الأخبار

أخطر وثائق مباحثات «كامب ديفيد» السرية

38

 

 

المخابرات الأمريكية توقعت مقتل السادات قبل اغتياله بـ5 أعوام. 

 

كما أشارت وثيقة بتاريخ 1 يونيو 1977 إلى أن الوضع السياسى والاقتصادى والعسكرى للاتحاد السوفيتى من الدول العربية الكبرى قد تآكل على مدى السنوات الخمس الماضية، ولا يظهر أى علامة على التحسن فى وقت مبكر.

 

ولفتت إلى أن الوضع المتدنى للعلاقات بين الاتحاد السوفيتى ومصر يسلط الضوء على فشل السياسة الخارجية السوفيتية تحت قيادة رئيس الاتحاد السوفيتى آنذاك ليونيد بريجنيف.

 

وأشارت وثيقة أخرى بتاريخ 1 يونيو 1976، إلى أن الإخوان المسلمين تقاضت أموالًا وأسلحة من الجماهيرية الليبية، وذلك بهدف الاستفادة من أوجه القصور فى نظام السادات، لكن على المدى الطويل.

 

وذكرت أن الجماعة تعتمد فى قوتها على أسر التجار وأصحاب المتاجر والفلاحين، حيث تهدف إلى خلق نظام وصفته بأنه خليط سياسى إسلامى أصولى فى ظل إصلاحات اجتماعية حديثة.

 

وتحدثت وثيقة تتناول وضع الرئيس السادات ومدى سيطرة نظامه على البلاد، عن قلق المخابرات الأمريكية من تعرض السادات للاغتيال، معتبرة أنه الخطر الوحيد الذى يهدد حياته، وقالت: «فى ما عدا رصاصة قاتل أو أزمة قلبية أخرى، فلا يوجد أى تهديد للسادات».

 

ورأت الوثيقة أن السادات يبدو مسيطرًا على مقاليد الأمور فى البلاد، لكن معلومات من مصادر مختلفة تقدم صورًا مختلطة حول مدى سيطرة نظامه والدعم الذى يتلقاه داخليًّا كقائد للبلاد، لافتة إلى دعم المؤسسة العسكرية وإخلاصها له.

 

لكنها استدركت بالقول إن فئة الضباط ليسوا بمأمن من التأثر بأنشطة العناصر اليسارية، والإخوان، والناصريين، لافتة إلى عقبات أخرى تواجه السادات مثل الكساد الاقتصادى والتضخم التى يعانى منها الفقراء والطبقة العاملة، ورجحت أنه ليس من المحتمل الإطاحة بسلطة من السلطات، إذا استمر دعم الجيش له.

 

القيادة المصرية لم تكُن تثق بموشى ديان وزير الدفاع ووثقت بعزرا فايتسمان. 

 

وفى وثيقة استخباراتية بتاريخ 1 سبتمبر 1978 جاء أنه «خلال بلورة اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وجد الجانبان كثيرًا من الصعوبة فى منح بعضهما الثقة لبعض، الأمر الذى لاحظته واشنطن فى نظرة الرئيس المصرى الأسبق أنور السادات لوزير الخارجية الإسرائيلى حينئذ موشى ديان، الذى شغل منصب وزير دفاع تل أبيب فى الماضى، وألحق بالقاهرة الهزيمة عام 1967».

 

وأضافت الوثيقة أن جلسة «عقدها كارتر مع مجلس الأمن القومى قبل أيام معدودات من بداية المحادثات الخاصة بكامب ديفيد، قام الحضور بإعطاء تحليلات للرئيس الأمريكى عن السادات وبيجن وعن طاقمى التفاوض المصرى والإسرائيلى، وقام صموئيل لويس السفير الأمريكى بتل أبيب وقتها بفحص أعضاء الوفد الإسرائيلى والديناميكية والنشاط فى ما بينهم».

 

ونقلت عن لويس وصفه لديان خلال الجلسة بأنه «لديه تأثير خاص على المحادثات، كما أن ديان ووزير الدفاع عزرا فايتسمان يرون فى المحادثات نقطة تحول أكثر مما ينظر بيجن للأمر»، لكنه أشار -بموجب الوثائق الاستخباراتية- إلى أن الرئيس المصرى يثق بفايتسمان أكثر من ديان، مضيفا «فايتسمان كان عمليا وحريصا جدا على عدم إضاعة الفرصة لتحقيق السلام، كما أنه مقتنع بأن الرئيس المصرى أكثر أمانة وصدقًا.

 

وفى وثيقة أخرى تعود إلى عام 1977 بعنوان «معضلة جائزة نوبل للسلام الخاصة بالسادات»، جاء فيها أن السادات يريد أن يتم ذكره باحثًا عن السلام، ولديه رغبة شديدة فى الشهرة وأن يكون له مكانته فى التاريخ»، مضيفة أن «المعلومات الشخصية التى جمعها رجال السى أى ايه عن السادات وبيجن جاءت عبر الحديث مع عناصر حكومية كان لها علاقات وصلات شخصية مع كل من الرجلين».

 

باحثون فى التاريخ: نشر الوثائق أمر يتعلق بالديمقراطية.. والدول الديكتاتورية هى التى تخفى وثائقها.

أبو غازى: لا بد من تقليص مدة الإفراج عن الوثائق.. وعفيفى: حرية الحصول على المعلومات أكبر ضمانة للأمن القومى.

متى تُفرج مصر عن وثائق مباحثات السلام مع إسرائيل؟

 

الحق فى الحصول على المعلومة من الحقوق التى نصَّت عليها المواثيق الدولية التى صدَّقت عليها مصر وأغلب دول العالم، إلا أن مصر لا تهتم بتنفيذ هذا الحق لمواطنيها، بخصوص الأحداث التى مر عليها قدر من الزمن ولم تفرج عن الوثائق التى تخصها، رغم ما قامت به دول أخرى تتقاطع مع مصر فى هذه الأحداث، ففى سبتمبر الماضى أفرجت إسرائيل عن وثائق تخص فترة الحرب مع مصر، وهذه الأيام أفرجت الولايات المتحدة الأمريكية عن وثائق تخص معاهدة السلام واتفاقية كامب ديفيد، والتحذير من مقتل السادات، وقيام ليبيا بتمويل الإخوان عام 1976 للانقلاب على السادات، فى مقابل صمت تام من الحكومات المصرية المتعاقبة.

 

وزير الثقافة الأسبق، والباحث الدكتور عماد أبو غازى قال لـ«الدستور الأصلى»، إنه يتم الإفراج عن الوثائق المصرية التى مر عليها مدة السرية حسب القانون الحالى، لافتا إلى أن أقصى مدة سرية هى 50 سنة، وأبدى اعتراضه عليها باعتبارها فترة كبيرة جدا، مشيرا إلى أن كل دول العالم قلَّصت من هذه المدة إلى 25 أو 30 سنة.

 

أبو غازى أشار إلى أن القانون الحالى يعفى بعض الجهات فى الدولة من إعلان الوثائق التى لديها، لافتا إلى أنه يترتب على عدم إظهار الوثائق يؤدى إلى عدم استطاعة الباحثين المصريين عمل دراسات وأبحاث تاريخية تشير إلى وجهة نظر مصر. الوزير الأسبق قال «نحتاج إلى قانون وثائق جديد يقلّص مدة الإفراج عن الوثائق ويجعل جميع الجهات تضع وثائقها فى الهيئة العامة للوثائق».

 

رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة الدكتور محمد عفيفى، قال إن مشكلة المجتمعات غير الديمقراطية أنها تخاف من الإفراج عن الوثائق. ولفت إلى أنه فى أمريكا وإسرائيل حرية الحصول على المعلومات حق مقدس، والدول مجبَرة على نشر وثائقها لأن الحصول على المعلومات شرط من شروط الديمقراطية. عفيفى أشار إلى أن المشكلة فى حجب الوثائق هو عدم وجود حملات إعلامية ومطالبات بنشر الوثائق، حتى تعرف الحكومة أنها رغبة الرأى العام. أما أستاذ التاريخ فأوضح أن الأهم هو وضع قوانين منظمة تكون أكثر ديمقراطية، تتيح حرية المعلومات للصحفى والباحث والمواطن العادى باعتبارها أكبر ضمانة للأمن القومى.

 

الكاتب الصحفى صلاح عيسى قال إن القانون المصرى للوثائق به عيوب شديدة ونقص فى النصوص التى لا تكفى لإلزام الجهات المتعلقة بالوثائق بنشرها، موضحا أنه حتى الآن كل الوثائق التى نُشرت عن معاهدة السلام، واتفاقيات «كامب ديفيد» كانت من قِبل أمريكا وإسرائيل، أو بعض المصريين الذين شاركوا فى ذلك الوقت ومنهم محمد إبراهيم كامل وزير الخارجية الأسبق، صاحب كتاب «السلام الضائع فى كامب ديفيد»، ومذكرات بطرس غالى أمين عام الأمم المتحدة الأسبق، ومذكرات كمال حسن على، وزير الحربية وقتها.

 

عيسى أشار إلى أنه انتهى منذ سنوات من مشروع قانون للوثائق وقدمه إلى مجلس الوزراء، ولكنه تعثر لأن هناك الكثير من الاعتراضات من القوات المسلحة على نشر تلك الوثائق العسكرية وكذلك وثائق الأمن السياسى الداخلى والأمن الجنائى، مضيفا أن هناك العديد من الوثائق القومية لا تزال أجزاء كثيرة منها لم تسلَّم إلى دار الوثائق ولم يتم الكشف عنها.

 

وأوضح أن القانون المصرى للوثائق ينص على أن الوثائق يتم الكشف عنها بعد 30 إلى 50 سنة حسب أهميتها، ولا يجوز بعد 50 سنة عدم الكشف عنها وجعلها فى طى الكتمان، مشيرا إلى أنه على دار الوثائق الحفاظ على سريتها وعدم نشرها إلا فى وقت الكشف عنها، مضيفا أن هناك وثائق كثيرة تعرضت لذلك وبالتحديد تلك الخاصة بحرب 1956 وحرب 1967 واتفاقية كامب ديفيد.

 

بيجن كان لديه هاجس التفاصيل التافهة.. بينما فضل السادات الحديث بشكل عامّ.

كارتر: الوثائق ساعدت فى التحضير للتفاوض بشأن ما أصبح أول معاهدة بين إسرائيل وأحد جيرانها العرب. 

 

رفعت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى آى أيه» صفة السرية عن 1400 صفحة من الوثائق الاستخباراتية المرتبطة باتفاقية كامب ديفيد التى وقعتها إسرائيل ومصر عام 1978 بواسطة الرئيس الأمريكى جيمى كارتر.

 

وتضم مجموعة الوثائق المنشورة تحت عنوان «الرئيس كارتر ودور المخابرات فى اتفاقية كامب ديفيد» الملفات السياسية والشخصية لأنور السادات ومناحم بيجين اطلع عليها كارتر قبل انطلاق قمة كامب ديفيد التى استمرت 13 يوما.

 

تلك الوثائق كما أشارت الاستخبارات المركزية الأمريكية تهدف إلى دعم الجهود الدبلوماسية لإدارة كارتر التى تؤدى بدورها إلى مفاوضات كارتر مع الرئيس أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجن فى كامب ديفيد فى سبتمبر 1978.

 

كما كشفت «سى آى أيه» عن ملخصات اجتماعات مجلس الأمن القومى الأمريكى والاجتماعات الرئيسية بين المسؤولين الأمريكيين والمصريين والإسرائيليين وتغطية الفترة من يناير 1977 إلى مارس 1979.

 

وتشير الوثائق إلى أن الوكالة اعتبرت فى يناير عام 1977 أن التطورات فى المنطقة، بما فيها الصلح بين مصر وسوريا ووقف إطلاق النار فى لبنان، واستعداد السعودية لتحقيق تقدم فى «الخلاف الفلسطينى-الإسرائيلى» خلقت ظروفا ملائمة لإطلاق مبادرة عربية واسعة للسلام بقيادة مصر وبدعم من السعودية.

 

كما تشير وثيقة استخباراتية سرية صدرت فى الوقت نفسه إلى تراجع توريدات الأسلحة السوفيتية إلى مصر بعد حرب عام 1973 وإلى التسلح فى إسرائيل مما أسفر عن تراجع قدرة مصر على شن الحرب ضدها.

 

وجاء فى مذكرة سرية أرسلها مستشار الأمن القومى زبجنيو بريجنسكى، لكارتر أن السادات «لا يستطيع أن يفشل وهو يعرف ذلك، ويظن كل من السادات وبيجين أنك أيضا لا تستطيع أن تفشل، لكن بيجين يعتقد على الأرجح، أن فشل كامب ديفيد سيلحق ضررا بك وبالسادات، دون أن يمس به». كما أنه «سيكون عليه السيطرة على الإجراءات منذ البداية».

 

وقال بريجنسكى لكارتر فى 31 أغسطس 1978: «الخطر هو أنك قد تفقد السيطرة على المحادثات ويتم تحويلها من قضايا مركزية إما عن طريق حرفية بيجن أو عدم دقة السادات».

 

وتكشف الوثائق التى رفعت عنها السرية تفاصيل التطورات الدبلوماسية حول الهجوم على السلام العربى ورحلة السادات إلى القدس فى أنحاء المنطقة العربية بأسرها.

 

كما تطرح تقديرات المخابرات الأمريكية الوطنية بشأن مصر والتوازن العسكرى فى الشرق الأوسط، وتقدم مختارات من كتاب موجز أعدته «سى آى إيه» بشأن كامب ديفيد للرئيس كارتر.

 

ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية عن كارتر قوله إن الوثائق ساعدت فى التحضير للتفاوض بشأن ما أصبح أول معاهدة بين إسرائيل وأحد جيرانها العرب، كما ذكر أن تحليلات الشخصية للرجلين قد تستوجب الحديث معهما بشكل منفصل. حيث أشار إلى أن بيجن كان لديه هاجس التفاصيل التافهة، بينما فضل السادات الحديث بشكل عام، وغالبا ما تنطوى على الخطابات الطويلة فى التاريخ. أما السادات فوصفته بأنه «الثورى السابق ومتحمس للقوميين.. وقائد معتدل وسياسى ودبلوماسى براجماتى».

 

بشكل منفصل، قال كارتر إن بيجن قد طلب من نظيره الأميركى أن يوقع على ثمانى صور لأحفاده. وكتب رسائل إلى كل منهم باسمه وسلم التذكارات إلى بيجن شخصيا. وأضاف كارتر «بكى، وأنا أيضا».

 

وجاء فى الملف الشخصى الخاص بالسادات أنه معروف بمقاربته الواقعية للسياسة ونظرته الثاقبة والقدرة على اتخاذ قرارات مفاجئة وشجاعة. وبالنسبة لبيجن «إن الوضع معقد بسبب عدم استقرار حالته الصحية، بالرغم من إنكار الأطباء أنه فى حالة خطيرة، حيث إن التحالف وقادة حزب العمل بالفعل يتنافسون على المنصب».

 

ووصف كارتر اليومين الأول والثانى من المفاوضات فى كامب ديفيد بـ«الكارثة»، مؤكدا أنه «كان يتحدث إلى الإسرائيليين عندما كان المصريون نيامًا، وحين ينام الإسرائيليون، يتحدث إلى المصريين». كما تظهر الوثائق مختلف ردود الفعل على اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وبالدرجة الأولى الغضب الفلسطينى بسببها.

 

وفى 16 أغسطس 1978، وذلك قبل بدء محادثات كامب ديفيد وقت قصير، الاستخبارات لاحظت أن المملكة العربية السعودية كانت تشير إلى حلفائها العرب لدعم مثل هذه المفاوضات «وتحاول إقناعهم بوقف التعليق على الاجتماع. حتى تكون النتيجة معروف».

 

السادات لقى دعمًا قليلاً فى العالم العربى بعد زيارته إسرائيل

 

من بين الوثائق التى تم تسريبها، الوثيقة رقم 296 التى وصفت بأنها «سرية للغاية»، والصادرة بتاريخ 19 نوفمبر 1977، وكانت مرسلة من هارولد سوندرز، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، وألفريد أثرتون، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، إلى وزير الخارجية الأمريكية هنرى كسنجر آنذاك.

 

الوثيقة كانت تحت عنوان «تحليل للتطورات العربية الإسرائيلية»، وورد فيها تعليقات على ردود الفعل العربية على زيارة الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات، حيث وصفتها بأنها «أصبحت عنيفة وعدائية بصورة متزايدة».

 

وأشارت إلى المظاهرات التى اندلعت ضد السادات فى بيروت، والعديد من المدن الليبية، وإلى مكاتب الطيران المصرية التى تم تفجيرها فى بيروت ودمشق، وإلى اقتحام محتجين فلسطينيين للسفارة المصرية فى أثينا وأسفرت عن مقتل شخص.

 

كما لفتت الوثيقة أن السادات لاقى دعمًا قليلًا لزيارته إلى إسرائيل فى العالم العربى. وتابعت أن الهجمات الحادة من منظمة التحرير الفلسطينية والعراق وسوريا وليبيا على ما يبدو أرهبت دولًا مثل لبنان والأردن والمغرب والسودان التى لديها أسبابها السياسية الخاصة لتجنب اشتباك مع منتقدى السادات. باستثناء تونس هى التى وقفت بقوة وراء السادات، حسب الوثيقة.

 

الوثيقة تابعت أن رد فعل السعودية العربية كان «مثيرًا للقلق بصورة خاصة»، ووصفته بأنه «رد فعل عدائى». حيث أصدر الملك خالد العاهل السعودى آنذاك بيانًا تبرأ فيه من زيارة السادات التى انتقدها بقوله إنها «تقسم العرب».

 

كما تطرقت الوثيقة إلى رد فعل وسائل الإعلام السوفيتية التى استمرت على حد ما جاء فى الوثيقة، فى تناول زيارة السادات بشكل سلبى. مستطردة أن الانتقادات على الرغم من ذلك ظلت على المستوى الروتينى.

 

وأضافت الوثيقة أنه لم يكن هناك أى تعليق من القيادة السوفيتية، وظل الكرملين حذرًا بشكل نسبى حول تحديد وجهات نظره الخاصة عن الزيارة ونتائجها المحتملة.

 

مشيرة إلى أن موسكو فى الوقت ذاته منحت دعمًا ضمنيًّا إلى معارضى الزيارة. ولفتت أن الكرملين على ما يبدو كان قلقًا بشكل أكبر من خطوة السادات «الجريئة»، على حد وصفها، التى لم تكن موسكو تتوقعها، حيث كان من الممكن أن تقوض احتمالات إجراء محادثات جنيف.

 

كما قالت الوثيقة إن الإعلام الروسى كان يشدد على أن السادات يقوض الوحدة العربية ويقدم تنازلات لإسرائيل، ما بدوره سيؤجج العند الإسرائيلى.

 

أيضا شملت الوثيقة تعليقًا على ردود أفعال الإعلام الإسرائيلى ووصفته بـ«السعيدة لكن مع توخى الحذر»، وأنه كان موضوع «الزيارة كانت مهمة، لكن لا يتوقع منها أى تطورات هائلة»، هو ما كان يسيطر عليها آنذاك.

 

وأضافت أن رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك مناحيم بيجن، وآخرين، كانوا يتوخون الحذر من الخوف العربى من أن مصر وإسرائيل ربما كانا يتحركان نحو اتفاق منفصل، شددوا على أنه لا توجد نية لتقسيم العرب، وأن تركيز إسرائيل كان لا يزال على جنيف.

 

علاوة على ذلك، عكس الإعلام الإسرائيلى وجهة النظر التى تبناها وزير الخارجية الإسرائيلى آنذاك موشى دايان، من أن المبادرة التاريخية التى قام بها السادات وضعت إسرائيل فى موقف دفاعى عن عملية السلام، حسب الوثيقة.

 

وأشارت الوثيقة إلى أن موقف بيجن فى بلده آنذاك كان قويًّا بشكل كافٍ، وأنه كان من المحتمل على دراية بأن زيارة السادات قد أثارت جدلًا داخليًّا غير مسبوق فى ما يتعلق بالمزاعم حول التعامل مع العرب.

 

عزل الجمسى وفهمى جزء من إعادة تشكيل الحكومة والاستعدادات لتنفيذ اتفاقات «كامب ديفيد»

 

أشارت إحدى الوثائق إلى أن الإعلان عن عزل كل من وزير الدفاع المشير عبد الغنى الجمسى ورئيس الأركان محمد على فهمى من مناصبهم، ربما يكون جزءًا من إعادة تشكيل الحكومة والاستعدادات لتنفيذ اتفاقات (كامب ديفيد) للرئيس السادات، على الرغم من أن الإعلان كان مفاجئًا وغير عادى.

 

وذكرت أنه وفقا لتقارير إعلامية، فإن كلا من الجمسى وفهمى تم تعينه مستشارًا عسكريًّا للرئيس السادات، ومن الممكن أن يشمل دور الجمسى مستشارًا خاصًّا بشؤون مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل.

 

وأشارت الوثيقة التى تحمل تاريخ 4 أكتوبر 1978 إلى أنه تم إعلان اسم البديل لفهمى، ولكن على ما يبدو أنه سوف يتم الإعلان عن خليفة الجمسى من قبل رئيس الحكومة الجديد مصطفى خليل، الذى يتوقع أن يعلن تشكيل حكومة جديدة فى غضون أسبوع.

 

الوثيقة قالت إن مصادر من السفارة الأمريكية فى القاهرة ذكرت أن كمال حسن على، رئيس المخابرات المصرية العامة، سوف يحلّ محل الجمسى، وهو أحد مستشارى السادات الأكثر ثقة ويتمتع بعلاقة شخصية مع السادات والقوات المسلحة، وهو ما لم يكن متوافرًا لدى الجمسى على الإطلاق.

 

ولفتت الوثيقة إلى أن الإعلان عن عزل الجمسى يبدو أنه يتم التعامل معه من قِبَل الصحافة بعدم اهتمام ملحوظ. وأضافت أن من الممكن أن يكون تحذير السادات للصحافة فى خطابه فى وقت سابق من هذا الأسبوع بأن تكون أكثر حذرًا فى التعامل مع الأحداث الإخبارية سبب هذا الشكل المفاجئ، والتغيير يمكن أن يتضح بشكل أكبر عندما تتلقى الصحافة التوجيهات من مكتب الرئيس السادات.

 

وأشارت إحدى الوثائق إلى التغييرات التى أقرها الرئيس السادات فى الحكومة، والبنية السياسية للبلاد، وذكرت أن هذه التغييرات تُعتبر تراجعًا فى سياسة السادات التحررية.

 

إذ قالت إن السادات أطاح بأربعة من أقرب ستة مستشارين له، هم سالم والجمسى وأشرف مراون ورئيس مجلس الشعب سيد مرعى، أما الاثنان الباقان فهما نائبه مبارك، ورجل الأعمال عثمان أحمد عثمان، الذى لم يكن يشغل منصبًا رسميًّا لكنه قريب من السادات بحكم المصاهرة.

 

واعتبرت أن مبارك هو المستفيد الرئيسى من التغييرات السياسية التى أجراها السادات فى هذا العام، وعلى الرغم من أى دور يمكن أن يكون مبارك قد لعبه فى هذه التغييرات، فإن تفسيرها بيد السادات، ويبدو أن دور مبارك يتمثل فى أنه سيكون الوكيل التنفيذى للسادات، يشرف على أداء الحكومة، وتطبيق نهج السادات التصحيحى.

 

 

 

الدستور الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى