منوعات

«دم مريم».. قصة اغتيال طالبة مصرية في شوارع بريطانيا

 

 

«ضرب.. سحل.. إهمال طبى.. ثم موت».. ملخص حكاية الطالبة المصرية مريم عبدالسلام، التى غيّبها الموت، أمس الأول، متأثرة بإصابتها داخل أحد مستشفيات بريطانيا، بعدما تم الاعتداء عليها على يد ١٠ فتيات فى بريطانيا.

وتواصل السلطات المصرية، ممثلة فى الخارجية، ونيابة التعاون الدولى، متابعة ملابسات القضية مع بريطانيا، فى الوقت الذى اتهم فيه والد الطالبة، المستشفى الذى كانت تعالج به ابنته بأنه «كتب آخر الفصول فى حياة مريم»، لإهماله فى تشخيص الحالة من البداية مما أدى إلى تدهورها ومن ثم وفاتها.

وكانت «مريم» تعرضت فى ٢ مارس الماضى، إلى اعتداء بالضرب من ١٠ فتيات، وتم سحلها لمسافة تزيد على ٢٠ مترًا، ولم يكتفين بذلك بل اعتدين عليها مرة أخرى بالضرب بعدما استطاعت الهرب، والاختفاء بإحدى الحافلات حتى فقدت الوعى.

والد الضحية: لن أتنازل عن حق ابنتى.. والمستشفى متواطئ فى قتلها
أكد حاتم مصطفى، والد «مريم»، أنه لن يتنازل عن حق ابنته، سواء من الفتيات اللاتى اعتدين عليها، أو المستشفى الذى أهمل علاجها حتى فارقت الحياة، مشيرًا إلى أن ابنته تعرضت لأبشع أنواع الإهمال الطبى داخل مستشفى «كوينز رويال»، قائلًا: «أجروا لها ٧ عمليات جراحة خلال ٦ أيام فقط، وهذا وضع كارثى لا يتحمله أى إنسان، فضلًا عن عدم تشخيص الحالة بشكل دقيق منذ دخولها المستشفى».
وشدد «مصطفى»، على أن المستشفى لم يقدم لابنته الإسعافات الأولية اللازمة بشكل جيد، قائلًا: «من المعروف أنه فور دخول أى مريض إلى المستشفى تجرى له أشعة مقطعية على المخ خلال فترة الإسعافات، لتشخيص الحالة بشكل دقيق، ولكن هذا لم يحدث مما ترتب عليه تشخيص خاطئ أدى إلى تدهور صحة ابنتى»، مؤكدًا: «لن أسكت عن حق ابنتى».
وقال والد الفتاة: «المستشفى تعامل مع ابنتى بتقصير وإهمال شديدين، ومنذ أن دخلت العناية المركزة بعد اكتشاف أنها تعانى من نزيف فى المخ، على الفور طلب الطبيب نقلها إلى غرفة عادية، واستمروا بنقلها عبر أروقة المستشفى لأكثر من نصف ساعة وهى ليست فى وعيها، وبعد ٤ ساعات اتصلوا بنا وطلبوا أن نأتى سريعًا إلى المستشفى، وظننا أنها استيقظت، وفى مساء ذلك اليوم كانت مريم قد فتحت عينيها ونظرت إلينا مرتين على مدار اليوم».
وتابع: «عندما وصلنا وجدنا أن الخراطيم التى كانت موصولة بالشق الحنجرى مليئة بالدماء، ومن المفترض أن توصل بالأكسجين، نظرًا لأنها كانت فى غيبوبة على مدار الأيام الماضية».
وأضاف: «شعرت بالذعر وانفعلت على الأطباء وسألتهم لماذا نقلتم ابنتى من العناية المركزة وهى لا تزال فى حالة خطيرة، ومنذ ذلك اليوم، يجرون جراحة يوميًا لابنتى، ولم يستطيعوا تحديد مصدر الدماء أو تدهور حالتها، حتى امتلأت رئتها اليسرى بالدماء، وعانت من مشكلة فى القلب بالإضافة لنزيف المخ وبعد ٩ عمليات، توفيت ابنتى، ورحلت فرحتى الأولى عن الدنيا».
وأكد أن حق «مريم» لن يأتى من بريطانيا بل من مصر، قائلًا: «أعلم أن مصر لن تقبل بما حدث لابنتى.. مريم ابنتكم وأختكم كلكم وكل مصرى أصيل له الحق فيها».
وأكد الدكتور عماد أبوحسين، محامى «مريم»، أن المستشفى تواطأ ضد الفتاة، قائلًا: «التقرير الأولى للمستشفى عن حالة مريم، تجاهل الاعتداء الوحشى عليها، كما أن الحالة عانت من إهمال وأخطاء فى التشخيص، وفى كل يوم يعتذر الأطباء عن تشخيص خاطئ»، مشيرًا إلى مقاضاة المستشفى مدنيًا وجنائيًا بسبب التواطؤ ضد «مريم».
وأوضح «أبوحسين»، أن موت مريم حوّل مسار القضية من الاعتداء بالضرب إلى جناية، مؤكدًا أن الشرطة ألقت القبض عقب وفاة «مريم» على ٣ من المعتديات الـ١٠.
بدوره، قال ناصر كامل، سفير مصر فى بريطانيا، إنه سيتم التعامل مع قضية الطالبة مريم، على عدة محاور تتركز فى المساندة النفسية والمعنوية للأسرة، وذلك مع فريق كامل يقوده القنصل العام السفير علاء يوسف، ونائب وزيرة الهجرة ومستشار السفارة المصرية.
وأضاف «كامل»، أنه على الجانب الإجرائى، سيتم العمل على نقل الجثمان إلى مصر ليدفن فى أرض الوطن، فضلًا عن المتابعة مع السلطة التنفيذية، لتحريك دعوى جنائية ضد المتسببين فى الوفاة، مشيرًا إلى أن هناك بُعدًا قانونيًا للقضية يتعلق بالتعامل الطبى مع حالة الطالبة المصرية، وما إذا كان قد تم التعامل معها طبيًا بشكل سليم أم لا.
وفى نفس السياق، أكدت مصادر فى وزارة الخارجية، أن سامح شكرى وزير الخارجية يتابع، بشكل شخصى، مع السفارة المصرية بلندن تطورات القضية، فى إطار تعليمات واضحة بأن هذه الحالة وأوضاع المصريين فى الخارج بشكل عام على رأس اهتمامات البعثات الدبلوماسية فى الخارج.
بينما وصفت السفارة البريطانية فى القاهرة خبر وفاة مريم بـ «المأساوى»، مشيرة إلى أن «التحقيقات مستمرة فى الاعتداء المروع لضمان تحقيق العدالة، ونحن على اتصال وثيق بالشرطة البريطانية والسفارة المصرية، للتأكد من أن أسرتها لديها الدعم الذى تحتاجه».
من جانبه، قال السفير خالد رزق، مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية والمصريين فى الخارج، إن مقاضاة المستشفى الذى تلقت مريم فيه العلاج غير مستبعد، مشيرًا إلى أن هناك شبهة إهمال من جانب المستشفى، إلا «أننا ننتظر تقريره حول الواقعة».
وأضاف «رزق»، أن توصيف الواقعة تغير فى الوقت الحالى إلى «جريمة قتل»، مشددًا على أنه يتم التواصل مع السلطات البريطانية لمحاسبة مرتكبى الواقعة، مشيرًا إلى أنه سيتم نقل الجثمان، وفق رغبة أسرة المتوفاة.
وسلطت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية، الضوء على حادث مقتل الطالبة المصرية، وأوضحت أنه من المقرر إجراء فحوص أخرى على جثمان مريم من قبل الجهات الأمنية البريطانية، إذ ما زالت تحقيقات الشرطة جارية لمعرفة هوية القتلة، وتم اعتقال فتاة تبلغ من العمر ١٧ عامًا كانت مشتبهًا بها، وتم إطلاق سراحها بصورة مشروطة وبكفالة.
وقال كبير المحققين ماثيو هيلى من شرطة «نوتينجمشير»: «قلوبنا مع عائلة الطالبة المصرية ونحاول تقديم كل الدعم اللازم لهم فى هذا الوقت العصيب»، وتابع: «التحقيقات ما زالت جارية، وطلبنا من أى شخص لديه معلومات عن الحادث الإدلاء بها لمساعدتنا فى التحقيقات وسرعة الوصول للجانى».
بينما قال المحقق كاين روكس: «نعلم أن هناك كثيرًا من الأشخاص الذين يمشون فى الشوارع، ويقفون فى محطة الحافلات وقت الهجوم، ويكون هناك أشخاص لديهم معلومات عن الحادث تساعدنا فى التحقيق».
وتابع: «بعض الأشخاص ساعدونا بالفعل خلال التحقيقات، وجارٍ البحث عن خيوط أخرى فى القضية».
فى حين قال المتحدث باسم شركة «نوتينجهام للنقل»: «تم توفير بعض شرائط المراقبة حتى تساعد الشرطة فى التحقيقات، فهى تعد جزءًا مهمًا جدًا فى القضية»، بحسب الصحيفة.
وتابع: «كما تم التحقيق مع السائق، الذى قال إنه حاول التدخل لوقف مهاجمة بعض الفتيات لفتاة أخرى، ولكنه اضطر لترك الموقف والعودة للحافلة مرة أخرى».

النائب العام يتابع التحقيقات.. و«الهجرة»: القضية تحولت إلى جناية قتل
يتابع فريق من نيابة التعاون الدولى بمكتب النائب العام، المستشار نبيل صادق، التحقيقات التى تجريها السلطات البريطانية بشأن مقتل الطالبة المصرية.
وكشفت مصادر مطلعة، أن النائب العام، يتابع التحقيقات بشكل يومى، التى يجريها التعاون الدولى برئاسة المستشار كامل سمير، والذى تقدم بمذكرة للسلطات القضائية المتخصصة ببريطانيا، للحصول على صورة رسمية من التحقيقات التى أجريت فى الواقعة، والتقارير الطبية الخاصة بالمجنى عليها، وضرورة موافاة إدارة التعاون الدولى بالتحريات عن الواقعة، وما شملته من ظروف وملابسات، وما اتخذ من إجراءات فى هذا الخصوص.
وأشارت المصادر إلى أن النيابة على تواصل دائم مع الخارجية المصرية، وسفارتها ببريطانيا، لموافاتها بالتحقيقات أولًا بأول، والاطلاع على الإجراءات التى اتخذتها الخارجية فى ذلك، مؤكدة مطالبة السلطات القضائية بسرعة إجراء التحريات وإلقاء القبض على الجناة، وتفريغ الكاميرات بموقع الحادث، لسرعة الوصول الجناة.
فيما أكدت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة، أنها سوف تتابع الإجراءات القانونية وسير التحقيقات الخاصة بالطالبة المصرية.
وأضافت فى بيان، أن الوزارة تواصلت مع الدكتور عماد أبوحسين المستشار القانونى للسفارة المصرية فى لندن، والذى أكد أنه بوفاة الفتاة تحول مسار القضية من تعدٍّ بالضرب إلى جناية قتل، مشيرًا إلى أنه سيتم تحريك دعوى قضائية ضد المستشفى البريطانى الذى دخلته مريم لإهماله فى علاجها.
وأشارت إلى أنها ستتابع الموقف مع السفارة المصرية بلندن التى تنظر حاليًا إجراءات مقاضاة المستشفى الذى دخلته الفتاة، إضافة إلى إجراءات التصعيد لمحاسبة قتلة الطالبة المصرية جنائيًا، مؤكدة عدم ترك القضية إلا بالوصول للقصاص العادل.
وقال النائب طارق رضوان، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إن اللجنة على تواصل مع السفير المصرى فى بريطانيا، للوقوف على التقرير الطبى للطالبة المصرية، ومتابعة التحقيقات، مشيرًا إلى أن هناك طلبات إحاطة من النواب تم تقديمها إلى اللجنة حول ملابسات الجريمة، وستتم مناقشتها فى حضور مسئولى وزارة الخارجية.
من جانبه، قال مصطفى رجب، رئيس الجالية المصرية ببريطانيا، إن التعامل مع حادث مريم له شقان، الأول: الرسمى وتعمل عليه السفارة المصرية، سواء مع عائلة مريم أو السلطات الرسمية فى بريطانيا.
أما الثانى: على مستوى الجالية، تقرر عقد اجتماع اليوم الجمعة، لبحث الإجراءات التى سيتم اتخاذها لدعم حق مريم، مشيرًا إلى أن ما جرى للطالبة «لن يمر مرور الكرام»، مؤكدًا: «لن نقف متفرجين أمام ضياع حقها».

 

 

 

 

الدستور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى