الأخبار

الكنائس تدفع “فاتورة” الغباء السياسى لـ “الإخوان”

53

 

 

 

 

في أعقاب الانفلات الأمني الذى حدث تزامنا مع ثورة 25يناير، وما أعقبها من اعتصام بميدان التحرير ظل 18 يوما لحين سقوط نظام مبارك،

كانت اللجان الشعبية وقتئذ قائمة على أمن المواطنين في كافة أنحاء مصر، وكانت الكنائس المصرية في أعلى درجات تأمينها فيما لم تشهد البلاد رغم حالة الفوران أية أحداث طائفية حتى 11 فبراير «يوم التنحي».
استمدت الثورة المصرية نقاءها من حالة الالتحام بين المصريين داخل الميدان، وحماية المسلمين للكنائس ضمن اللجان الشعبية، كل الأمور حينئذ كانت تسير باتجاه التوافق على هدف مشترك ومظلة واحدة كانت تجمع الفرقاء.
ذات المشهد المرتبك يحدث الآن مع فارق أسباب الارتباك، ميادين تمتلئ بالمعتصمين، تأييدا لـ «خارطة الطريق» التي طرحها الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع كحل بديل عن رفض الرئيس السابق محمد مرسي لـ «الاستفتاء»، وآخرون مؤيدون لـ «الشرعية الدستورية»، وبينهما فريق ثالث لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، والمتغير في مشهد التوتر حالياً هو التلويح في ظل الارتباك المجتمعي بين الحين والآخر باستهداف الكنائس، تلك الدعوة التي انطلقت عمليا في شمال سيناء وتمتد بحسب سخونة الأحداث إلى محافظات الصعيد.
على عكس ما يخدم توجه بعض المنتمين لتيار الإسلام السياسي، فسر بعضهم تواجد البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ضمن الشخصيات العامة التي حضرت مؤتمر طرح خارطة الطريق في 3 يوليو على أنه عداء شخصي لـ «الإسلام» تلك الفكرة المفخخة التي قد تعصف بما تبقى من قدرة هذا الوطن على مقاومة حالة الانقسام الطاحن حاليا، واعتبر بعض المتشددين أن الرد الأبلغ على حضور البطريرك هو استهداف الكنائس، دون قليل من التعقل لما يمكن أن تسفر عنه الممارسات من حرق لهذا الوطن الذي تتباعد المسافات بينه وبين استقراره.
ليس مقبولاً أن تواجه الكنائس اعتداءات متكررة من متظاهرين مؤيدين للشرعية في بعض محافظات الصعيد كنوع من الضغط على النظام الحالي والأقباط ،في الوقت الذي تطرح فيه المبادرات السياسية التي من شأنها إنهاء حالة الاحتقان الدائرة حالياً، ويغيب عن هؤلاء أن أقبح صورة للشرعية تلك التي يصدرونها في اعتداء على كنيسة أو قبطي أو كاهن، يأتي ذلك لأن الخلاف السياسي ليس له أن يتمدد إلى ساحات المساجد والكنائس بما لها من حرمة.
الفارق بين المشهدين في يناير وما يجري حالياً في مصر، هو حالة العداء والتربص التي تتنامى في مصر، ثم تضع أوزارها على أعتاب دور العبادة بما يتنافى مع الطبيعة المصرية.
على مدار عام كامل فشل نظام الإخوان المسلمين في طمأنة الأقباط إبان اختبارات متعددة باءت جميعها بالفشل، وإدارة البلاد لا تكون بـ «النوايا الطيبة» دون وجود أفعال على أرض الواقع – حسبما كان يتعامل الرئيس السابق – ويتحمل الإخوان المسلمون وحدهم مسئولية فشل التواصل مع الأقباط بما يحقق ارتياحا حقيقيا منزوع التوجس، على الصعيد ذاته تعزز دعوة استهداف الكنائس من تعميق الفجوة التي تأخذ الوطن إلى بعد «طائفي» يصعب التئام العلاقة في مستقبلها، إزاء حتمية انتهاء تلك الاعتصامات القائمة في الفترة المقبلة على أي وضع كان.
حسبما ترى بعض الدوائر القبطية المراقبة للمشهد الراهن منذ 30 يونيو فإن بعض قيادات السلفيين تبنت خطاباً عدائياً تجاه الأقباط تسبب في إشعال الفتنة وإحداث الكراهية في صورتها الحالية.
يقول د. أنطوان عادل القيادي باتحاد شباب ماسبيرو: إن بعض قيادات سلفية تبنت خطاباً عدائياً تجاه الأقباط في فترة ما بعد 3 يوليو، ساهمت في تأجيج الطائفية خلال تلك الفترة الحرجة، لافتاً إلى أن هؤلاء يعزفون على وتر الطائفية لإثارة الفتنة بين أبناء الشعب، لإحداث شق الصف وتحقيق أهدافهم.
ويضيف عادل: هؤلاء الذين اعتدوا على الكنائس لا يريدون أن يفهموا موقف الكنائس من ناحية لم تحشد في مظاهرات 30 يونيو، في حين أن موقف البابا تواضروس الثاني هو موقف وطني انطلاقا من حرصه على وحدة المصريين.
في سياق متصل أعرب الناشط القبطي إبرام لويس القيادي بحركة «أقباط بلا قيود» عن استيائه من استهداف الكنائس التي يتبناها بعض المتشددين من أنصار الرئيس السابق محمد مرسي، محذراً من تحويل الخلاف السياسي إلى خلاف ديني يعزز الطائفية ويحرق الوطن.
وطالب لويس بضرورة إلقاء القبض على المحرضين على الطائفية في الفترة الحالية التي تشهد انقساماً مجتمعياً، داعياً شباب تيار الإسلام السياسي إلى مراجعة مواقفهم.
وأشار القيادي بحركة «أقباط بلا قيود» إلى أن استهداف الكنائس بهذا الشكل المستفز ينذر بكارثة مجتمعية، مشدداً على أن الاعتداء على الكنائس في هذا التوقيت لا يأتي من جماعات متشددة.
من جانبه حذر رامي كامل، منسق جبهة الشباب القبطي، من استمرار أعمال العنف تجاه الكنائس، لافتاً إلى أن الوضع المصري في 25 يناير لا يمكن قياسه على ما يحدث حالياً في مصر.
واستنكر «كامل» الزج بالكنائس في الصراع السياسي، مؤكداً أن الكنائس لا تتدخل في السياسة، ولاينبغي الخلط بين مشاركة الأقباط كفصيل سياسي يعارض حكم مرسي الذي فشل على مدار عام في طمأنة الأقباط، والكنيسة التي تمارس دوراً وطنياً.
وأكد منسق جبهة الشباب القبطي السابق أن الحركات القبطية لن تصمت على استهداف الكنائس وستنظم وقفات احتجاجية للمطالبة بالكشف على الجناة والمحرضين على الاعتداءات التي تمت في رفح والمنيا وبعض محافظات الجنوب.

الوفد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى