اخبار عالمية

خطر الحرب الإيرانية في الخليج.. ورد الفعل الأمريكي على سياسة حافة الهاوية

تصاعدت حدة التوترات بين إيران والعالم الخارجي، منذ الهجوم الذي تعرضت له أربع ناقلات نفط في 12 مايو الماضي بالقرب من مضيق هرمز، والذي أعقبه هجوم على ناقلتين أخريين في 13 يونيو الجاري، وقد وقع الهجومان في خليج عمان.

وبعد الهجوم الثاني، حذرت رابطة الناقلات إنترتانكو INTERTANKO، من الأخطار التي تتعرض لها تجارة الطاقة العالمية.

وقال باولو داميكو، رئيس رابطة الناقلات،: “عقب هجومين على سفينتين أعضاء هذا الصباح، أشعر بالقلق البالغ بشأن سلامة مرور أطقمنا عبر مضيق هرمز”.

وأضاف: “يجب أن نتذكر أن حوالي 30% من النفط الخام (المنقول بحرًا) في العالم يمر عبر المضيق (هرمز)، وإذا أصبحت المناطق البحرية غير آمنة، فإن الإمدادات للعالم الغربي بأكمله يمكن أن تتعرض للخطر”.

وقال جيكوب بي. لارسن، رئيس الأمن البحري في بيمكو BIMCO، أكبر رابطة للنقل البحري الدولي في العالم، إن الرابطة “ترى أن هذا تصعيد للوضع، ونحن على وشك أن نشهد حربا رغم عدم وجود أي نزاع مسلح فعلي، لذلك فإن التوترات مرتفعة للغاية”.

وقد يبدو خطر الحرب مع إيران بعيدا بالنسبة للكثيرين في الولايات المتحدة وأوروبا، ولكن تداعياته الاستراتيجية أصبحت واضحة للغاية بعد ساعات فقط من الهجوم الأخير.

وأدى الخوف من حدوث المزيد من الهجمات، وتوقف التصدير المستمر للنفط إلى زيادة السعر العالمي للنفط الخام بنسبة 4%.

ويقول أنتوني كوردسمان، أستاذ كرسي أرلين بورك، في الإستراتيجية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الأمريكي، إن إيران تستطيع استخدام قواتها البحرية، أو الجوية، أو الصاروخية أو جميعها، أو وكلائها لمهاجمة السفن فى الخليج، حول مضيق هرمز، وفي خليج عمان خارج منطقة الخليج، وفي مياه المحيط الهندي بالقرب من مضيق هرمز، وهى تهدد منذ وقت طويل بـ”إغلاق الخليج” عند مضيق هرمز، ولكن تدريباتها العسكرية تشمل نشر قوات الحرس الثوري الإيراني البحرية على نطاق واسع في الخليج وبالقرب منه.

ويرى كوردسمان أن إيران ليست فى حاجة لشن حرب كبيرة. فهى تستطيع القيام بهجمات منخفضة المستوى لا تؤدي بالضرورة لاستفزاز رد فعل أمريكي أو عربي كبير، ولكنها قد تسبب زيادة مفاجئة في أسعار النفط.

وهو ما يعتبر مساويا لحرب استنزاف. والناقلات بطبيعتها عرضة للصواريخ الصغيرة نسبيا المضادة للسفن والطائرات بدون طيار، وهجمات الغواصات عميقة الغوص والقوارب الصغيرة التي يتم التحكم بها لاسلكيا والمحملة بالعبوات الناسفة، كما تستطيع إيران زراعة ألغام” ذكية” في قاع مسارات الناقلات، التي يمكنها أن تكتشف الناقلات الكبيرة وتستهدفها.

وأضاف كوردسمان أن هذه الوسائل من “الهجوم الهجين” يمكن تنفيذها بواسطة سفن فردية وسفن شراعية ليست جزءا من القوات المسلحة الإيرانية، والتي لا ترفع إعلاما إيرانية، ولايرتدي من يقومون بتشغيلها أي زي إيرانى، والتي لايمكن ربطها مباشرة بتصرفات تقوم بها الحكومة الإيرانية، ويمكن تشغيلها بواسطة وكلاء مثل الحوثيين أو جماعات ” علم زائف” يتم تشكيلها لمناسبة القيام بالمهمة.

وقامت القوات البحرية للجمهورية الاسلامية الإيرانية والقوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني بترسيخ تواجد متزايد لها في جابهار بخليج عمان – من أجل” منع التهريب”- وفي خليج عدن وبالقرب من اليمن” للتعامل مع القراصنة الصوماليين”.

وصرح مايك بومبيو، وزير الدفاع الأمريكي، بأن الولايات المتحدة أجرت تقييما للهجوم الأخير الذى تعرضت له الناقلتان، وخلصت إلى أن إيران هي التي ارتكبته.

ونفت الحكومة الإيرانية تورطها في الهجوم ورفضت الاتهام الموجه لها. وردا على ذلك، بثت القيادة المركزية الأمريكية مقطع فيديو تزعم أنه يظهر قارب دورية إيراني يقوم بإزالة لغم لم ينفجر من بدن إحدى الناقلتين.

وقال جون الترمان، نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومدير برنامج الشرق الأوسط بالمركز، في تعليقه على تصريح بومبيو إن ما رآه غريبا إلى حد ما هو عدم تحديد بومبيو لمستوى ثقته في ذلك التقييم، وهى الطريقة التقليدية التي تتبعها أجهزة المخابرات فى الإعلان عن مثل هذه الأمور، خاصة وأن بومبيو كان مديرا سابقا لوكالة المخابرات المركزية.

وأوضح الترمان أنه يفترض أن هناك دلائل أخرى لم يتم الإعلان عنها وتم تبادلها مع الحلفاء.

وأشار الترمان إلى أن سبب احتمال قيام إيران بهذا العمل يمكن أن يكون منطقيا، خاصة أن الهجمات كانت محسوبة نسبيا ولم تسفر عن سقوط ضحايا.

وقال إن إيران تسعى لطريقة ما لبدء المباحثات مع الولايات المتحدة من موقف أقصى حد للقوة، فالإيرانيون يشاركون فى المفاوضات فى الغالب ليس باتباع سلوك جيد ولكن باتباع سلوك سىء.

وهو نوع من سياسة حافة الهاوية، فهم يريدون أن يشعر العالم بالقلق وأن هناك حاجة ملحة لأن تبدأ الولايات المتحدة وإيران فى إجراء محادثات.

وأكد الترمان أن لدى الولايات المتحدة أجندة أكثر طموحا لمحاولة ترويض السلوك الإيراني، ولكنه لا يعرف كيف يمكن الوصول إلى نقطة اتخاذ الإيرانيين قرار التصرف بنحو جيد، لأنه يعتقد أن الإيرانيين أقنعوا انفسهم أن السلوك الأفضل، دون الحصول على مقابل، يعتبر دلالة على الاستسلام.

ويخشى الإيرانيون ألا يؤدي السلوك الأفضل إلى إنهاء العداء الأمريكي تجاه إيران؛ وأنه سيؤدي فقط إلى أن تعجل الولايات المتحدة محاولتها للقضاء على الحكومة الإيرانية.

ومن الواضح أن هناك قلقا بالغا من أن يتحول هذا الصراع حول الهجوم على الناقلات إلى حرب حقيقية بما تحمله من تداعيات بالنسبة للعالم برمته.

وهذا الأمر سيعرض الجنود والبحارة الأمريكيين للخطر.

ويقول الترمان إنه سيكون من الخطر وصول هذا الصراع إلى الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الهش بالفعل في العراق، وأي صراع أمريكي إيراني في العراق لن يخدم المصالح الأمريكية ولا مصالح الكثير من حلفاء الولايات المتحدة.

وقال الترمان إنه يرى أنه من الأفضل أن تتحدث الولايات المتحدة مع الإيرانيين، ليس لأنها تحبهم أو تثق بهم، لكن التحدث سوف يوفر مسارا لاحتياجات الولايات المتحدة.

كما أشار إلى أنه بالرغم من وجود كثير من الوسطاء، هناك فائدة وراء التحدث مباشرة مع الإيرانيين ووضع الحدود، وتقديم الحوافز والكوابح، ودفعهم نحو السلوك الأكثر توافقا مع المصالح الأمريكية.

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى