الأخبار

بالقانون يا ريس

 

13

 

فى كلمته خلال الندوة التثقيفية العشرين فى مسرح الجلاء بالقوات المسلحة صباح الأحد الماضى، كان الرئيس عبدالفتاح السيسى غاضبا بصورة غير مسبوقة من بعض ممارسات الإعلام المصرى.

الرئىس تحدث عن مناخ عام، وتحدث أيضا عن بعض الأشخاص، من دون أن يذكرهم بالاسم ثم قال بوضوح: «المرة الجاية سوف أشكوكم إلى الشعب».

بعد إذاعة الكلمة تليفزيونيا انشغل كثيرون بمعرفة من يقصد الرئيس، وانشغل آخرون بالهجوم على بعض الإعلاميين الذين اعتقدوا أن الرئيس يقصدهم، وفى برامج المساء التليفزيونية وبعض المقالات الصحفية، بدأنا نشعر بأن هناك حملة قادمة ضد أى إعلامى قد يختلف مع الرئيس.

أسوأ شىء فى هذا الموضوع أن ننشغل بالأشخاص والفرعيات وننسى القضايا والأمور الجوهرية.

أولا: من حق أى إعلامى ان يختلف مع رئيس الجمهورية ومع أى مسئول آخر، مادام الخلاف والانتقاد فى الإطار القانونى السليم وفى إطار الاحترام اللائق بمنصب رئيس الجمهورية.

ثانيا: أتمنى أن يكون الحساب والعتاب فى إطار القانون أولا وقبل أى شىء. لو أخطأ أى صحفى أو مذيع أو كاتب رأى فى رئيس الجمهورية أو أى شخص آخر غفيرا كان أو وزيرا فالأفضل أن يكون الحساب فى إطار القانون.

ثالثا: الشكوى للشعب من الإعلام قد تكون لها تداعيات صعبة وغير محمودة العواقب، فقد يفهمها البعض من محبى الرئيس وما أكثرهم على اعتبار أنها دعوة لمهاجمة وسائل الإعلام أو الإعلاميين التى قد تختلف فى الرأى أو الرؤية مع الرئيس. أدرك أن السيسى لا يقصد ذلك بالمرة، لكن المشكلة ان بعض «المحببين» لا يفهمون ذلك!!!.

رابعا: لو أن رئاسة الجمهورية أرسلت إشارة مهمة بأنها ضد الكثير من الممارسات الإعلامية الخاطئة بل والخطيرة فى الشهور الماضية، فظنى الشخصى أن ذلك كان كفيلا بعدم وصولنا إلى هذه النقطة التى اختلط فيها الحابل بالنابل، وصارت «ألفاظ سوقية شوارعية» تدخل بيوتنا وتدمر مستقبل أولادنا وأخلاقهم. وصلنا إلى مرحلة يعتقد فيها بعض الاعلاميين أن «على رأسهم ريشة» فعلا، وأنهم فوق الحساب، وللأسف فإن غالبية هؤلاء يحسبهم كثيرون على الرئيس والحكومة وأجهزتها.

خامسا: لو أنه تم الفصل بسرعة وحسم فى القضايا المرفوعة من بعض المواطنين والشخصيات العامة الذين تم اغتيالهم معنويا فى وسائل الإعلام، ما كنا أيضا قد وصلنا إلى هذه المرحلة. تخيلوا مذيعا أو إعلاميا أو صحفيا يقوم بالتهجم والافتراء واغتيال معنوى لشخصية معنية، ويقوم الأخير باللجوء إلى القضاء للحصول على حقه، ويظل هذا الأمر لسنوات، فما هى الرسالة التى تصل للجميع؟.

سادسا: الإعلام ليس كتلة واحدة، هناك كثيرون يلتزمون بالأدب والأخلاق والقواعد المهنية، وللأسف صوتهم غير مسموع أو مؤثر، وقلة تمارس «الشعوذة والشرشحة» على أوسع نطاق فى أشهر الفضائيات، ولا يقول لها أحد «عيب»، والنتيجة هى أن البعض يعتقد أن هذا هو ما ينبغى أن يكون عليه الإعلام.

سابعا: إذا كان بعض الإعلام قد أخطأ، فبعضه أيضا لعب دورا مهما فى مساندة الشعب والدولة الوطنية قبل يناير ٢٠١١ وبعده، فى وقت لم تكن هناك أحزاب فاعلة أو مجتمع مدنى قوى وحيوى، هذا الإعلام سواء كان قوميا أو خاصا هو حائط الصد الحقيقى ضد كل مهددات المجتمع والدولة.

ثامنا وأخيرا: المشهد الإعلامى برمته يعانى أزمة طاحنة مهنية ومادية تهدده فى صميم وجوده، ولابد من إعادة تنظيمه على أسس حقيقية تضمن أن يؤدى دوره فى تقديم الأخبار وتحليلها ونقد الأخطاء فى إطار القانون، بما يساهم فعلا فى تقوية المجتمع.

 

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى