الأخبار

كمال.. يطلق خيال الأطفال بالرسم

190

 

وسط الحر القائظ، تتطلع حوالى ثلاثين زوجاً من الأعين تجلس أجساد أصحابها على الأرض الطينية، نحو كرسى خشبى متهالك يجلس عليه رجل أربعينى فى قميص أبيض، يمد يديه بين دقيقة وأخرى لتصحيح وضع النظارة الطبية التى تسقط عن أنفه فى غمرة انفعاله بينما يتحدث عن صلة الديانة المصرية القديمة ومظاهر التعبير عن الحياة فى ذلك الوقت الغابر، بقيم وتقاليد المصريين ومظاهر حياتهم الدينية والاجتماعية فى وقتنا المعاصر.

من قرية إلى قرية، ومن محافظة للتى تليها يدور الحوار ذاته، تكاد أسئلة الأطفال تتكرر ويتعامل معها الفنان والناقد التشكيلى «محمد كمال» بالكيفية ذاتها. أثناء الحديث تمتد أيد لطفلين أو ثلاثة تتحسس الأرض الطينية المحيطة، يرفعون حفنة من الطين ويتلمسونها، تتكرر اللقطة ذاتها فى أكثر من قرية، وفى كل مرة يلوح شبح الابتسامة ذاتها من رد فعل الأطفال على وجه الفنانين التشكيليين الشباب، الذين أتوا من القاهرة ومحافظات أخرى، للمشاركة فى إدارة ورش التصوير والرسم للأطفال المتناثرين فى القرى الفقيرة فى مختلف محافظات الدلتا والصعيد.

يلخص الناقد محمد كمال فلسفة الورش بقوله: «التربية الفنية فى المدارس تعبر عن مأساة حقيقية، تقوم على (تقزيم) خيال الأطفال وتهميش دور المعرفة، يسجن الأطفال فى بيئات مغلقة داخل حصص الرسم وتحرم أعينهم من الألوان وتحرم أذهانهم من التعرف على تاريخهم وتراثهم المتواصل. ويسقط من وجدانهم أن الفن ليس مجرد منهج يجب النجاح فيه للانتقال للعام الدراسى التالى. ما نقوم به فى هذه الورش على محدودية الإمكانات المالية والبشرية هو محاولة لكسر هذا الحصار على خيال الأطفال وأذهانهم.

المصري اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى