أخبار مصر

القاهرة: لن نقبل فرض «وضع قائم» فى مفاوضات سد النهضة

 

 

– شكرى أعلن عدم رد الخرطوم وأديس أبابا على دعوة استكمال المباحثات فى مصر
– وزير الخارجية: نتعامل بمرونة وشفافية.. واتهامنا بـ«تعطيل» الاجتماعات «غلوشة»
– مصادر حكومية: لا تنازل عن حصتنا المائية.. ومتمسكون بـ«اتفاقية 59»
– مقترحات برلمانية: وساطة دول محايدة وتحكيم الاتفاقيات الدولية

كشف وزير الخارجية سامح شكرى، عن عدم تلقى رد من إثيوبيا والسودان على الدعوة الموجهة لهما من قبل مصر، لاستكمال المفاوضات حول سد النهضة، فى القاهرة، غدا، والتى جاءت بعد عدم التوصل إلى نتائج محددة فى الاجتماع التساعى الأول بالخرطوم.
وشدد على أن مصر لن تقبل بفرض وضع قائم عليها، يتم خلاله فرض إرادة طرف على آخر، مؤكدًا أن «مصر والحكومة ستستمران فى الحفاظ على حقوق شعبهما فى مياه النيل بوسائل كثيرة لديها».

شكرى: مستمرون فى الحفاظ على حقوقنا بـ«وسائل كثيرة»

أكد وزير الخارجية، أن مصر لم تتلق ردًا من إثيوبيا والسودان على الدعوة الموجهة لهما من قبل مصر، لاستكمال المفاوضات حول سد النهضة، فى القاهرة، اليوم الجمعة.
وقال «شكرى»- فى تصريحات تليفزيونية أمس: «للأسف، لم نتلق ردًا من إثيوبيا أو السودان على هذه الدعوة، وبالتالى نفقد فرصة أخرى لتنفيذ التكليف الصادر من القادة»، فى إشارة إلى اتفاق قادة الدول الثلاث على ضرورة حل الخلافات قبل ٥ مايو المقبل.
وأوضح: «نتناول الأمر من خلال تكليف الرؤساء بأن يكون التعامل كدولة واحدة، وأن ننظر لمصلحة مشتركة لنا جميعًا، وما يحدث هو مزيد من فقد الوقت ويجعل الزمن يداهمنا، فى ظل تكليف القادة لنا بالتوصل إلى حل للتعثر الفنى خلال شهر»، محذرًا: «تتبقى ١٥ يومًا فقط، وهناك أمور كثيرة عالقة تحتاج إلى تداول من قبل الشركاء».
وأبدى «شكرى» أسفه مما يحدث من توقف المحادثات: «رغم كل ما بذلناه، لا نرى تفاعلًا بنفس قدر الاهتمام الذى نبديه، وبالتالى سننتظر حينما تكون هناك رغبة من شركائنا لإثارة هذا الموضوع، لكن على الجميع أن يعلم أن مصر لن يُفرض عليها وضع قائم أو وضع مادى يتم من خلال فرض إرادة طرف على آخر، وهذا غير مقبول، والحكومة المصرية ستستمر فى مراعاة والدفاع عن مصالح الشعب المصرى فى مياه النيل ومستقبلها بوسائل عديدة لديها».
واستنكر ترديد أى مقولة تتهم مصر بعرقلة مباحثات سد النهضة بين الأطراف الثلاثة، قائلًا: «أى مقولة فيما يتعلق بعرقلة مصر للتقدم، غير صحيحة».
واستشهد على ذلك بأن مصر «قبلت حتى الخروج على القاعدة المرتبطة باللجنة الوطنية الفنية بمنع تداول أى شىء ونقل أى شىء إلى الاستشارى، إلا بتوافق الدول الثلاث، حتى نعطى الاطمئنان لشركائنا».
وشدد على أن مصر تتعامل بمرونة، ولا تتشبث بقواعد وليس لديها شىء تخشى منه أو شىء تسعى إلى إخفائه، وتتعامل فى هذا الملف بانفتاح وشفافية ومصداقية، معتبرًا أن أى مقولة غير ذلك هى محاولة لـ«غلوشة» الأمر، والابتعاد عن حقيقة الموقف ومن يعيق المسار.
وأضاف متحدثًا عن الموقف المصرى المرن: «مصر بذلت كل جهد خلال اجتماع الخرطوم، وتفاوضت بحسن نية وتقدير لمصالح الشركاء، وطرحت مبادرات تلبى مصالح الجميع، ولم تطرح رؤية أحادية فقط، كما أنها موافقة على التقرير الاستهلالى الاستشارى، والإقدام على دراسته، حتى يكون هناك تنفيذ أمين للاتفاق الذى تم توقيعه بين الدول الثلاث».
وأشار إلى ضرورة «الاعتماد على دراسة موضوعية محايدة، تبرهن على أن مصر لن تتحمل أضرارًا لن تستطيع استيعابها من ملء خزان السد وتشغيله»، مستدركًا: «لكن إثيوبيا إلى الآن لم تعتمد هذه الدراسة، وترى أنها لا تلبى احتياجاتها وهذا موقف يجعل المسار متوقفًا ومتجمدًا».
فى السياق ذاته، كشفت مصادر مطلعة فى وزارة الموارد المائية والرى، عن تحركات حكومية لاستئناف مفاوضات سد النهضة، وعقد اجتماع تساعى آخر مع كل من إثيوبيا والسودان، بعد إعلان القاهرة عدم تلقيها ردًا على دعوتها لـ «أديس أبابا» و«الخرطوم» لاستكمال المباحثات فى العاصمة المصرية، اليوم الجمعة.
وقالت المصادر: «لم نتلق ردًا على الدعوة، رغم اقتراب مهلة الشهر التى حددها قادة الدول الثلاث لحل التعثر فى المسار الفنى، وعدم صدور التقرير الاستهلالى للمكاتب الاستشارية الفرنسية بشأن التأثيرات السلبية للسد حتى الآن، وفشل اجتماع الخرطوم الأخير فى التوصل لنتائج».
ورجحت إمكانية عقد الاجتماع بداية أو منتصف مايو المقبل، عقب انتهاء المدة الزمنية المحددة من قبل الرؤساء لحل التعثر الفنى، مضيفة: «الأزمة لم تبارح مكانها فى ظل التعنت الإثيوبى والمماطلة السودانية، وعدم موافقتهما على أية مطالب مصرية».
وأشارت إلى أن الخلافات بين الدول الثلاث، تدور حول الحقوق المائية المصرية فى اتفاقية ١٩٥٩ التى تتمسك مصر ببنودها، وقواعد الملء والتشغيل، وفترة التخزين، خاصة مع اقتراب الفيضان الإثيوبى، واحتمالات ملء الخزان فى يوليو المقبل»، مشددة على أنه لن يتم التنازل عن أية مطالب تحفظ الحقوق المائية المصرية.
وتابعت المصادر: «يتم البحث عن حلول لإنهاء حالة الجمود الحالية، وتعثر الاجتماع الأخير، والمفاوضات المتعلقة بالتقرير الاستهلالى الخاص بالتأثيرات السلبية لبناء السد، وعدم موافقة إثيوبيا والسودان عليه، والمطالبة بتعديلات أخرى لإطالة أمد المفاوضات».
وانتقدت المصادر، الموقف الإثيوبى السودانى، رغم التحرك السياسى من قبل «الخارجية» والفنى من «الرى»، وثبوت إضرار السد بالمصالح المصرية، والتزام مصر ببنود اتفاق إعلان المبادئ الموقع فى مارس ٢٠١٥، خاصة البند الخامس الذى ينظم عملية الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل، من خلال دراسات فنية.

برلمانيون يقترحون حلولًا: التخلى عن التعامل بحسن النوايا.. إعداد ملف بالمخالفات الإثيوبية.. وإمكانية التدويل

أكد برلمانيون أن جميع الخيارات متاحة للحفاظ على حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل، باعتبارها أمنًا قوميًا لا تقبل التفريط فيها، مشددين على ضرورة تخلى الدولة عن التعامل بـ«حسن النوايا» فى ظل تأزم مفاوضات سد النهضة، وتعنت الجانب الإثيوبى.
وحدد النواب خارطة طريق جديدة للتعامل مع الأزمة، تبدأ بالاستعانة بدول محايدة كوسيط فى المفاوضات، وصولًا إلى تدويل القضية.
وقال اللواء حاتم باشات، عضو لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، إن تعثر المفاوضات مع إثيوبيا والسودان، كان متوقعًا فى ظل رفضهما الشديد الالتزام بالمذكرة الاسترشادية للشركة الفرنسية المكلفة بإجراء الدراسات حول السد.
وأشار إلى أن القيادات السياسية فى الدول الثلاث، حاولت دفع المفاوضات إلى الأمام بالتنسيق المباشر، مع وزارات الرى والأجهزة الأمنية فى كل دولة.
وأوضح «باشات»، أن مصر لا بد أن تتخلى عن تعاملها بحسن النوايا مع الدول الأخرى، خاصة أن ملف سد النهضة حيوى للغاية، لا يجوز التعامل معه بحسن النوايا أو الاعتماد على العلاقات السياسية بين الدول.
وأشار إلى أهمية تحرك مصر على المستوى الدولى، عن طريق تصعيد القضية، ودعوة البنك الدولى إلى تبنيها، فى ظل تقارير دولية انحازت إلى الموقف المصرى.
وأكد أهمية استعانة مصر بدخول دول محايدة كوسيط فى المفاوضات، مشددًا على أنه لا تنازل عن حقوقنا الثابتة فى مياه النيل، متوقعًا أن تفضى المفاوضات إلى التفاهم حول بعض النقاط الفنية التى تسبب أزمة لجميع الأطراف.
وقال السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، عضو لجنة العلاقات الخارجية، إن اتفاقية المبادئ، أقرت ضرورة الاحتكام إلى التقرير الذى سينتهى إليه المكتب الاستشارى الفنى حول سد النهضة، وهو ما ترفضه إثيوبيا.
وأشار إلى أن تحرك القضية على المستوى الدولى، لا بد أن يكون قائمًا على أساس مخالفات إثيوبيا لاتفاق المبادئ، إلى جانب عدم قبولها وقف عمليات البناء فى السد، أثناء المفاوضات.
وأوضح أن مصر ليست دولة صغيرة، حتى تقبل بسياسة الأمر الواقع، مشيرًا إلى أن الدولة تتعامل بحسن النية مع أزمة سد النهضة، ولكن لا يزال لديها الكثير لتفعله فى هذا الشأن.
وطالب «العرابى»، بضرورة إنجاز ملف شامل لجميع المخالفات الإثيوبية لقواعد المفاوضات، وأهمها عدم وقف عمليات البناء، إلى جانب العواقب السلبية على المستوى الفنى، من إنشاء السد بالمواصفات الحالية التى تتبناها إثيوبيا، ليكون هذا الملف، هو أساس أى تحرك دولى لمصر فى هذا الشأن، سواء أمام دول أو منظمات دولية لها علاقة بالأزمات المشابهة.
وأكد اللواء يحيى الكدوانى، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى، أن حقوق مصر فى مياه النيل، محمية بموجب الاتفاقيات الدولية الموقعة بين دول حوض النيل، موضحًا أن المساس بها يعنى التضييق على الشعب المصرى، الذى لا تقبله الدولة.
وأضاف «الكدوانى» أن الموقف يتطلب، تصعيد الأزمة قانونيًا داخل المنظمات المعنية بالأمم المتحدة، بما يلزم جميع دول حوض النيل بنسبة مصر فيه، والتى تقدر بـ٥٥ مليار متر مكعب سنويًا. وفقًا للاتفاقيات السابقة. وتابع: أنه بالتوازى مع تلك الخطوة، علينا التوجه إلى المحكمة الدولية، للتحكيم فى الأزمة، مشيرًا إلى أنه إذا لم نتوصل إلى حل مُرضٍ، فجميع الخيارات مطروحة، باعتبار نهر النيل مصدر المياه الوحيد لمصر، ومن ثم فإنه يعتبر «قضية حياة أو موت» لجميع المصريين. وقال اللواء أحمد إسماعيل، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى، إن مصر تحترم جميع الدول الإفريقية، وفى مقدمتها دول حوض النيل، متابعًا: «لكنها لن تقبل التفريط فى أى نقطة من حقها بمياه النيل، باعتباره مصدر الحياة الوحيد لشعبها».
وأضاف «إسماعيل»: «جميع الخيارات مطروحة فى التعامل مع تلك الأزمة، انطلاقًا من حقوقنا القانونية فى مياه النيل»، متوقعًا التزام الدولة بالحلول الدبلوماسية استنادًا إلى منهج الرئيس عبدالفتاح السيسى فى التعامل مع الأشقاء الأفارقة.
وتابع قائلًا: «أتوقع تدخل أطراف إفريقية صديقة لحل الأزمة الحالية، لما لمصر من مكانة لدى الأفارقة حكامًا وشعوبًا».
وأوضح أنه حال فشل الوساطة، هناك العديد من القنوات القانونية، أولاها اللجوء إلى الأمم المتحدة، ثم محكمة العدل الدولية، كما أنه من حق الدولة اتخاذ ما تراه مناسبًا فى هذا الشأن.
وأكد اللواء تامر الشهاوى، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى، أن إثيوبيا تعلم أهمية قضية المياه بالنسبة لمصر، قائلًا: «عادة المفاوضات تجرى بين كر وفر، من جميع أطرافها للحصول على أكبر قدر من المكاسب، وهذا ما تحاول إثيوبيا الوصول إليه فى هذا التوقيت». وأضاف «الشهاوى»: «إثيوبيا لن تستطيع الوصول إلى مآربها، لأن مصر تحتفظ بأوراق الضغط اللازمة لحماية حقوقها فى مياه النيل، والمتمثلة فى الاتفاقيات الدولية الموقعة فى هذا الشأن، والتى تأتى جميعها فى صالحنا، وتلك الاتفاقيات ستكون صاحبة الكلمة الأخيرة». وأوضح قائلًا، أن مصر تمتلك كل الخيارات لحماية حقوقها، لكنها ستنتهج المسار القانونى فى الحفاظ على حقوقها التاريخية فى مياه النيل.

دبلوماسيون: التوجه للأمم المتحدة لتطبيق قانون الأنهار الدولية.. ووساطة فرنسا والخليج

طرحت مصادر دبلوماسية، مجموعة من البدائل التى يمكن أن تلجأ إليها مصر، فى حال استمرار التعنت الإثيوبى فى أزمة سد النهضة، من بينها تدخل أطراف دولية، ذات نفوذ سياسى واقتصادى، لمنع أديس أبابا من إضاعة الوقت والفرص.
وقال مصدر دبلوماسى مطلع: «مصر ملتزمة بالمهلة التى تم الاتفاق عليها بين قادة الدول الثلاث، على هامش القمة الإفريقية الأخيرة فى أديس أبابا»، مشددًا على أنها تجنبت الصدامات خلال الفترة الأخيرة مع أطراف القضية، إلا أنه بعد انتهاء المهلة بحلول الخامس من مايو المقبل، فإنها ستتجه نحو خيارات أخرى، أشارت إليها فى أوقات سابقة، يأتى على رأسها التوجه إلى الأمم المتحدة لتطبيق القانون الدولى المنظم للأنهار الدولية.
وأكد المصدر، لـ«الدستور»، أن مصر أيدت التنمية فى إثيوبيا، ولم ترفض بناء السد بشكل كامل، إلا أنها تسعى للاتفاق على معايير معينة تفضى فى النهاية تحقيق مصلحة كل الأطراف، دون الإضرار بأى طرف، وهو ما يواجه دائمًا بتعنت من الجانب الإثيوبى، الذى يرفض الاعتراف بوجود حق تاريخى لمصر فى مياه النيل يجب الحفاظ عليه.
من جانبها، شددت السفيرة منى عمر، على ضرورة أن تتجه مصر نحو أطراف إقليمية ودولية، ما من شأنه الضغط على الجانب الإثيوبى لحلحلة الجمود الذى اعترى المسار الفنى لمفاوضات سد النهضة، موضحة أن تلك الضغوط من الممكن أن تمارسها دول ذات نفوذ سياسى أو اقتصادى فى القارة الإفريقية، مثل الصين وفرنسا ودول الخليج.
وأضافت «عمر»، لـ«الدستور»، أن مصر تأمل فى تحقيق تقدم خلال الفترة المتبقية من المهلة، بما يغنيها عن اللجوء إلى بدائل أخرى خارج إطار المواقف الإيجابية التى تنتهجها السياسة الخارجية المصرية فى هذا الملف، مشددة على ضرورة إعادة إحياء عمل المكاتب الاستشارية للخروج بالتقرير الاستهلالى المطلوب.
وتسعى مصر إلى التأكيد على ما تم الاتفاق عليه بين قادة الدول الثلاث، بشأن أهمية الالتزام بتطبيق اتفاق إعلان المبادئ لعام ٢٠١٥، خاصة ما يتصل بضرورة إتمام الدراسات الخاصة بالسد لضمان تجنب أية آثار سلبية محتملة على دولتى المصب. ونص اتفاق المبادئ الذى وقع عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس السودانى عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبى السابق ديسالين فى ٢٠١٥، على أن تقوم المكاتب الاستشارية بإعداد دراسة فنية عن سد النهضة فى مدة لا تزيد على ١١ شهرًا، وهو ما لم ينفذ حتى الآن.

 

 

 

 

الدستور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى