الأخبار

الأسباب الحقيقية لمجزرة الشجاعية

46

 

 

ياقان يمكن تفسير مجزرة الاحتلال بحي الشجاعية أمس التي راح ضحيتها نحو 60 شهيدا و250 مصابًا، في إطارهما؛ يتمثل الأول في فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه من العلمية التي أطلق عليها “الجرف الصامد” ممثلة في وقف إطلاق صواريخ الفصائل الفلسطينية ثم تطورت بعد ذلك مع تنفيذ المقاومة لعمليات خلف خطوط العدو إلى ضرورة كشف وتدمير الأنفاق الممتدة من قطاع غزة إلى مناطق داخل حدود فلسطين المحتلة.

فاليوم هو الـ 15 للعملية العسكرية التي تشنها إسرائيل، واليوم الرابع لعملية الاجتياح البري للقطاع، ومازالت الصواريخ تمتد ليس فقط إلى المستوطنات المتاخمة للقطاع بل وتضرب العمق الصهيوني إلى منطقة جوش دان وتل أبيب ويافا وريشون ليتسيون وصولاً إلى مدينة رحوفوت، وأصبح دوي صافرات الإنذار والاحتماء بالملاجئ جزءًا من الروتين اليومي للإسرائيليين.

السياق الثاني يتمثل في الخسائر الفادحة التي مُنِيت بها قوات الاحتلال لاسيما وحدات النخبة كـ”جولاني”، مع اتباع المقاومة لتكتيك حرب العصابات الذي يعتمد على الكر والفر، واختيار وقت الهجوم عبر مباغتة العدو ثم الاختفاء مجددًا، بعد تكبيده خسائر فادحة.

أصعب الحروب

هذه الخسائر دفعت بموقع” ديبكا” لصيق الصلة بالدوائر الاستخبارية في إسرائيل إلى التأكيد في تقرير له الأحد 20 يوليو على أن ما تسمى بـ” الجرف الصامد” هي واحدة من أصعب الحروب التي خاضتها إسرائيل في تاريخها، مشيرة إلى أن استخدام حماس للكثير من وحدات الكوماندوز الصغيرة والمزودة بصواريخ مضادة للدروع قد قلب الأمور رأسًا على عقب.

لكن ورغم تأكيد أبواق الاحتلال على ضراوة المعركة التي يواجهها في حي الشجاعية الذي يبعد 2 كم عن حدود فلسطين المحتلة- إلى الدرجة التي دفعت ” رون بن يشاي” المحلل العسكري المخضرم في صحيفة” يديعوت أحرونوت” للقول إن حي الشجاعية هو بمثابة بنت جبيل جديدة في غزة، في إشارة إلى القرية الواقعة في جنوب لبنان والتي قُتِل فيها عشرات الجنود الإسرائيليين في كمائن ومواجهات مع حزب الله عام 2006- رغم ذلك إلا أن هناك حالة غير مسبوقة من التعتيم تمارسه الرقابة العسكرية على كافة وسائل الإعلام في إسرائيل.

تعتيم وخسائر

هذا التعتيم يمكن تلمسه من خلال عدة ملامح؛ من بينها تأخر الاحتلال في الإعلان عن قتلاه، فعلى سبيل المثال أُجْبِر قادة الاحتلال على الاعتراف بمقتل 13 من جنود وحدة النخبة جولاني في مواجهات بحي الشجاعية أمس الأول. لكن الاعتراف الإسرائيلي جاء بعد يوم من العملية، وبعد أن انتشر الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم. وفقا لتعبير موقع” ديبكا”.

أسماء القتلى

وحتى الآن لم تسمح الرقابة العسكرية في إسرائيل بنشر أسماء القتلى جميعا، بعد أن اكتفت أمس الأحد بالكشف عن أسماء خمسة منهم فقط، فيما أضافت اليوم الاثنين اسمًا واحدًا فقط، فيما لا تزال هوية 7 جنود آخرين مجهولة حتى اللحظة.

مثال آخر على ما تمارسه الرقابة العسكرية من تعتيم، فبعد إعلان كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس عن أسر الجندي” أورون شاؤول” الأحد، لم تتطرق وسيلة إعلام واحدة للخبر حتى الآن نفيًا أو تأكيدًا.

مثار للسخرية

كذلك فإن طريقة تناول وسائل الإعلام في تل أبيب لحصيلة المواجهات في غزة أصبح مثارا للسخرية، وهذا نموذج لما جاء في تغطية “هآرتس” اليوم الاثنين حيث كتبت تقول: مع دخول عملية “الجرف الصامد” يومها الـ 14 والعملية البرية يومها الرابع، تسللت مجموعتان من “المخربين” صباح اليوم إلى إسرائيل في منطقة نير- عام وأطلقوا صاروخًا مضادًا للدروع تجاه سيارة عسكرية. وفي تبادل لإطلاق النار مع قوات الجيش الإسرائيلي قُتل 10 “مخربين” كما سقط أيضًا مصابون بين القوات الإسرائيلية”.

استجداء تهدئة

تحفظ الإسرائيليين عن التطرق لأرقام القتلى والجرحى يشير كما سبق وأكدنا إلى حجم الخسائر البشرية التي مُنِي بها المحتل، ومن هنا كانت الدوافع وراء تنفيذ الإسرائيليين لمجزرة بشعة ضد المدنيين في حي الشجاعية، وذلك لتحقيق هدفين؛ الأول الانتقام من حماس التي أصبح مقاتلوها كأشباح يظهرون ثم يختفون مجددًا موقعين أكبر عدد من القتلى والجرحى في صفوف الاحتلال، ثانيا دفع المجتمع الدولي إلى تكثيف تحركاته بشكل عاجل للدفع باتجاه وقف لإطلاق النار يفضي إلى إنهاء العملية التي تورطت فيها إسرائيل، بعد سقوط هذا العدد الهائل من الشهداء المدنيين وانتشار صور مروّعة لتفاصيل المجزرة.

ضاحية بيروت

وجهة النظر هذه تبناها “عاموس هرئيل” المحلل العسكري لصحيفة” هآرتس” حيث قال في تحليل له اليوم: ”وفقا للمعلومات الأولية الواردة من المعركة، فإن قوة النيران زادت بعدما تكبدت القوات خسائر فادحة.. ومن المتوقع أن تتسع العملية لتصبح أكثر قسوة. قال قادة ميدانيون أمس إنه حيال قوة المقاومة التي تبديها حماس، فإن الدمار البيئي الذي سيحدث مع استمرار الحرب من المتوقع أن يصل إلى مستويات الدمار في ضاحية بيروت عام 2006”.

واعترف” هرئيل” بفشل جنود الاحتلال المدججين بالسلاح في مواجهة المقاومة بقوله:” يجب أن نلفت إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يَخُض خلال السنوات الأخيرة تجارب في القتال البري بوجه عام وفي القطاع على وجه الخصوص، وأن جزءا من الخبرة العملياتية فُقد مع جيل القادة الذين أنهوا خدمتهم”.

مصر العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى