الأخبار

عماد اليد حسين يكتب: يا دكتور بلتاجى معركتكم ليست مع المسيحيين ولا مع ساويرس.. هى ضد الجهل والتخلف والأمية وقلة الانتاج

 

 

 

إذا كان الدكتور محمد البلتاجى المحسوب على معسكر المعتدلين داخل جماعة الإخوان قد انزلق للأسف وتحدث حديثا طائفيا فكيف يكون الحال مع المحسوبين على معسكر الصقور؟!.

 

كل من يعرف محمد البلتاجى يدرك انه عقلانى وهادئ ومنفتح على الآخرين بمن فيهم الأقباط، ولذلك عندما يقف على منصة مظاهرة الإخوان فى ميدان رابعة العدوية يوم الثلاثاء الماضى ويقول إن 60٪ من المعتصمين أمام قصر الاتحادية هم من الأقباط، فقد جعل نفسه  ترسا فى آلة جهنمية اسمها الفتنة الطائفية.

 

لم أحزن عندما أطلق صفوت حجازى ما سماه تحذيرا إلى الأقباط فى نفس اليوم والمكان قائلا: «إياكم والتحالف مع الفلول».

 

حجازى صارت مواقفه أكثر تطرفا فى الفترة الأخيرة، صرنا نلاحظ أن مساحة التطرف داخل المعسكر الإسلامى تتسع، بل وصرنا نسمع  البعض يتصرف وكأنه قائد وليس زعيما حزبيا أو حتى داعية.

 

لكن أن يصل الأمر إلى البلتاجى فذلك مؤشر خطر يدل على حجم الأزمة التى يعيشها المجتمع، والأكثر خطورة اننا نفقد كل يوم عقلا متفتحا داخل تيار  الإسلام السياسى نراهن على حكمتهم لمواجهة طوفان التكفير والتفكير الأحادى.

 

أزعم اننى أعرف البلتاجى جيدا منذ مشاركته فى رحلة السفينة مرمرة التى احتجزتها سلطات الاحتلال الإسرائيلية قرب شواطئ غزة فى 2010، هو شخص مثقف منفتح على الآخرين خلافا لكثيرين داخل المعسكر الإسلامى ولذلك عندما تحدث البلتاجى عن المسيحيين و«الستين فى المائة» أصيب كثيرون ــ خصوصا أولئك الذين يقدرونه ــ بصدمة شديدة.

 

لا اعرف كيف توصل البلتاجى إلى معرفة دين المتظاهرين أمام قصر الاتحادية، هل جعل الجميع يرفع يده لكى يرى علامة الصليب، أم سأل كل شخص على حدة عن دينه؟!.

 

سألت قياديا إخوانيا عن تفسيره لكلام البلتاجى، فقال قد يكون التقدير صحيحا، لكنه اخطأ بالكلام عنه علنا أمام الإعلام. ثم سألت شخصا آخر فقال انه يعتقد أن تقارير رسمية أو شبه رسمية هى التى استقى منها البلتاجى تقديراته؟!.

 

سألت نفس المصدر وهل التقارير الرسمية مهمتها أن تعرف دين المتظاهرين، ثم كيف وصلت هذه التقارير إلى البلتاجى أو غيره؟.

 

أما السؤال الأهم، وحتى إذا كان الذين يتظاهرون أمام الاتحادية أو فى أى مكان آخر كلهم من المسيحيين فما هو المانع طالما انهم يتظاهرون سلما؟!.

 

والسؤال البسيط لكل من تحدث بنفس اللغة: ما هو الفارق إذا كان الاقباط 10٪ أو 60٪ من المتظاهرين؟!.

 

من حق الأقباط أن يحتجوا على مسودة الدستور مثلما هو حق للمسلمين، وسائر طوائف وفئات المجتمع وليكن الفيصل هو القانون.

 

أخشى أن يكون التصويب والتدشين الأخير من بعض قادة الإسلام السياسى على الأقباط محاولة للهروب من جوهر الأزمة وهى الدستور ومواده، والإعلان الدستورى وآثاره المتبقية.

 

وحتى اذا صحت نسبة المشاركة وتم التأكد انها لأهداف طائفية كان يمكن الحديث بسرية مع قادة الكنيسة او الجهة التى نظمت ذلك بدلا من هذه الفتنة المجانية والعبثية.

 

تقديرى الذى رأيته بنفسى خلال أكثر من مظاهرة فى الأسابيع الأخيرة أن المتظاهرين من جميع الاتجاهات والتيارات السياسية بمن فيهم بعض أنصار د.عبدالمنعم أبوالفتوح.

 

من موضع الحب والتقدير للدكتور البلتاجى اتمنى منه ومن كل قادة التيار الإسلامى ــ خصوصا العقلاء منهم ــ أن يبتعدوا تماما عن لعبة التصنيف الطائفى. هذه كانت «الكارت الذهبى» للحزب الوطنى وأجهزته القمعية، يخرجه من جرابه عندما يجد نفسه فى «خانة اليك».

 

يا دكتور بلتاجى معركتكم ليست مع المسيحيين ولا مع ساويرس.. هى ضد الجهل والتخلف والأمية وقلة الانتاج.. وضد الفاسدين واللصوص مسلمين كانوا أو مسيحيين.

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى