الأخبار

«منطقة عسكرية» و«حظر جوى»

 

 

كشف مصدر دبلوماسى إثيوبى رفيع المستوى، أمس، عن أن «أديس أبابا» اتخذت إجراءات أمنية استثنائية لحماية «سد النهضة»، الذى تقوم بتشييده على نهر النيل، أمام أى تهديد قد يستهدفه، وقال المصدر الذى فضّل عدم ذكر اسمه، لوكالة «الأناضول» التركية، إن «منطقة سد النهضة أصبحت فعلياً منطقة عسكرية فرضت فيها إجراءات أمنية غير مسبوقة، كما أن أجواء المنطقة فرض عليها أيضاً ما يشبه الحظر الجوى»، مشيراً إلى أن جميع تلك الإجراءات تأتى فى إطار حماية المشروع الاستراتيجى بالنسبة لإثيوبيا من أى تهديد محتمل.

السد والأنهار العابرة للحدود والخزان النوبى على مائدة «الأسبوع العالمى للمياه» فى استكهولم.. و«الفاو»: 8 مليارات متر مكعب عجزاً

وأوضح المصدر نفسه أن المنطقة المحيطة بالسد، التى تمتد على مساحة قدرها نحو 120 كيلومتراً مربعاً، باتت منطقة عسكرية تخضع لإجراءات احترازية مشددة فى الدخول أو الخروج منها، كما نُصبت فيها مضادات أرضية دفاعية، إضافة إلى مراقبة الأجواء بشكل كامل لتشكيل ما يشبه منطقة حظر الطيران فوقها دون إذن. وتأتى الإجراءات الاستثنائية، بحسب المصدر، فى ظل مخاوف أديس أبابا من أى تحرك قد يهدد السد أو يقوض إنجاز مشروعها الذى ينتظر أن يكتمل بناؤه فى يونيو 2017.

من جانبه، قال سفير مصر الأسبق فى إثيوبيا، روبير إسكندر، إن إعلان أديس أبابا منطقة سد النهضة كمنطقة عسكرية يرجع لقلق داخلى خاص بها، ولا يتعلق إطلاقاً بأى قلق من الدول الأخرى، حيث تخشى الحكومة الإثيوبية من أى تأثير على بناء السد جراء التظاهرات التى تحدث فى الفترة الأخيرة. وأوضح السفير، لـ«الوطن»، أن الجانب الإثيوبى يدرك تماماً التعاون الجيد مع مصر وتنسيق العلاقات أيضاً وليس هناك أى إشارة لإعلان المنطقة عسكرية للعلاقات مع مصر، دون أن يكون هناك أى علاقة بها، بل ذلك لتأمين المنطقة من الأحداث الداخلية والخلافات مع إريتريا أيضاً خلال الفترة الماضية.

من جانبه، يرأس الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الموارد المائية والرى، الأحد المقبل، الوفد المصرى المشارك فى فعاليات الأسبوع العالمى للمياه الذى سيعقد فى العاصمة السويدية استوكهولم، ويستمر حتى الثانى من سبتمبر المقبل، والمقام تحت شعار المياه والتنمية المستدامة، ومن المقرر أن تضم الفعاليات جلسة خاصة ينظمها المركز القومى لبحوث المياه حول إدارة خزان الحجر الرملى النوبى الذى تشترك مصر فى إدارته مع دول تشاد والسودان وليبيا، وجلسة أخرى عن سد النهضة، فضلاً عن خلافات الأنهار العابرة للحدود، وبمشاركة وزراء مياه السودان وإثيوبيا.

وقال الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الرى، فى تصريحات صحفية، أمس، إن معهد استوكهولم الدولى للمياه وافق على قيام المركز القومى لبحوث المياه بتنظيم جلسة خاصة عن إدارة نظام الخزان الجوفى النوبى المشترك، فى سياق جهود إنجازات الهيئة المشتركة لخزان الحجر الرملى النوبى. وأضاف أن الأسبوع العالمى للمياه يشكل محفلاً عالمياً لاستعراض التقدم المحرز وبناء القدرات وتعزيز الشراكات على مستوى العمليات الدولية المتصلة بالمياه والتنمية، ومن ثم سعى جميع الجهات المعنية بموارد المياه فى العالم إلى التنافس، لتكون ضمن فعاليات هذا المنتدى، موضحاً أن اختيار مركز بحوث المياه لتنظيم الجلسة جاء ضمن 250 مقترحاً مقدمة للمشاركة من مختلف الجهات المعنية فى أنحاء العالم، فضلاً عن أنه يعتبر منبراً فريداً لعرض ومناقشة القضايا المائية فى مناخ يتيح فرص التواصل العالمى بين المشاركين.

وقال الدكتور محمد عبدالمطلب، رئيس المركز، إن الأسبوع العالمى للمياه ينظمه معهد استوكهولم الدولى للمياه سنوياً منذ عام 1991، وذلك ضمن مهامه التى تتمثل فى إدارة برامج ومشاريع ونشاطات دولية متنوعة تهدف إلى المساهمة فى إيجاد حلول مستدامة لمشكلات العالم المائية المتفاقمة وتوفير قاعدة مشتركة لتبادل الخبرات والمعلومات والتعاون ما بين العلماء والباحثين والمتخصصين وأصحاب الأعمال والسياسيين والمؤسسات الأهلية والدولية، والعمل على بناء القدرات والخبرات حول العالم للربط بين قطاعات المياه والبيئة والاقتصاد والاجتماع، مشيراً إلى أنه يتم منح الأفضلية فى التقييم والاختيار للمواضيع التى تشكل أهمية عالمية وتجربة واقعية من شأنها المساعدة فى تنمية آليات التعاون وتعزيز فرص تبادل الممارسات والخبرات.

وقال الدكتور فوزى كراجة، كبير خبراء المياه فى المكتب الإقليمى لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، إن مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا لا بد أن تشمل الاتفاق حول مدة تخزين المياه خلف سد النهضة، حتى لا تتسبب تعبئة السد فى السنوات الأولى فى أية مخاطر على حقوق مصر المادية. وأضاف «كراجة» أن هناك توقعات فى أسوأ الأحوال بأن يقل تدفق نهر النيل بعجز يقارب 8 مليارات متر مكعب، نتيجة للتغيرات المناخية وإنشاء سد النهضة، وأشار إلى أن الحكومة المصرية جادة فى التغلب على تلك المشكلة وتعويض العجز، إذا ما حصل، من خلال بعض الحلول غير التقليدية، قائلاً: «حسب معلوماتى يتم حالياً التنسيق بين الحكومة المصرية وحكومتى السودان وجنوب السودان لتحسين مجارى المياه والاستفادة من المياه المهدرة والفاقدة، ولتعظيم الاستفادة من هذه المياه».

وشدد على ترشيد استهلاك المياه، وقال: إن مصر مرت بخطوات جيدة عبر السنوات الماضية لتحسين كفاءة استخدام المياه، ولكن ما زال هناك مجال لتعظيم الاستفادة ورفع كفاءة الاستخدام بشكل أفضل، حيث إنه باستخدام الإدارة الرشيدة للمياه على مستوى الحقل يمكن توفير 30% من مياه الرى، مشيراً إلى أن نصيب الفرد فى مصر سنوياً من المياه أقل من 10% مقارنة بالمعدل العالمى، حيث يصل نصيب الفرد إلى 600 متر مكعب سنوياً.

وحذّر كبير خبراء المياه فى «الفاو» من مخاطر ندرة المياه فى المنطقة العربية، لافتاً إلى أنها بدأت تظهر بوضوح فى العديد من الدول، ومن شأنها أن تضع القطاع الزراعى أمام تحديات جمة تؤثر مباشرة فى الأمن الغذائى والاقتصاد الريفى، مضيفاً أن إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا يعتبر من المناطق الأكثر تأثراً بندرة المياه حيث انخفضت حصة الفرد من المياه بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وذلك بنسبة 60% خلال العقود الأربعة المنصرمة، كما أن المؤشرات تدل على أن حصة الفرد من المياه المتوافرة ستنخفض بنسبة 50% عما هى عليه الآن بحلول عام 2050.

وأكد أن دلتا نهر النيل لن تختفى من مصر بسبب التغيرات المناخية كما أشيع، وقال: إنها توقعات علمية غير دقيقة اعتمدت على افتراضات غير دقيقة.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى