اخبار عالمية

داعش يلهم أعداءه.. ما هي “الدرونز” التي استخدمت في هجمات الخليج؟

على مدى الأشهر القليلة الماضية وقعت عدة جرائم وهجمات إرهابية باستخدام الطائرات بدون طيّار، أو ما يُعرف باسم “الدرونز”، في أنحاء شتّى من العالم وتحديدًا في منطقة الخليج، وسط مخاوف من تطوّر هذا النوع من السلاح على نحو يُهدد الأمن الإقليمي والدولي.

وفي أغسطس من العام الماضي، نشر مركز “المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة” تحليلًا بعنوان (السلاح القاتل: اتجاهات ردع تهديدات الدرونز لأمن الدول.) وقال المركز إنه في عام 2017، أُعلِن عن إسقاط حوالي 15 درونز من جانب الدول، كان أبرزها في مناطق العمليات العسكرية في الشرق الأوسط.

وحذّرت الدراسة من أن انخفاض تكلفة الحصول على الدرونز وعدم وجود قيود أمنية على اقتنائها وتطويرها؛ حوّلها إلى سلاح في أيدي التنظيمات الإرهابية والميليشيات المُسلحة، في الاغتيالات السياسية، والعمليات الإرهابية، واستهداف مناطق تمركز القوات الأمنية، والعمليات التخريبية.

وفي الآونة الأخيرة، تصاعد القلق من خطر الدرونز -الذي يوصف بـ”السلاح الفتّاك”- بعد استخدامه في العمليات التخريبية التي استهدفت 4 سفن مُحمّلة بالنفط في خليج عُمان قبالة المياه الاقتصادية الإماراتية، فضلًا عن توظيفه في هجمات الحوثيين المدعومين من إيران على الأراضي السعودية.

ما هي الطائرات بدون طيّار؟

هي مركبات جوية بدون طيار تتم قيادتها عن بُعد، تُعرف بالطائرات المسيرة أو الزنّانة أو “الدرونز”- وتعني باللغة الإنجليزية الصوت الذي يصدره ذكر النحل أثناء الطيران، بحسب تقرير سابق نشرته صحيفة “مكة” السعودية.

تُصنع هذه الطائرات من مواد مُركّبة خفيفة تُزيد قدرتها على المناورة، وتُمكّنها من التحليق على ارتفاعات شاهقة للغاية.

1

وتحتاج الدرونز إلى موجه يجلس في محطة التوجيه على الأرض، ويتحكم بها عن بُعد بطريقة لاسلكية، كما يقول ديرك شميت، من معهد الرحلات الجوية في المركز الألماني لأبحاث الطيران والفضاء، لصحيفة “دويتشه فيللا” الألمانية.

يتحمّل هذا (الطيار الأرضي) مسؤولية قيادتها، ويضمن عدم وقوعها في أية حوادث، ويتدخل في حالات الطوارئ. ولا يفعل ذلك من خلال عصا تحكّم بل بتحديد نقاط مسار الطائرة، لتوّجه الطائرة بعدها نفسها بنفسها وفق هذه الإحداثيات بواسطة نظامها الأوتوماتيكي، أي بتوجيه من نظام طيرانها الآلي.

وبحسب موقع “درون زون”، المعني بشؤون الطائرات بدون طيار، يتم تزويد هذه الطائرات بأحدث التقنيات الحديثة، مثل كاميرات الأشعة تحت الحمراء ونظام تحديد الموقع الجغرافي وأجهزة الليزر، ويتم التحكّم بها عبر نظام الكتروني عن بُعد، يُعرف أحيانًا بـ”قُمرة القيادة الأرضية”.

وتختلف عادة أحجام هذه الطائرات باختلاف استخداماتها، كالتصوير وحمل القذائف وأغراض المراقبة والهجوم، إضافة إلى استخداماتها في مكافحة الحريق ومراقبة خطوط الأنابيب، لتُصبح أهم الأسلحة المُستخدمة في حروب الجيل الثالث، وفق تقرير سابق نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.

ما سبب ظهورها؟

ظهرت تكنولوجيا الطائرات بدون طيار؛ رغبة من الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية في تطوير قاذفات قنابل بدون طيّار لمهاجمة ألمانيا، أي أن الغرض الأساسي الذي وُجدت من أجله هو غرض عسكري ودفاعي بالأساس، بحسب تقرير سابق لمركز “المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة” بأبوظبي.

تاريخيًا، أُجريت أولى التجارب العملية لهذه الطائرات في إنجلترا عام 1917، وتم تطويرها عام 1924. وكان أول استخدام لها عمليًا في حرب فيتنام، واستخدمتها إسرائيل في حرب أكتوبر 1973. ولكن لم تحقق النتيجة المطلوبة فيها لضعف الإمكانات في ذلك الوقت، لتُسجّل أول مشاركة فعالة لها في معركة سهل البقاع بين سوريا وإسرائيل في 9 يونيو 1982.

2

وامتد استخدامها إلى العديد من التطبيقات المدنية والتجارية: البنية التحتية والحماية المدنية، وإنفاذ القانون والمراقبة، والصحافة، والأنشطة التجارية والترفيهية، ومجالات الزراعة والطاقة، ونقل السلع والبضائع، وتوصيل الطلبات للمنازل؛ نظرًا لانخفاض تكاليفها، وسهولة تشغيلها، وخفة وزنها، وصعوبة تعقّبها.

وبمرو الوقت، توسّعت استخدامات الدرونز بفضل التطورات التكنولوجية التي أُدخِلت عليها، لتهريب مواد محظورة، أو لأغراض تجسّس، أو لاغتيال شخصيات سياسية، أو لإعاقة عمل أجهزة الطوارئ، أو التعرّض لطائرات الركاب، أو الاعتداء على مُنشآت حسّاسة، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

ما أنواعها؟

هُناك نوعان من أنواع الدرونز؛ الطائرات الكبيرة من نوع “البريداتور” التي يتم التحكّم بها عن بُعد، ويستخدمها الجيش الأمريكي في حربه على التنظيمات الإرهابية واستهداف المطلوبين الدوليين في عدة بلدان مثل أفغانستان وباكستان والصومال واليمن.

وفي وقت سابق، حذّر المدير السابق لوحدة مكافحة الإرهاب في بريطانيا، كريس فليبس، من أن هذا النوع قد يُساعد في حمل “مُتفجّرات أو مواد خطرة كالمواد الكيماوية التي يمكن إلقاؤها على تجمعات بشرية”.

3

وهناك الأنواع صغيرة الحجم ذاتية التشغيل التي تعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، مثل “إكس- 45” التي طوّرتها شركة “بوينج”، و”سبارك” التي لا يتعدّى وزنها 300 جرام ويمكن شراؤها بسعر 700 يورو، وفق موقع “آي بي بي إس آند درونز”.

4

هذا النوع من الطائرات الدروز يُعد الأخطر لكونه يتمتّع بذاتية أكبر في اتخاذ القرارات ومعالجة البيانات، فضلًا عن أنه يُباع في الأسواق بأسعار في مُتناول الجميع؛ إذ يُمكن شراؤه بسهولة عبر الإنترنت، أو من خلال تجار ألعاب إلكترونية، بأسعار تقل أحيانًا عن 10 دولارات أمريكية.

ومع توجّه المُصنّعين لإنتاج طائرات “درونز” أصغر وأخفّ، حذّر خبراء من مغبّة استغلال هذا النوع من قِبل تنظيمات مُسلّحة قد تستهدف مناطق حيوية في دولة ما أو ضد شخصية سياسية، أو حتى تنفيذ هجمات إرهابية واسعة النطاق، بحسب وكالة فرانس برس.

ما استخداماتها؟

بخلاف عمليات الرصد والمُراقبة والاستطلاع وتدريب الصقور، فإن تنظيمات إرهابية على رأسها داعش استخدمت الدرونز للكشف عن القنابل اليدوية والألغام المزروعة لسنوات طويلة في العراق وسوريا، بحسب تقرير سابق لمجلة “واير” الأمريكية.

كما تحوّل الدرونز إلى سلاح في يدّ الجماعات المتطرفة والمليشيات المُسلّحة لتنفيذ اعتداءات وعمليات تخريبية؛ وقع أحدثها الخميس الماضي في حادث الهجوم ناقلتيّ نفط، إحداهما نرويجية والأخرى يابانية، بخليج عُمان.

وللملكة العربية السعودية نصيب الأسد في “هجمات الدرونز”؛ إذ شنّ الحوثيون المدعومون من إيران عددًا من الهجمات التي استهدفت محطات نفطية ومطارات وقواعد جوية بالمملكة في الآونة الأخيرة؛ أحدثها هجوم صاروخي ضرب قبل أيام مطار “أبها” الدولي وأصاب 26 شخصًا، بينهم أطفال، من جنسيات مختلفة.

والشهر الماضي، تم استهداف محطّتي ضخ لخط الأنابيب “شرق- غرب” الذي ينقل النفط السعودي من حقول النفط بالمنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي، في هجوم بطائرات “درونز” مُفخّخة، حسبما أعلن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح.

بيد أن استخدامات هذا “السلاح الفتّاك” لم تتوقّف عند هذا الحد، فقد استُخدِم الدرونز خلال محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، وذلك خلال إلقائه كلمة عن الوضع الاقتصادي في العاصمة كراكاس بمناسبة الاحتفال بالحرس الوطني في العام الماضي.

وشهد عام 2017 زيادة في حجم الضربات التي نفذتها الطائرات الأمريكية بدون طيار، لا سيّما في اليمن والصومال. وبحسب الموقع الأمني “لونج وور جورنال”، نفّذت القوات الأمريكية أكثر من 30 ضربة في الصومال، وحوالي 8 ضربات في باكستان.

وبالإضافة إلى ذلك، استُخدِم الدرونز في الأعمال التخريبية الداخلية؛ ففي المكسيك عثرت السلطات على طائرة بدون طيار كانت تحمل عبوة ناسفة معبأة بالشظايا العام الماضي. وفي الفلبين، ألقت الشرطة القبض على أحد النشطاء الذين اعترفوا بإدارة طائرة بدون طيار خلال هجوم على مدينة بياغابو.

مصراوى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى