الأخبار

مسيحى بكندا انتخب مرسى ودلوقت ندم

a_0
أيمن الجندي

القربُ حجاب! والابتعاد عن اللوحة قد يكون حتمياً لرؤية التفاصيل. أحياناً أشعر بأننى يجب أن أنفصل عن نفسى كى أفهم مكنون نفسى. كل ما هنالك أننى لاحظت أننى أتعمد الابتعاد عن السياسة وكأننى ألقى بجمرة مشتعلة! كل ما هنالك أننى حزين ومنطفئ وخامد! أنا الذى يُضرب بى المثل فى حب الحياة! وأشعر بالحماس لأبسط الأفكار: لطبق فول بالليمون والرضا! للملمس الحريرى لثمرة بدنجان! لبهجة تفاصيل قلى الطعمية! لارتمائى فى أحضان اللون الأخضر، لقيادة دراجة والهواء يغرد فى أذنى. ما الذى يجعل رجلا يحب الحياة مثلى يشعر هكذا بالانطفاء!؟

حينما شاهدتُ نفسى من الخارج، اكتشفت على الفور أن سبب حزنى العميق هو «إحساسى بالخديعة». أذكر أن رجلاً أعرفه طرق بابى يطلب قرضاً، وحدّد لى أجلاً يردّ فيه النقود! حينما جاء الأجل المحدد لم يأت، بل امتنع عن الظهور أمامى. ومرت الأيام دون ظهوره! لم تكن تهمنى النقود مطلقاً، لكن السؤال المهم هو: «هل كان ينوى خديعتى من البداية، أم جدّت ظروف منعته من الوفاء بوعده؟».

هذا بالضبط ما أشعر به الآن تجاه الرئيس. إحساس الخديعة الذى يُميتنى. لقد انتخبته بناء على وعد واضح بتحسن الأمور المعيشية، وحدّد لنا أجل المائة يوم! ثم مرت ثمانية أشهر، والأمور تسوء إلى حد لم يخطر بأسوأ كوابيسنا. أبسط مثال أذكره هو أزمات السولار المتكررة، لماذا يعجزون عن حلها؟ ولماذا هاجموا الجنزورى واتهموه بالتواطؤ؟ لقد صدقناهم حين قالوا إنها أزمات مفتعلة! واليوم أمسكوا بزمام السلطة، فهل يُرضى الله أن يتحول السفر إلى مشقة؟ ويصبح الانتقال معجزة؟

سألتُ نفسى: هل كان مرسى يخدعنا حين أعطانا هذه الوعود الوردية، أم جدّ جديد لا نعرفه؟ وإذا كان جدّ جديد فلماذا لا يعلنه؟ وإذا كان عاجزاً عن حل المشاكل المستعصية فلماذا لا يعلن ذلك؟ وإذا كان من أهل الله فمنذ متى يتشبث أهل الله بالسلطة؟ ألا يعلم أنه سيقدم كشف حساب أمام الله عز وجل عن تسعين مليونا؟ ألا يعلم أنه سيُسأل وحده يوم القيامة ولن تقف جواره جماعته وأعوانه؟!

لقد كنتُ دائما أُحسن الظن به، وأقول إنه خير منى! لكنى لو كنتُ مكانه ورأيتُ الخرق يتسع لقلتُ: «أقيلونى بيعتكم». أو طرحت الثقة فى نفسى، وأنا أتمنى ألا ينتخبونى فأنجو بنفسى.

قالت نفسى وهى تروم إضحاكى والتسرية عنى: «إنت ندمان إنك انتخبت مرسى! طيب إيه رأيك فى واحد مسيحى فى كندا انتخب مرسى، ودلوقت ندمان؟». قلتُ ضاحكا وقد أعجبتنى الحكاية: «بتتكلمى جد؟ طب احلفى». قالت نفسى وهى تقهقه: «آه وربنا. هو خريج الجامعة الأمريكية وسافر كندا. وكان فرحان بالثورة ومرضاش ينتخب شفيق، فاختار مرسى، ودلوقت عمّال يتأسف لكل الناس».

قلتُ لنفسى وقد أعجبتنى الحكاية ونسيت حزنى: «طيب يا ريت تقولى للراجل العسل ده يبعت لى جواب مُفصّل بالحكاية دى عشان أنشره». قالت نفسى وهى تبتسم: «من عنيا. حأقوله».

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى