الأخبار

مدارس لتعليم الرقص الهندى واللاتينى

9

«زهق وملل وأيام شبه بعضها»، كلمات رددتها الشابة العشرينية وأصحابها، الحال واحد مع اختلاف التقلبات المزاجية، قرروا كسر الروتين اليومى بخروجات مختلفة، لم تكن سوى مسكّن لحظى، ويعود بهم الحال إلى ما كانوا عليه مرة أخرى، الصدفة وحدها جعلت واحدة منهم ترى أحد الإعلانات على صفحة «فيس بوك»: «أخرج طاقتك السلبية وتعلم الرقص فى 3 أشهر».. دروس وحصص ومواعيد حضور وغياب وحياة بنظام مختلف، ولكن فى تلك المرة لتعلم شىء مختلف، الرقص اللاتينى وأصوله وحركاته بالخطوة، لم تفكر سالى كثيراً، أقدمت على الالتحاق بمدرسة الرقص وشجّعها على ذلك بعض زملائها لتتغير حياتهم بشكل كبير.

صوت موسيقى عالٍ، خطوات محسوبة، وحركات مختلفة تتناسب مع الإيقاع، من الروح، إيقاعات مختلفة تأخذك لمكان أبعد من واقعك الذى تعيشه مع بعض الملابس المريحة للحركة السريعة، فى غرفة أشبه بقاعة واسعة فارغة من أى أثاث، ترصد المرايا حركتك وانسيابية جسدك مع الموسيقى من كل الاتجاهات، كل هذه العوامل كافية تماماً لتُدخل على نفسك البهجة والراحة النفسية- هكذا تصف سالى حالها اليوم.

«البعض يرقص من أجل الرقص، والبعض الآخر يبحث عن الرجيم»، مبدآن وضعتهما بعض صفحات تعليم الرقص على مواقع التواصل الاجتماعى، مستخدمة بعض الكلمات الجذابة مثل «تخلص من مودك السيئ»، و«الانطوائية حلولها عندنا»، و«حافظ على جسمك ورشاقته على أنغام الموسيقى» و«طريق الوصول لشريك العمر يبدأ برقصة».

أنواع الرقص

إن أنواع الرقص لا تُعد ولا تُحصى، تختلف من ثقافة لثقافة ومن مجتمع لمجتمع، لكل مجتمع طُرق وأنواع رقص مختلفة، لذلك أوضحت مروة كمال، صاحبة إحدى مدارس الرقص، بعض الأنواع المتعارف عليها، وقالت: «أنواع الرقص كتير جداً، ممكن ماأقدرش أقول رقم، لأن تحت كل نوع مليون رقصة، مثلاً Bollywood هى الرقصات الهندية بمختلف حركاتها، الـBreak dance يُعتبر تطوراً من رقصة الـhip hop وهى موجودة فى الدول الأفريقية والأمريكية، وهو شبيه بالحركات البهلوانية، الـPopping اسم يطلق على حركات معينة من الرقص فى الشارع، مؤسس الرقصة هو Boogaloo sam ويُعتبر أيضاً تطوراً للـHip Hop، الـKrumping بيتميز بحركات حرة أو مُعبرة مع سرعة الجسم ويُعتبر كذلك جزءاً أو تطوراً من الـHip hop، الـLocking dance وده حركاته سريعة ومبالغ فيها وبترخى الرجلين فيها وممكن تستعمل فيه حركات كوميدية».

وأضافت: «الـTutting مصطلح مأخوذ من كلمة الملك توت الفرعونية ولكنها غير موثقة، الـRobot حركات شبه الرجل الآلى بطريقة الهيب هوب، الـZumba هو رقص إيقاعى بيحتوى على عدة عناصر من أنواع مختلفة زى الهيب هوب والسامبا والصالصا والمرنغا والمامبو، وغالباً بيؤدى لحرق كميات كبيرة من الدهون، الـTango المشهور بيها فيلم السلم والتعبان، هى رقصة لاتينية قديمة جداً ورمانسية، الـswing Dance بدأ من التلاتينات وخلفيته هى موسيقى جاز، ورقصة الـswing المشهورة جداً هى ليندى هوب، غيرهم كتير جداً من أنواع الرقصات وأغلبهم بيترقصوا فى مصر».

من الطفولة للاحتراف

تعلم الرقص فى عمر 10 سنوات، وتحول من طفل يحب أن يحرك جسده مع إيقاعات الموسيقى إلى محترف علم الأمريكان قواعد جديدة وابتكر أنواعاً وحركات جديدة فى الرقص الغربى حتى فتح مدرسته الخاصة للرقص بمصر، أحمد جمال، صاحب إحدى مدارس الرقص بالمهندسين، 35 سنة: «أنا بقالى 25 سنة برقص، فى البداية طبعاً لم أكن أتوقع إنى هكون محترف، ماعجبنيش الرقص الفردى كبداية، لكن انبهرت بعمل الفريق، بعدها اتفاجئت إنها مهنة كبيرة جداً، اشتغلت مع فرق استعراض كتير، منهم فرقة رضا، قعدت فيها سنتين، الناس اتفاجئت منى جداً وأخدتنى كمدرب محترف مش مبتدئ، الراقص المحترف عموماً هو اللى بيعمل من أى خطوة رقصة حلوة، وده إلى عاجبهم فيّا، لكن رجعت مصر، وبدأت شغل تانى لأن الشباب مزاجهم العام اتغير وكمان أصبحوا أكتر حرية وبيميلوا للبحث عن الجديد.

أنواع الناس اللى بتقابلنى مش كلها متفتحة، ولذلك ممكن تلاقى اللى جاى علشان يعاكس بنات أو فاكر إن الموضوع وراه جانب مش محترم، وفيه البنات اللى بتكون جاية علشان تعرف ولاد، وفيه ناس عايزة تتعلم بجد أو تعمل اجتماعيات، الموضوع كان صعب فى البداية لأن ثقافتنا بتمنع العقل إنه يحترم الرقص وتدركه بين أنواع الفنون، سُمعة الكلمة بالعربى أصلاً بقت سيئة إنما بالإنجليزى Dancer عادى، بدأت بصفحة على الفيس بوك، ثم حصص فى بيتى، لكن المساحة كانت دايماً عاملة أزمة، غالباً ماكانش فيه بنات بتيجى، كلهم كانوا رجالة لحد ما فتحت المدرسة دى بعد معاناة مع الحكومة وإنى ألاقى شقة ينفع تتحول لستوديو رقص وإنى أعمل أصلاً مدرسة تليق بالناس».

شأنها شأن كورسات اللغات «كل level بثمن»، تتفاوت أسعار الرقص لتبدأ من 400 جنيه فى الكورس 8 حصص، أو 75 جنيهاً للحصة، وهناك أسعار على حسب الرقصات، ومتوسط الأعمار المقبلة على مدارس الرقص بعد سؤال أكثر من مدرسة يتراوح بين 15 و40 سنة.

قال كريم شريف معرفاً نفسه بكل فخر كمدرب رقص: «أنا مؤمن بالرقص إنه منفذ للخروج من دايرة الضغوط النفسية ووسيلة لنشر السلام، الرقص مش عيب، وأنا بحاول أغيّر المفهوم الخاطئ للكلمة عند غالبية الشعب المصرى، ويمكن نجحت فى تغيير المفهوم عند ناس كتير، الدليل هو إقبال الناس على حجز الورش، أنا بدرّب 13 نوع رقص، وأشهرهم الهيب هوب والتانجو والصالصا، وأنا من أفضل 3 راقصين فى مصر ورقم 40 على مستوى الوطن العربى، طبقاً لنتيجة مسابقة لبنان التى اشتركت فيها».

البعض يذهب للرقص برغبته، والبعض الآخر لتحقيق رغبات الآخرين، مبدأ اتخذه «كريم» منذ البداية عندما أراد أن يحقق أمنية أخته الشابة التى تمنت تعلم الرقص ولكنها ماتت قبل تنفيذ حلمها، فسعى هو لتحقيقه بداية من تعلم الرقص وصولاً لكونه الآن مدرباً له، قال: «كلنا محتاجين نخرج شوية بره الصندوق، ارقصوا، الرقص مش عيب ولا بيخالف عاداتنا وتقاليدنا».

ترى ريهام أحمد، 22 سنة، أنها وجدت فى الرقص متعة غيّرت سلوكياتها بشكل كبير: «أنا فى البداية رحت أتعلم علشان أخس، بعد تانى حصة اكتشفت إن الموضوع بيدينى طاقة إيجابية وبيغير حالتى المزاجية 180 درجة فعلاً، بالنسبة للرقص الشرقى والبنات اللى بتقول نرقص فى بيوتنا وكده لأ الموضوع محتاج ليونة جامدة جداً ومش هتعرف تعمل كل الحركات صح إلا لو اتعلمتها صح، الهيب هوب محتاج خفة وسرعة بنسبة 70% علشان غالباً بيبقى فى مجموعات وبنعمل نفس الحركات فى نفس الوقت، أنا دلوقتى وقفت علشان الدراسة، بقالى 4 شهور بس هرجع فى أقرب وقت».

ومن داخل إحدى مدارس الرقص قال أحمد عاطف، 19 سنة: «الرقص هو نوع من أنواع الرياضة اللى بتساعد الشباب على التخلص من الضغوط اليومية، ماعتقدش إن فيه فرق بين الولد والبنت فى الهواية دى، فكرة إن ثقافة الرقص تمتزج مع ثقافة المجتمع هتحصل قريب جداً لكن الأسعار الغالية بتقف عائق أمام رغبات الشباب فى تعلم الرقص».

على الجانب الآخر ترى سارة علوان، 27 سنة، أنها سوف تواجه مشاكل كبيرة بسبب ثقافة المجتمع: «نفسى أتعلم الرقص الأجنبى، بس عارفة إنى هقابل مشاكل كتير لو قررت أتعلم رقص، بس ممكن أتغلب عليها باحترام الثقافة دى مع إنى أقنن أوضاع وممارسة الرقص، إنه مش فى كل مكان يعنى، الثقة هتتبنى مع الوقت، والمفهوم هيتغير».

وقال الدكتور ماهر الضبع، أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن علم النفس ينظر للرقص وظاهرة انتشار مدارسه نظرة تختلف عن عامة المجتمع، فدوافع الشباب تختلف من شخص لآخر، ويرى المجتمع أن الرقص هو نوع من الجنس المشروع، ولكن علم النفس يرى أن حركة الجسد التلقائية على أنغام الموسيقى هى وسيلة مهمة ليس فقط للاستمتاع، ولكن أيضاً للقضاء على التوتر، حيث إن التخلص من شحنات التوتر تلك يساعد فى تخفيف الضغط مما يصل بالراقص إلى الاتزان النفسى. فالموسيقى والرقص تسموان بالروح والأخلاق. ونلاحظ ارتباط كل الحضارات والديانات منذ وجود الإنسان على الأرض بالموسيقى والرقص فى الاحتفالات وغيرها من المراسم الدينية، ويستخدم علماء النفس والأطباء الفنون كالرسم والموسيقى والرقص فى العلاج، فالفنون هى غذاء الروح والسبيل لصحتها واتزانها.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى