الأخبار

الصحفى الهولندى كورنيلس هولسمان: الإعلام الغربى انحاز عاطفياً لإسرائيل..ومصر السبب

■ متى حضرت إلى مصر للمرة الأولى.. وأين كنت وقت حرب أكتوبر؟

– جئت إلى مصر للمرة الأولى من 40 عاما كطالب، وبدأت أكتب مقالات وتقارير صحفية لصحيفة Het Financieele Dagblad اليومية الهولندية. وزرت قناة السويس بعد عبور الجيش المصرى ورأيت الأوضاع على الواقع، وكنت منبهرا بما شاهدته. وخلال السبعينيات والثمانينيات كنت أزور مصر بشكل متقطع، وفى 1988 تزوجت مصرية، واستقررت فى مصر بداية من عام 1994 وعملت مراسلا صحفيا دائما.

■ كمراسل صحفى أجنبى كيف استقبلت نبأ الحرب.. هل توقعتها؟

– لقد كنت شابا وقتها وخبرتى محدودة. ومثل أغلبية الشعب الهولندى، كان خبر الحرب بين مصر وإسرائيل بمثابة مفاجأة كبرى والحقيقة لم أكن أتوقع حدوثها بهذا الشكل، لكنى أتذكر أن هذا الحدث كان يلقى اهتماما عظيما فى الدول الغربية، وأنا شخصيا كنت أجمع كل المنشور فى الصحف الهولندية والغربية عامة خلال فترة الحرب وأحتفظ بها لدى. وأتذكر أنه لأول مرة فى هولندا، نظمت أكبر جامعة هولندية مؤتمرا صحفيا لمناقشة الحرب وتداعياتها وتعريف الطلاب والأكاديميين بها، ودعت المسؤولين بالسفارتين الإسرائيلية والمصرية للاشتراك فى المناقشة، وحضرها السفير المصرى محمد الغطريفى للتحدث باسم مصر، وهى خطوة كانت فى صالح مصر، لأننى كنت أتابع تناول وتغطية الإعلام الهولندى والغربى للحرب فى تلك الفترة، ووجدت أنها كانت منحازة بشكل عاطفى للجانب الإسرائيلى، لكن بعد هذه الحلقة النقاشية، ظهرت وجهة النظر المصرية التى كانت غائبة عن الغرب وتغيرت نظرة الكثيرين تجاه مصر. وهذا دليل على ضرورة أن يهتم أى نظام بتقديم نفسه للعالم والتحدث للغرب، وهو الأمر الذى تتقنه إسرائيل جيدا. وأعتقد أنه بعد أقل من شهر على حرب أكتوبر، بدأ النظام المصرى يدرك أهمية تقديم نفسه للغرب وليس الانعزال، والدليل على ذلك موافقة السفارة المصرية على إرسال «الغطريفى» الذى قبل التحدى، وقرر أن يدخل فى نقاش مع نظرائه الإسرائيليين على الملأ، وأعتقد أنه نجح فى مهمته بشكل واضح ومقنع.

■ من واقع خبرتك ما تقييمك لتغطية الصحافة الأجنبية لحرب أكتوبر؟

– أعتقد أن أغلب الصحف الهولندية والغربية بشكل عام كانت منحازة عاطفيا فى تغطيتها للجانب الإسرائيلى، لأن اللوبى الإسرائيلى فى الغرب قوى للغاية، ويفهم جيدا قيمة الإعلام، ويحرص أن تكون وجهة النظر الإسرائيلية هى المسيطرة ومسموعة أكثر من الجانب المصرى. لكن هذا الأمر ليس خطأ الصحف الغربية وحدها، بل يتحمل النظام المصرى وقتها المسؤولية أيضا، لأن الجميع يعرف أن مصر لم تكن تتعاون مع المراسلين الأجانب بداية من حرب 1967، وكان عددهم قليل بالمقارنة مع المتواجدين فى إسرائيل، لذا لا نستطيع أن نلوم تلك الصحف على عدم تقديمها تغطية موضوعية ودقيقة، وربما حدث هذا بدون قصد أو تعمد لأنها لم يكن لديها معلومات كافية من الجانب المصرى مثل إسرائيل. فنحن كنا نجد صعوبة كبيرة فى الحصول على البيانات الحكومية وتعليقات المسؤولين، ومصر كانت تعتبر أن المراسل الأجنبى عدو.

■ كمراسل صحفى ماذا فعلت للتغلب على هذه المشكلة؟

– طوال عملى كمراسل حاولت اتباع الدقة والموضوعية بقدر المستطاع. وأتذكر أنه بعد الحرب، طلب منى رئيس تحرير الصحيفة التى كنت أعمل لديها إعداد تقرير صحفى عن حرب أكتوبر ومفاوضات السلام من وجهة النظر المصرية، ووقتها اشترطت أن يشترك معى مراسل الصحيفة فى إسرائيل لتقديم وجهة النظر الإسرائيلية حتى يكون التقرير متوازنا، وهو ما تم. وهذا خطأ لا تزال تقع فيه الصحافة المصرية وهى أنها عادة لا تهتم بعرض وتقديم وجهة النظر الأخرى حتى لو كانت لا تتفق معها، فلا يجب أن يؤخذ التاريخ من وجهة نظر واحدة.

■ ما تقييمك لأداء السادات فى تلك الفترة؟

– أعتقد أن السادات نجح تماما فى إدارة الأزمة فى تلك الفترة. وما لا يراه الناس هو أن استرداد سيناء ليس أمرا سهلا على الإطلاق، وهذا ظهر بوضوح خلال المفاوضات على طابا مع الإسرائيليين التى كانت صعبة للغاية، العالم بأسره يعلم مدى صعوبة استرداد أى قطعة أرض من إسرائيل. وبالتأكيد توجد خبايا وأسرار لا يعلمها الكثيرون، لكن السادات فعل كل ما يمكن فعله، ولم يكن لديه حل آخر عندما قرر إيقاف الحرب عند تلك النقطة والدخول فى مفاوضات، كان الأمريكيون على وشك إرسال أسلحة إلى إسرائيل، وبعدما حقق الجيش المصرى انتصارا بدأ يتراجع، وتحركت القوات الإسرائيلية من قناة السويس فى اتجاه القاهرة وبدأ يحاصر القوات المصرية. لذا ما فعله السادات كان الحل الوحيد، ويمكننا إلقاء اللوم عليه إذا كان لديه حل آخر.

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى