فن وثقافة

قصة فرقة أسسها عزت أبوعوف: بدأت فكرتها داخل فيلا «مسكونة»

بدروم قديم معبأ بالغبار في أحد منازل حي الزمالك، حيث العناكب تسكن الأسقف، والأتربة تحيط بكل أركانه. كان هذا هو المكان الذي ولدت فيه فرقة «الفور إم» والتي أساسها عزت أبوعوف، مع شقيقاته البنات «منى، مها، منال وميرفت»، داخل فيلا سبق وحكى عنها الفنان الذي رحل عن عالمنا أمس، أنه مسكون بالأشباح، مستشهدا بعدد من المواقف التي حدثت معه ومع شقيقاته.

وبالرغم من حصول «أبوعوف» على بكالوريوس الطب، إلا أن نشأته في بيت موسيقي ساهمت في زيادة ولعه وشغفة بالموسيقى، إذ كان والده الملحن المعروف أحمد شفيق أبوعوف، عميد معهد الموسيقى العربية الأسبق، والذي لم يقف حائلًا بين رغبة ابنه الطبيب في تغيير مساره والاتجاه للموسيقى، بعد أن أقنعة هو وشقيقاته.

كان للراحل العديد من التجارب الموسيقية قبل تأسيس فرقته الخاصة، إذ كان عضوًا في واحدة من الفرق للموسيقى في مصر وهي «بلاك كوتس»، وساعدته هذه التجربة في مشروعة الغنائي الأول مع فرقة «الفور إم»، واعتمدت الفرقة في بدايتها على إحياء التراث القديم وذلك بإعادة صياغة كلمات الأغاني القديمة، وكان من أشهر هذه الأغاني: «الليلة الكبيرة، قولي ولا تخبيش» وغيرها.

 لم تكن رغبة «الفور إم» في إحياء التراث القديم راجعة لفقرهم الفكري بإنتاج أغاني حديثة، بل كان لقيمة وهدف سامي، حيث أوضح «أبوعوف» في لقاء مع نجوى إبراهيم عبر برنامج «ستوديو» أن: «شباب اليومين دول نسيوا التراث وابتعدوا عن سماع الأغاني الشرقية، لذلك قررت ومعي الـ(فور إم) تقديم هذه الأعمال العظيمة باللون الموسيقي الذي يتناسب مع الذوق العام للشباب في هذه المرحل».

حققت الفرقة انتشارا كبيرًا خلال سنوات قليلة من تأسيسها، لدرجة جعلتها تحصل على شهرة في كافة أرجاء الوطن العربي، وقدموا العديد من الحفلات، وطرحت الفرقة بعد أن أنهت فترة تجديد التراث، عدد من الألبومات من أبرزها: «جنون الديسكو، الليلة الكبيرة، مغنواتي، دبدوبة التخينة» وغيرها.

مواقف طريفة مرت بها فرقة «الفور إم» خلال مشوارها، كان أبرزها هجوم سكان الإسكندرية عليها بمجرد وصولهم قبل إحدى الحفلات التي كان من المقرر أن تقام هناك، إلا أن بعد نجاح الفرقة وعرض أغانيها لاقوا ترحيبا كبيرا في الشارع السكندري.

ومن الإسكندرية لبغداد، حيث كان «أبوعوف» وفرقته على موعد مع إحياء مهرجان يوم الفن في العراق، وقبل بداية الحفل وقف «عزت» الابن ليرحب بـ «أبوعوف» الأب –الذي كان من ضمن الحضور- قائلاً: «رحبوا معايا بأبويا، وأبو اخواتي، أستاذ أحمد شفيق أبوعوف، صاحب نظرية (إلعبوا مزيكا، بس ادرسوا حاجة تانية)»، لتتعالى الضحكات في القاعة ويصعد بعدها بالفعل والده على خشبة المسرح، ويتناول الميكروفون من الابن ويوجه كلمة للحاضرين، قائلاً: «إخواني وأخواتي وأولادي وبناتي، لعله من حسن الطالع أن ادعى لبلدي الثاني بغداد، لحضور مهرجان يوم الفن، في نفس اليوم الذى دعى فيه ولدى دكتور عزت أبوعوف وشقيقاته لإحياء نفس الحفل».

لم تنته أحلام الفرقة بتقديم الألبومات والحفلات الغنائية فقط، فقد ولدت لديهم رغبة في تقديم فن آخر بخلاف الغناء، بدخول مجال التمثيل، لتشارك الفرقة في مسرحية «عشرة على باب الوزير»، حيث قدمت مجموعة من أغانيها.

نجاح الفرقة بتقديم الحفلات الغنائية إلى جانب الألبومات المميزة كُلل بتقديم نجم موهوب سار فيما بعد، أصبح أحد أعمدة الغناء في مصر والوطن العربي، ففي عام 1982 انطلق نجم محمد فؤاد، من رحم مهرجان الربيع الثالث الذي أحياه عزت أبوعوف مع فرقته، وغنى «فؤاد» خلال الحفل العديد من الأغاني التي نالت إعجاب الجماهير.

وبعد أكثر من عقد من الزمان توقفت الفرقة عن تقديم أعمالها، تاركة ورائها أرشيفا مشرفا من الأغاني والحفلات الناجحة، بينما اتجها عزت ومها للتمثيل وتقديم الأعمال الدرامية والسينمائية، بينما ابتعدت باقي الفرقة عن الأضواء.

المصرى لايت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى