الأخبار

طز فى هويتكم!!

 

18

 

معلوم «طز» هى كلمة تعنى فى اللهجات العامية العربية اللامبالاة والسخرية، وكلمة «طز» عثمانية الأصل تعنى «ملح» عندما كان الأتراك يسيطرون على العرب فى مراكز التفتيش. كان العرب يذهبون لمبادلة القمح بالملح.. فعندما يمر العربى خلال بوابة العسكرى التركى وهو يحمل أكياس الملح يشير إليه الخنزؤوووور بيده إيذانا بالدخول ودونما اكتراث بقول (طز) (طز) (طز)، فيجيب العربى (طز) بمعنى أنه فقط (ملح) أى لا شىء ممنوع أو ذا قيمة يستحق التوقيف، فيدخل دون تفتيش.

وبالمثل عندما كان الإخوان يسيطرون على المصريين فى مراكز التفتيش. كان المصريون يذهبون لمبادلة الحلم بالملح.. يمر المصرى وهو يحمل «حلم» الدولة المدنية الحديثة، يشير إليه الإخوانى الخنزؤوووور بيده إيذانا بالدخول، ودونما اكتراث يقول الإخوانى (طز) (طز) (طز) فيجيب المصرى (طزين وحتة)، بمعنى أنه فقط «حلم» فيدخل دون تفتيش، المصرية «هوية» تضج مضاجع الإخوان والسلفيين ومن والاهم والتابعين.

أعجب وينال منى العجب، وأراهم يتحدثون عن الهوية بضم الهاء، وهم من قالوا يوما بوقاحة «طز فى مصر»، من بصق فى وجه مصر يوما ليس له أن يتملى فى وجهها الصبوح، وطز مقابل طز، وطز وطز وطز، والبادئ أظلم، مهدى عاكف أظلم عندما قال «طز فى مصر»، وبالمثل «طز فى الإخوان»، طز فى وجه من قالوا (لا) للمصرية فى وجه من قالوا (نعم) للمصرية التى بها يتشرفون، لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا.

على كل حال «طز» تعنى لا شىء، لا قيمة، لا وزن، لذا كانت قاسية «طز فى مصر» التى رمى بها المصريين «عاكف»، جاءت كطلقة غادرة أصابت وترا حساسا، نكأ جرح المصريين منذ كانوا يحملون أكياس الملح، رش عاكف الملح على الجرح، تأوه المصريون، كرهوا عاكف والإخوان إلى يوم الدين، صار الإخوان أعداء المصريين أقباطا ومسلمين.

كان أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد يعتبر أن «الأرض» هى التى تمنح الهوية وليس الدين ولا اللغة، وعن ذلك يقول المؤرخ الإنجليزى ألبرت حورانى: «كان لطفى كغيره من المفكرين المصريين، لا يحدد الأمة على أساس اللغة أو الدين، بل على أساس الأرض، وهو لم يفكر بأمة إسلامية أو عربية، بل بأمة مصرية، أمة القاطنين أرض مصر».

حاول لطفى السيد تعريف الهوية المصرية بصورة تتخطى الإسلام والعروبة، متسائلا: كانت مصر جزءا من المحيط الثقافى اليونانى اليونانية والرومانية والسياسية لأكثر من 1000 سنة، فكيف يمكنها تجاهل هذا الجزء من تراثها؟!

الدين واللغة إذن لا يمنحان هوية وطنية- كما يرى أستاذ الجيل- بل الأرض هى التى تُبنى عليها الأوطان، فالهوية الوطنية هى انتماء شعب ما لأرض مستقلة ومحررة وتكوين حضارة تاريخية وطنية بكل تجلياتها على هذه الأرض، وهو ما يعطى مفهوم الأوطان.

إنه الحديث القديم المتجدد دائما، ربما صار اليوم حديثا محموما على ألسنة الكثير من العاديين، ليس فقط لأننا لم نحسم الخلاف بعد، لكن لأن هناك تيارا أصوليا سياسيا مثل الإخوان (القطبيين) والسلفيين (الجهاديين) يريد أن يدخل مصر فى هوية جديدة، هى الهوية الأصولية على النسق الطالبانى.

يبحث المصريون عن هويتهم من خلال الدستور الذى يجرى إعداده على غير ما يهوى الكثيرون، يخشون ضياعا للمصرية فى غيابات جب سحيق، يخشون أن تفلت من أيديهم تلك اللحظة التاريخية فيعودون مرة أخرى بخفى حنين إلى نغمة أصولية تبصق فى وجوهنا «طز فى مصر»!

 

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى