الأخبار

«متحف الشمع المصرى».. قطط وكلاب وموظفون بـ«تمضى وتمشى»

– المتحف يضم 116 تمثالا تحكى 26 مشهدا من تاريخ مصر.. الدولة أغلقته منذ 2009 بعد حريق «الشورى»
– أمن المتحف: «محدش بقى ييجى ينضفه».. رئيس قطاع الفنون التشكيلية: تصوير المتحف ممنوع لأسباب أمنية وندرس تطويره
– مصدر مسئول: ترميمه مكلف ماديًا وليس له مخصصات مالية ولا توجد كوادر فنية مدربة
التراب يعلو تماثيله المتهالكة، القطط والكلاب حلت بديلًا عن زواره، والقمامة انتشرت فى أرجاء المكان الذى صُنف كثانى أشهر متحف شمع فى العالم عام 1950.
إنه متحف الشمع المصرى الذى لم يعد «متحفًا ولا شمعًا»، مسافة قصيرة تقطعها سيرا من محطة مترو «عين حلوان»، حتى تواجهك لافتة اختفت حروفها، بجانبها عمود هزيل يشير إلى المبنى المهمل بسهم كتب تحته «أهلا بكم فى متحف الشمع»، أسفل اللافتة تواجهك بوابة صدئة يمكنك من خلفها رؤية أكوام القمامة المتناثرة بين تماثيل حديقة المتحف المصنوعة من «الجبس» التى لا تخلو من شروخ واضحة.
يقع متحف الشمع ــ الذى تأسس عام 1934 على يد الفنان المصرى «جورج عبدالملك» ــ فى ميدان التحرير، قبل أن ينقل إلى جاردن سيتى، ومنه إلى عين حلوان عام 1950، واحتل المركز الرابع فى قائمة أفضل متاحف الشمع فى العالم، بعد متاحف فرنسا وإنجلترا وأستراليا.
يصنف متحف الشمع باعتباره متحفا «تعليميا»، ويتضمن 116 تمثالًا تحكى 26 مشهدا من تاريخ مصر منذ الأسرة الـ18 الفرعونية وحتى ثورة يوليو 1952، إضافة إلى مجموعة من التماثيل والديكورات التى تمثل «لقطة» من قصة تاريخية مصرية فى دقة متناهية تظهر فى غرف متلاصقة كل غرفة تحمل صورا حية من حياة الشعب المصرى على مدار سنوات متعاقبة».
مشاهد لانتشال صندوق النبى «موسى» وهو طفل من النيل، وفى الخلفية معابد فرعونية ونهر النيل وعرش «آسيا»، وعلاج «صلاح الدين» لـ«ريتشارد» قلب الأسد، وأسر «لويس التاسع» وخروج كسوة الكعبة من مصر، ومشهد لمصرع كليوباترا، ودخول الإسلام مصر، مرورا بأحداث تاريخية مثل حادثة دنشواى، ومشاهد أخرى للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتأميم قناة السويس، وغيرها من صور حياة المصريين فى شوارع خان الخليلى» والتى اختفت خلف الأبواب المغلقة لسنوات لم يغير شكلها سوى أكوام التراب التى التصقت بها.
لا تحاول التقاط صور داخل المتحف أو فى حديقته التى كانت تشهد زحاما يوميا بالرحلات، فالمكان أغلق بجنازير حديدية عملاقة كتب عليها «ممنوع الدخول» منذ ما يقرب من 7 سنوات.
منع رجال الأمن محرر «الشروق»، من الدخول قبل الحصول على تصريح من رئيس إدارة المنطقة القومية لقطاع الشئون التشكيلة التابع لوزارة الثقافة، وبعد جدل سمح لنا بمقابلة مديرة المتحف المهندسة أسماء إبراهيم والتى لم تضف جديدا عن هذا القرار.
وأضافت مديرة المتحف أنها تقدمت بخطة لرئاسة القطاع لتطوير المتحف، من خلال الحصول على قطعة أرض تقع خلف المتحف تتبع محافظة القاهرة لتوسيع المكان وإدخال مشاهد جديدة إقليمية لجذب المستثمرين العرب، حتى لا يتم تكليف الدولة أى أعباء مالية.
وتابعت: «المتحف أغلق منذ سنوات بعد حريق مجلس الشورى، وزارته لجنة من وزارة الإسكان وقررت أن إجراءات السلامة غير كافية، فأغلق فى عام 2009 حتى الآن لأعمال التطوير وإضافة قسم جديد يكون مخصصا للسلامة».
وأكدت أنه بالفعل تم الانتهاء من إعدد بنود إجراءات السلامة التى تحدثت عنها اللجنة، من بينها تغيير بعض ديكورات المبنى وتحويلها من أسقف خشبية إلى خرسانة، وإضافة حمامات وصرف صحى وطريق للخروج الآمن فى حالة الحريق «طوارئ»، ولكن كل ذلك لم يكن كافيا لأن اللجنة طالبت إضافة «سيستم» إنذار للحرائق، وهذا من الصعب إضافته لأنه يحتاج إلى مبالغ كبيرة.
وقال أحد افراد الأمن، الموجودين بالداخل والذى فضل عدم ذكر اسمه: «أنا مكلف بحراسة المتحف، بعد ما اتقفل ومحدش بقى بييجى عشان ينضفه»، مضيفًا أن المتحف مكون من طابق واحد وحديقة مهملة وتماثيل من «الجبس»، وموظفين «بتيجى تمضى وتمشى» ولا أحد هنا يعمل شيئًا غير الجلوس على الكرسى حتى انتهاء وقت العمل، متابعا: «أهى ماشية ومحدش عارف حاجة».
وأكد رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة خالد سرور، لـ«الشروق»، أن الحصول على تصريح لتصوير المتحف من الداخل فى هذا التوقيت أمر شبه مستحيل لأسباب أمنية، وأن عددا من المهندسين الاستشاريين تقدموا بمشروع تطوير المتحف ليصبح عالميا ويواكب العصر الحديث، وأن القطاع يدرس مقترح المهندس الاستشارى جمال عامر، الذى تقدم برسوم تخيلية تبرز شكل المتحف بعد التطوير وهو الأمر الذى يلقى إعجابا كبيرا من المتخصصين، ولكنه لم يتم الموافقة عليه إلا بعد دراسة كل المقترحات المقدمة.
وكشف مصدر مسئول فى وزارة الثقافة أن المتحف ليس له مخصصات مالية، وهذا يسبب كارثة كبيرة، وأن القضية لا تتعلق بمتحف الشمع فحسب، بل هناك أكثر من 30 متحفا مغلقا نتيجة للإهمال، وكلها تندرج تحت قطاع الفنون التشكيلية، لافتا إلى أنه تم فتح مجموعة منها على مدار العامين الماضيين فى محاولة لإعادة إحيائها، ومن ضمنها متحف محمد مختار ومتحف سعد زغلول، ومتحف أحمد شوقى.
وأوضح المصدر الذى رفض ذكر اسمه لـ«الشروق»، أن متحف الشمع من أصعب المتاحف التى يمكن ترميمها للتكلفة الباهظة التى يحتاجها لتطوير تماثيل الشمع، إلى جانب عدم وجود الكوادر الفنية المدربة على العمل فى الشمع بمصر، نتيجة لإهمال هذا الفن على مدار سنوات الماضية.
 تجديد متحف الشمع تصوير هبة الخولى
الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى