الأخبار

أول مبعوث لثورة 30 يونية إلى القارة السمراء

6حوار – آية أمان

حاورت «الشروق» السفيرة منى عمر، المبعوثة السابقة لرئيس الجمهورية للدول الأفريقية وأول من تولى ذلك الملف الشائك بعد ثورة 30 يونية حول الموقف الحالى فى العلاقات المتشابكة بين مصر والدول الأفريقية، وآليات التعامل فى ادارة ملف العلاقات مع أفريقيا؛ خاصة فى ظل تنامى مشكلات القارة، وبروز نجم إثيوبيا التى أصبحت الممثل القوى والمتحدث باسم القارة فى العديد من القضايا الأمنية والاجتماعية والسياسية.

منى عمر التى تشغل حاليا منصب الأمين العام للمجلس القومى للمرأة، بعد انتهاء انتدابها من وزارة الخارجية كمبعوث الرئيس للشئون الإفريقية، تطرقت فى حوارها مع الشروق إلى الحديث عن أزمة سد النهضة، والذى شددت عمر على أنه «لا يمثل خطرا على مصر»، وتناولت كذلك ملف وزارة الخارجية عن «مخالفات مبعوثى الأزهر فى الدول الإفريقية، الذين لا يقدمون صورة جيدة للمبعوث المصرى».

مصر والاتحاد الأفريقى

قالت منى عمر: «لن يتم تجميد عضويتنا فى الاتحاد الأفريقى، لكن كان القرار بتجميد مشاركتنا فى أنشطة الاتحاد الافريقى، ولن يستطيع أحد تجميد عضويتنا، فنحن لم نفعل ما يستدعى طردنا من الاتحاد الأفريقى».

وأوضحت أن القرار الصادر من الاتحاد الأفريقى بحق مصر تسبب فيه انحسار دورها وقلة وزنها الحقيقى فى القارة، وأنه كان من الممكن تأجيل القرار ولكنهم سارعوا بعقد اجتماع لمجلس السلم والأمن وأصدروا هذا القرار المتعسف.

ورأت أن فرص مصر فى إعادة نشاطها فى الاتحاد يتوقف على تنفيذ جزء من خارطة الطريق التى وعدت بها الإدارة السياسة الجديدة فى مصر بعد عزل الرئيس محمد مرسى، موضحة أن القمة القادمة ستكون فى يناير والمفترض أن عملية الاستفتاء على الدستور ستتم قبل ذلك واذا تم الانتهاء من وضعه وتحديد موعد للانتخابات البرلمانية أو الرئاسية فسيكون لدينا مبرر كاف لرفع الحظر عن مشاركة مصر فى أنشطة الاتحاد.

وأكدت المبعوثة السابقة لرئيس الجمهورية، أنه عقب الزيارتين اللتين قامت بهما لجنة الحكماء الأفريقية للقاهرة تغيرت الصورة جزئياً حيث أقرت اللجنة برئاسة عمر كونارى، أن 30 يونيو ثورة شعبية.

وحول تجديد إسرائيل طلبها لعضوية الاتحاد الأفريقى، أكدت أن إسرائيل لا يمكنها الحصول على عضو فى الاتحاد الأفريقى، حيث كانت بعض الاقاويل تثار حول طلبها للحصول على صفة مراقب وهو الأمر الذى لم تتم ترجمته إلى طلب رسمى، موضحة أن مصر قامت بجهد كبير واتصالات دولية لمنع قبول هذه العضوية، رغم وجود بعض الدول الأفريقية المؤيدية لعضوية اسرائيل.

وأشارت إلى أن حصول اسرائيل على صفة المراقب فى الاتحاد الأفريقى، ليس غريباً فهناك عدد من الدول الأوروبية وأمريكا واستراليا تتواجد فى كواليس انعقاد القمة الأفريقية رغم عدم حضورهم داخل قاعة الاجتماعات ولكن مشاركتهم كأعضاء مراقبين يسهل التواصل مع الدول الأفريقية، فلديهم قدرة أكبر على التأثير على أى قرار يتخذ من خلال الضغوط على الدول المشاركة من خلال وعود منح ومعونات أو غيره.

وقللت عمر من مخاوف انضمام اسرائيل للاتحاد الأفريقى مؤكدة أن الدول الأفريقية فى كل قمة يصدر عنها قرار واضح وصريح بإدانة الممارسات الإسرائيلية وفى كل اجتماع يكون هناك ممثل عال للسلطة الفلسطينية.

علاقات النظام السابق بالجماعات الإسلامية فى أفريقيا

وعلى صعيد آخر، بررت عمر موقف جنوب أفريقيا المنفرد ضد مصر ومعارضتها عزل الرئيس السابق محمد مرسى، بأنه بسبب علاقات غير مفهومة بين مؤسسة الرئاسة طوال السنة الماضية، والجماعات الإسلامية فى جنوب أفريقيا، وقالت: «كان لهم ملاحظات على وجود اتصالات بين جماعات وقيادات إسلامية معروفة بتشددها فى جنوب أفريقيا ونظام مرسى، حيث كانت تتم بمعزل عن السفارات فى البلدين وكانت تأتى هنا على اتصال بالرئاسة ثم تتواصل بعدها مع حماس فى غزة»، مؤكدة أنه تم رصد العديد من الاتصالات مع الجماعات الإسلامية الجهادية على مستوى القارة الأفريقية.

وأشارت إلى أن موقف مصر المنفرد فى هذه الفترة فى قضية مالى، مؤكدة أن الخارجية المصرية كانت ترى أن ما يحدث هناك هى جماعات ارهابية وانفصالية لكن الرئاسة، فى النظام السابق، كانت ترى العكس وكانت ضد التدخل العسكرى الفرنسى.

وأكدت عمر، بصفتها كانت تشغل منصب مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية، أننا كنا نقع فى براثن شبكة ممتدة فى أجزاء كثيرة من أفريقيا، ولا يمكن انكار الاتصال مع مالى وبوكو حرام فى نيجيريا وحركة الشباب فى الصومال، وكل هذه الاتصالات كانت بالتنسيق مع الجماعات المتمركزة فى سيناء.

وعلى جانب آخر، رحبت عمر بالحملة التى يشنها الجيش على الجماعات الإرهابية فى سيناء، موضحه أن هذه المشاكل التى لا حصر لها، بداية من الإرهاب وتجارة البشر والمخدرات والسلاح، والتى كانت تقوم بموجات من الهجرة غير الشرعية على اسرائيل وأوروبا وتستغل الهاربين والتورط فى تجارة الأعضاء والبشر وهى مشكلة كنا نواجهها فى الخارجية من جماعات حقوق الانسان.

الاحتجاجات فى السودان على نظام البشير

ورأت السفيرة منى عمر أن ما شهدته السودان مؤخرا من احتجاجات على نظام البشير وحكومته، يرتبط بشكل ما بما حدث فى مصر فى 30 يونيو، قائلة أنه «قد يكون تشجيعا وشرارة لثورة فى السودان».

وقالت إن مصر ليس أمامها إلا التعامل مع أى نظام يختاره الشعب السودانى، لأن السودان لنا ليست ترفا ولكنها أمن قومى، مؤكدة أن الخارجية أعدت سيناريوهات عدة للتعامل مع الأوضاع فى السودان اذا استكمل الشعب السودانى ثورته ضد نظام البشير.

وتتوقع عمر امكانية تأثر استمرار التظاهرات فى السودان على مصر، فمن الممكن أن نستقبل أمواجا من النازحين السودانيين ولا يمكن منعهم من الدخول لأن مصر وطنهم الثانى، وهو ما سيكون عبئا اقتصاديا جديدا.

المساعدات المصرية لأفريقيا

تشارك مصر بمساعدات محدودة للدول الأفريقية فى إطار التعاون المشترك ضمن برامج بعض الوزارات المصرية للتعاون الخارجى، وقالت عمر إن هناك ميزانية مخصصة للمعونات فى جميع الوزارات، ولكن كان ينقصنا التنسيق بين هذه الجهات لذلك كان الإعلان عن إنشاء الوكالة المصرية للمساعدات، التى أعلن عنها وزير الخارجية أمام اجتماعات الأمم المتحدة، مؤكدة أن هذه الوكالة لن يتم استحداث بند جديد لها فى الميزانية ولكنها ستكون بمثابة تنسيق للجهود، مؤكدة أننا بحاجة إلى التخطيط لسياسة خارجية رشيدة للتعامل مع أفريقيا تحقق مصلحة مصر.

ودافعت عمر عن انخفاض حجم التمويل والمعومات التى تقدمها مصر، قائلة تقدم مصر ما يمكنها تقديمه فى حدود الامكانيات المادية المتاحة، فضلاً عن تركيز المساعدات على إيفاد الخبراء المصريين واعارة العقول المصرية والتى تشكل الثروة الحقيقية لمصر. وتتحدث عمر عن المشاكل التى يتسبب فيها أعضاء البعثات الأزهرية للدول الأفريقية والتى كانت محل شكوى مستمرة من الدول الموفدين إليها لعدم اهتمامهم بالوظيفة الأساسية الموفدين من أجلها، وقالت إن أغلب الموفدين لم يكن هدفهم خدمة الدين ولكن الحصول على راتب أفضل، وبالتالى لم يكن لديهم مشكلة فى الحياة بأقل قدر ممكن من النفقات أو العيش بشكل غير لائق، مؤكدة أن الخارجية لديها العديد من التقارير التى تشكو من تصرفات هؤلاء المبعوثين لكن الأزهر لم يستجب وقتها.

قوة وتأثير إثيوبيا فى القارة الأفريقية

انحسار الدور المصرى فى القارة الأفريقية مقابل توسع وانتشار إثيوبيا غير المحدود هو محور قلق الخبراء والمسئولين عن الملف الأفريقى فى مصر، وتجزم عمر بأن إثيوبيا فى الوقت الحالى لها دور أقوى من مصر، من خلال مشاركتها بدور هام فى عدد كبير من القضايا الافريقية فهى اللاعب الرئيسى للمفاوضات بين شمال وجنوب السودان ولهم تواجد كبير فى الصومال وممثلون رئيسون فى الموضوعات والقضايا التى تهم المواطن الافريقى، فضلاً عن أن شركة الطيران الاثيوبية تحتل الآن الصدارة فى القارة. وتنتقد عمر غياب الإدارة السياسية فى مصر عن قضية السودان والصومال رغم تأثيرهم المباشر على الأمن القومى المصرى، فضلاً عن عدم الالتفات إلى لبيبا وما يحدث بها.

تقول عمر: الادراج فى وزارة الخارجية مليئة بالأفكار والمبادرات يتم رفعها ولكنها لا تستكمل، فكنا نطالب أن نكون لاعبا رئيسيا فى قضايا القارة ولكن لم يستجب لنا، فلم تهتم الإدارة السياسية ولم يكن لدينا وزراء مهتمون ما عدا الوزير الأسبق أحمد أبوالغيط.

وحول تمثيل مصر للقارة الأفريقية فى مجلس السلم والأمن تقول عمر إن مصر لديها رغبة حقيقية فى الحصول على هذا المقعد، ولكن حتى الآن لا يوجد ملامح قبول تمثيلها فى ظل محاولات الدول الأعضاء باعطاء القارة الأفريقية مقعدين ولكن دون حق الفيتو.

سد النهضة والأمن المائى المصرى

«متفائلة لهذا الموضوع وقد نصل إلى حل بشأنه» تتحدث عمر عن سد النهضة الذى تعتزم إثيوبيا انشاءه على النيل الأزرق الذى يغذى مصر بـ85% من حصتها المائية، قائلة إنه يجب أن ننظر لهذه السد من منطلق ثان وهو أن إثيوبيا من حقها بناء السد، والشعب الإثيوبى من حقة التنمية ولكن الاتفاق على سبيل يمكن ان نحقق من خلاله عدم الضرر.

وأوضحت أن هناك تصريحات ايجابية من الجانب الإثيوبى دائماً بعدم إلحاق الضرر بمصر ولكننا كالعادة لا نصدق. وتؤكد عمر أن مشكلة مصر هى أنها لم تقدم لهم بديلا «فلماذا لم نعرض عليهم اقامة مشروعات لتوليد الطاقة على أنهار أخرى غير النيل، ودون الاضطرار لاستخدام مجرى النيل». مؤكدة أنه حتى لو حصلت مصر على الحصة كاملة فهى بالفعل تحت خط الفقر المائى ويجب أن يكون لى مصادر أخرى غير النيل وهو أمر حتمى. وتختم السفيرة منى عمر حديثها بمطالبة القيادة السياسية بعدم الانشغال بالشأن الداخلى على حساب قضايا هامة على المستوى الخارجية قد تلحق الضرر بنا لاحقاً.

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى