف أن هذه المشروعات أقيمت بالمدن الصناعية الجديدة، ولديها ميزة الإعفاء من الضرائب، كما أن التصدير للخارج يتم بشكل عشوائى ودون دراسة للأسواق الخارجية، وفى المقابل ترفض الحكومة استخراج التراخيص للصناع وتطلب ما يزيد على 3000 جنيه لاستخراج أو تجديد الترخيص كل عام.

ويلقى سليمان عياد، صاحب ورشة، المسئولية على صناع الأثاث قائلاً: إن التصميمات تقليدية وتحتاج إلى تطوير وتحديث، فى الشكل ونوعية المواد المستخدمة فى التشطيب، مطالباً بضرورة توفير الأمن بشكل أكثر حتى يبدأ صناع الأثاث العمل ليلاً، لأن صاحب الورشة يضطر إلى أن ينهى أعماله فى وقت مبكر خوفاً من سيطرة البلطجية على أمواله وقطع الموبيليا، مستنكراً عدم إلزام أصحاب الورش بالتأمين على العمال وضمهم فى مظلة التأمين الصحى، مشيراً إلى إمكانية حدوث إصابات وحروق خطيرة جداً بسبب مادة التنر، فضلاً عن إمكانية إصابة العمال أثناء عملية تقطيع الأخشاب.

فى سياق متصل، لم تسلم التجمعات الصناعية بالخانكة هى الأخرى من المشكلات بسبب الظروف التى تمر بها البلاد وتوقف أكثر من 20 مشروعاً بالقطاع الخاص عن العمل بسبب الانفلات الأمنى، فضلاً عن الركود الاقتصادى، وأكد المهندس صلاح السعودى، رئيس جمعية رجال الصناعة بالقليوبية، أن القطاع الاستثمارى عانى الكثير من المشكلات فى أعقاب ثورة يناير، واستمرت المعاناة حتى الآن وسط غياب رؤية واضحة للحكومات التى تولت زمام الأمور خلال السنوات الـ3 الماضية، وانشغال الجميع فى الأحداث السياسية وتركهم قطاع الاستثمار يعانى منفرداً، رغم أنه يضم ملايين العمال، مشيراً إلى إنه آن الأوان لاتخاذ خطوات جادة للإصلاح.

وأشار سيد أبووردة، المدير التنفيذى لجمعية المستثمرين، إلى أن التجمع الصناعى بالخانكة يضم 20 ألف عامل فى منطقتين صناعيتين، هى: الأمل والشروق، وهناك بعض المشكلات تتعلق بالأمن فى المقام الأول تليها الخدمات، مضيفاً أنه تم الاتفاق مع المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ القليوبية، على إقامة نقطة شرطة بمنطقة الشروق الصناعية وسيتم إنشاؤها على نفقة أعضاء الجمعية ووعد المحافظ بعمل كمين أمنى على طريق (الخانكة – السلام).

من جانبه، أكد المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ القليوبية، أنه لا يمكن إنكار جهود الحكومة لإنقاذ الصناعة وزيادة فرص الاستثمار، مشيراً إلى أن هناك تحسناً ملحوظاً فى الحالة الاقتصادية والاستثمارية عقب المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، وفيما يتعلق بالتجمعات الصناعية بالخانكة، أضاف أن المحافظة سوف تبدأ بالفعل خطوات جادة لعلاج المشكلات، وسيتم قريباً وضع استراتيجية جديدة للاستثمار على أرض القليوبية من خلال خريطة توضح فرص وأماكن الاستثمار المتاحة فى كل المجالات والدعوة مفتوحة لجميع الجادين.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى