الأخبار

“النحاس بيضيع”..

 

175

 

ورشة صغيرة تتطاير منها ألسنة اللهب لقطع النحاس منذ أكثر من ثلاثين عامًا ليتزن برسومات فرعونية، في حي الجمالية بالقاهرة الفاطمية.

الحاج بيومى محمد تهامى، وشهرتة الشيخ بيومى النقاش، اتخذ حرفة الرسم والنقش على النحاس منذ ثلاثة عقود، تلك المهنة التى حجز بها لنفسه مكانا عريقا حتى لُقِّبَ بخبير وفنان وسفير لمصر في هذا المجال.

وقال الشيخ بيومي: “أنا عملت بهذه المهنة وعمري 12 سنة، ورغم أننى لم اتعلم القراءة والكتابة؛ لم يكن هذا عائقا أمامي لممارسة هوايتي المفضلة، وهى الرسم، وتحقيق هذا النجاح فى مهنتى”.

واضاف بيومى انه تعلم هذة المهنة على يد الاسطى حسن المجنون، حينما قابله صدفة فى ورشته ينقش على النحاس، قائلا: “عندما قابلت الاسطى حسن اخبرتة اننى استطيع ان اعمل مثله فى هذة المهنة من نقش ورسم على النحاس، فتعجب وتركنى اجرب وبفضل الله نجحت فى اول قطعه لى”.

واحترف الحاج بيومى النقش الفرعونى على النحاس، وخلال مدة قصيرة من عمله بهذة المهنة، ورغم صغر سنه؛ اصبح من أحرف من عمل بها، ولقبة شيوخ هذه المهنة “بالشيخ بيومي” وذلك لبراعته وتألقه فيها، فلم يعتمد على الرسومات التقليدية لملوك الفراعنة، ولكنة ابتكر اشكالا من وحى خياله.

وعمل “الفنان بيومى” على توسيع انتشار اللغه الهيروغليفية، فقد استخدمها فى كتابة اسماء الأشخاص، ولم تقف موهبتة فقط عند النحاس ولكن تطورت مهنته حتى امتدت الى النقش على الذهب والفضة وغيرها من المعادن، كما برع فى الرسم القبطى والاسلامى والفرعونى لكنة فضل النقش الفرعونى.

وتنتج ورشة “السفير بيومى” العديد من مشغولات النحت، فهناك الزينة والاطباق الصوانى والاكواب والديكور والمدليات وجميع المنقوشات الفرعونية و الاسلامية.

وبعد سنوات من عمل الشيخ بيومي بهذة المهنه، حقق نجاحا واسعا فى بعض انحاء العالم، ويحكي الحاج بيومى فى هذا الشأن، قائلا: “أعتبر فترة سفرى الى الدول الاجنبية ومنها أسبانيا وايطاليا والولايات المتحدة الامريكية فترة نجاح حقيقية، فقد قمت بعرض مصنوعاتي في معارض هذه الدول، وحازت على إعجاب كافة الناس”.

واستكمل بيومى حديثة، قائلا: “علشان مكنتش بعرف أكتب كنت ببعت لولادي خلال سفري رسائل مرسومة، وكانو يفهمون ما أريد قوله إليهم”.

وبالرغم من هذا النجاح الساحق الذى حققة الشيخ بيومي فى مهنتة؛ إلى أنه يأسف لحالها، لأنها على حافة الانقراض، قائلا: “لم يعد هناك من يعمل بإتقان وحرفية بالنقش”، مما دفعه الى تقديم العديد من الطلبات الى المسئولين، كي يساعدوه فى تدريب 700 شاب؛ للحفاظ على ما تبقى من المهنة، وقدم إليهم دراسه جدوى.

واكد الحاج بيومى ان رئيس الحى السابق وافق على تنفيذ مشروع تعليم 700 شاب لموهبة النقش على النحاس، وانه ترك الأمر فى سلطة من يتولى رئاسة الحي بعده.

وقال الحاج بيومى: “تقدمت بطلب لرئيس الحي الحالي؛ لتنفيذ دراسه جدوى المشروع الذى وافق عليه قبل تعيينه بهذا المنصب، ولكنه رفض.. وقال لي للأسف معندناش فلوس وابقى عدى علينا بعد شوية”.

وتوجه “بيومي” بعد مرور فترة من الزمن الى مقر حي الجمالية، ليجد امامة الصاعقة الكبرى، وكانت المفاجأة أن أحد الموظفين أخبره بأنه لايتبع لهذا الحي.. فرد قائلا: أنا مولود في الجمالية وعشت فيها واشتغلت فيها”، وتعجب بيومي من هذا الحديث، مستنكرا: أومال أنا تبع مين.. إسرائيل”.

واستغاث الحاج بيومى فى نهاية حديثه، راجيا من الله والمسئولين أن ينظروا إليه ولأمثاله بعين الرحمة، قائلا: “انا مش عاوز حاجة غير مصلحة البلد اللي بتضيع أمام عينينا”.

"النحاس بيضيع".. الشيخ تهامي: الإبداع على حافة الانقراض.. في الخارج "قدروني" وفي مصر "بهدلوني" بعد 30 عامًا في المهنة.. مبادرتي لتعليم 700 شاب على الأرفف.. وحي الجمالية قال لي: "إنت مش تبعنا"
"النحاس بيضيع".. الشيخ تهامي: الإبداع على حافة الانقراض.. في الخارج "قدروني" وفي مصر "بهدلوني" بعد 30 عامًا في المهنة.. مبادرتي لتعليم 700 شاب على الأرفف.. وحي الجمالية قال لي: "إنت مش تبعنا"
الدستور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى