الأخبار

راعى كنيسة الكاثوليك بدلجا: 150 أسرة غادرت البلد

6

 

 

ممتلكات ومحال المسيحيين كلها مغلقة.. فلو فكرت تفتح محلا ستجد من يقف أمامك ليطلب إتاوة يومية يسمونها «جزية»

الأب يوسف: الجيش فشل ثلاث مرات فى دخول القرية بسبب جواسيس الإخوان

قتل شخصين ثم التمثيل بجثة أحدهما ولم يدفن أو يكفن أو يصلى عليه.. وحالتا اختطاف إحداهما دفعت 180 ألفا لتعود

الأولاد الصغار صارت لديهم كراهية تجاه الأولاد المسيحيين بسبب ما يسمعونه فى البيت من أسرهم

قيادات الكنيستين غائبة وناشدنا فى إحدى المداخلات التليفونية قداسة البابا تواضروس أن يتدخل

بالتأكيد الأقباط فى قرية «دلجا» بالمنيا يواجهون مأساة حقيقية فى حياتهم، فهم محاصرون بالمتطرفين، ويعيشون ساعات رعب طويلة، فقد باتوا مهددين بالخطف والقتل والنهب، كما أنهم مجبرون على دفع جزية لمتطرفى الإخوان المسلمين. فى الحوار التالى يتحدث الأب أيوب يوسف راعى كنيسة مارجرجس للأقباط الكاثوليك بقرية دلجا، عن مأساة مسيحيى القرية على يد أنصار الجماعة، وعن تهجير نحو 150 أسرة من القرية، وعن العلاقة بين بعض قيادات الأمن فى المحافظة مع المتشددين.. فإلى نص الحوار.

■ حدثنا عن آخر ما وصل إليه الوضع فى دلجا؟

– ما زال الناس يشعرون بعدم الأمان فى دلجا، ولا يوجد أى حضور أمنى، وحتى القوات المسلحة حاولت الدخول للقرية، مرة واثنتين وثلاث، لكنها فشلت، وهناك فرض إتاوات مستمر من ناحية، وآخر الأمر شاب عمره (20 سنة) لا يملك أى شىء خطفوه يوم الجمعة الماضى، وطلبوا فدية، وما زلنا نناشد المحافظ ومدير الأمن وما زالوا يوعدون فقط، ولدينا مشكلة جديدة ظهرت مع بدء العام الدراسى السبت المقبل، الأولاد يخافون من الذهاب للمدارس وأسرهم يخافون عليهم أن يذهبوا، فقد كان هناك احتكاك خلال السنين الماضية بالأولاد، ومع ما حدث فالاحتكاك مع الأطفال سيكون أكثر، وحتى الأولاد الصغار صارت لديهم كراهية ناحية الأولاد المسيحيين بسبب ما يسمعون بالبيت من أسرهم، فالأولاد يخافون من الذهاب للمدرسة، وصعب أن نجد لهذا حلا.

■ هل حالة الخطف هى الأولى فى القرية؟

– هى الحالة الثانية، منذ 3 أسابيع تم خطف حنين عبد الله حنين، عمره (40 سنة) ودفع فدية كبيرة ليرجع وحسب ما يقال تقدر بـ180 ألف جنيه، والشخص الثانى هو كيرلس جاد وهبة (20 سنة).

■ هل هناك أسر تم تهجيرها من القرية؟ وما أحوال الأسر الموجودة؟

– وصلنا إلى نحو 150 أسرة بالأسماء تركت البلد، والعدد يتزايد، وهذا فقط ما وصلنا له، هناك أسر لم تبلغنا وأسر تفكر وتتخذ القرار وتذهب بشكل مستمر، كل البيوت التى أضير أهلها لا حول لهم ولا قوة، لما كنا مع المحافظ طلبنا أن يكون هناك تعويض لهم، وقال إنه سيقدم طلبا رسميا لرئيس الوزراء وننتظر حتى يدرسه ويصدر قرارا، وهذا لا يقضى مصلحة.

أحوال المسيحيين كشغل وممتلكات ومحال كلها مغلقة، لأنك لو فكرت تفتح المحل الذى تملكه ستجد من يقف أمامك ويطلب إتاوة يومية، أو ما يسمونه جزية.

■ من الذى يقوم بخطف المسيحيين ويفرض الإتاوات؟ على أى جهة يحسبون؟

– أعتقد أن الموضوع بدأ فى دلجا على يد أنصار «المعزول» سواء كانوا إخوانا أو سلفيين، أو التيار الإسلامى المتشدد بشكل عام، ثم دخل على الخط البلطجية، ترهيب وترويع وهم أكثر ناس على ما أعتقد مع أنصار المعزول يخرجون لمواجهة الجيش، لأنهم أول ناس سيحاكمون.

■ ولماذا فشل الجيش فى دخول دلجا؟

– لقد حاول ثلاث مرات أولها من الناحية الشرقية. جاءت مدرعتان قرب الموقف عند كنيستنا مارجرجس للأقباط الكاثوليك، وخرجوا من المقاهى، يهتفون «يسقط حكم العسكر»، فعادت المدرعتان لمركز دير مواس مرة أخرى، ثم حاول الجيش أن يدخل دلجا من الجهة الغربية من الطريق الصحراوى الغربى، انتظروهم عند استراحة بجوار كمين الصحراوى الغربى، وهم عموما عندما يرون أن الشرطة قادمة أو الجيش يتصلون بالموبايل ليخبروهم، ويخرجون لمواجهة القوات.

■ هل قوات الجيش لا تتعامل معهم؟ وهل عددها غير كافٍ؟

– لا تتعامل معهم، وفى المرة الأخيرة حضرت 6 مدرعات، وكان هناك طائرتان تحلقان فوق المساكن على ارتفاع منخفض ولم يفعلوا شيئا، بل وصلت الجرأة بالمتشددين إلى حد إطلاق النيران على الطيران.

■ كم عدد سكان القرية وعدد المسيحيين هناك؟

– عدد سكان القرية يصل إلى 120 ألف نسمة تقريبا، وتسمى هناك دولة «دلجا» أو قطاع غزة، بينهم 100 ألف من المسلمين ونحو 15 ألف من المسيحيين، ودلجا قرية مترامية الأطراف مقسمة لعدة جهات مثل الشيخ حسن والعقادين وعزبة قلينى والعزبة الشرقية.

وهنا أود أن أبعث برسالة أرجو أن تصل للحكومة، دلجا تعانى من مياه غير صالحة للشرب، ولا يوجد مستشفى، بل وحدة صحية ضعيفة، ولا توجد مدارس تتناسب مع عدد الناس، وهناك ارتفاع فى الأمية يصل إلى 60 بالمئة، وهذا كله تربة خصبة للجهل والتخلف وما شابه ذلك.

■ هل حدثت أى أحداث طائفية قبل 30 يونيو؟

– الوضع كان جيدا حتى 25 يناير، بعدها بدأ صعود التيارات الإسلامية المتشددة ممن يرتدون جلبابا أبيض ويطلقون لحاهم، وبدأ يُنظر للمسيحيين بشكل فيه نوع من الكراهية، وهذ حدث معنا فى مبنى الخدمات يوم 3 يوليو الماضى، فمبنى الخدمات ملاصق للجامع ويفصل بينهما جدار بسيط، ومنذ جئت من 3 سنوات، كل يوم تحدث مشكلات من التيار المتشدد، وتصاعدت الأمور بعد تولى مرسى الحكم.

■ ماذا حدث خلال السنة التى تولى فيها مرسى الحكم؟

– تم الاعتداء أكثر من مرة على مبنى الخدمات فى دلجا، وبعض القيادات الأمنية موالية لهذه الجماعات.

■ ما الاعتداءات التى وقعت منذ 30 يونيو؟

– يوم 3 يوليو فى أثناء بيان الفريق السيسى تمت مهاجمة مبنى الخدمات، الذى يقع بالقرب منه 3 مقاهى وجامع النصر والموقف، وكانت هناك فرصة لأن يتجمع هؤلاء الناس، فكانوا متفقين أنه لو خرج السيسى لعزل مرسى سيهجمون على الكنائس، ولمجاورته لهذه الأماكن كان المبنى صاحب نصيب الأسد فى الهجوم يوم 3 يوليو، فهاجمه ما لا يقل عن 500 شخص معهم ما نتخيله ولا نتخيله من أسلحة، وما لم يستطيعوا نهبه كسروه وحطموه.

■ هل يوجد فى دلجا مركز شرطة؟

– توجد نقطة شرطة تتكون من ضابط وعدة عساكر، وسط 120 ألف نسمة، ولا تصح أن تكون نقطة شرطة، دلجا تعتبر مركزا، وكان يجب أن تكون هى المركز لا دير مواس، لأن دلجا فى مساحة دير مواس 4 مرات، لكن وجودها بالقرب من الصحراوى الغربى منعها من أن تكون المركز، ومن ضمن مطالبنا للحكومة نرجو أن يوجد مركز شرطة بدلجا.

■ ماذا فعل الأمن منذ بدء الهجوم على مبنى الخدمات يوم 3 يوليو؟

– لا شىء حتى هذه اللحظة، منذ 74 ولم يفعل الأمن شيئا، والأمن غائب عن دلجا.

■ ما خسائر الكنيسة والمسيحيين فى دلجا؟

– يوم 3 يوليو تم الهجوم على مبنى الخدمات لدينا بكنيسة مارجرجس للأقباط الكاثوليك، وعلى 20 منزلا مملوكة لمسيحيين وممتلكاتهم ومحالهم، وجاءت لجنة من المحافظة وقدّرت بشكل مبدئى الخسائر بنحو 250 ألف جنيه -مرشحة للزيادة- لدينا 20 منزلا تم مهاجمتها، وهناك شخص يدعى هانى مهنى خسر بمفرده مليونا ونصف المليون جنيه، لأنه تاجر جملة كبير، ومحل ذهب ملك كرومر إسحق، ومكتبة ومحل أدوات صحية.

يوم فض اعتصام رابعة فى 14 أغسطس تم الاعتداء على الكنيسة الأرثوذكسية، وأوضح أن كنيسة الأرثوذكس 3 كنائس داخل سور واحد، هى كنيسة أثرية عمرها 1600 سنة، باسم السيدة العذراء، وكنيسة مارجرجس قديمة بعض الشىء، والكنيسة التى يصلون فيها الآن وهى الأنبا إبرام، وهو ما يسمى دير السيدة العذراء والأنبا إبرام، وهذا المكان تم تدميره تماما.

والكنيسة الأثرية الصور تشير إلى أنها فى حالة يرثى لها، حفر تحتها لمدة 10 أيام نحو 150 شخصا، بزعم التنقيب عن آثار، والشخص الذى يقود هذه العملية يطلب منهم دماء أطفال أقباط حتى يفسح الحارس عن الكنز على حد زعمه، فى تحريض مباشر على قتل المسيحيين، وتم الاعتداء على 38 منزلا بجوار الكنيسة الأرثوذكسية، وتم خلع أبوابها وشبابيكها وتدمير كل ما فيها من مرافق، حتى لو حاول الناس العودة فبيوتهم لا تحتوى على أبواب لتحميهم.

■ كم حالة قتل حدثت لمسيحيى القرية؟

– يوم 14 أغسطس شخص مسيحى يدعى إسكندر طوس ارتكب جريمة لا تغتفر عندما حاولوا مهاجمة منزله لنهبه ومعه زوجته وزوجة ابنه، فصعد على سطح المنزل وأطلق رصاصتين فى الهواء، فكيف يفعل ذلك؟ فدخلت عليه دلجا عن بكرة أبيها، ضربوه بالرصاص فى صدره ورأسه ثم قطعوه بالسنج والمطاوى، وخرجوا به فى الشارع وربطوه من رجليه بحبل فى جرار ومشوا به نحو 500 متر بالجرار فى القرية فى شوارع غير ممهدة، وصوروا ذلك فى فيديوهات سنصل لها ليشاهدها الناس، وقام شخص مسلم بوضعه فى إحدى المقابر بعد ذلك، فى اليوم التالى استخرجوا الجثة لاستفزاز أولاده، ولم يُصلَّ عليه ولم يُكفن ولم يتم شريح الجثة من الطب الشرعى، ولم تحقق النيابة وانتهى الموضوع على هذا الأمر ولم تستخرج له شهادة وفاة. وناشدنا طوب الأرض فكلمت نجيب جبرائيل وحافظ أبو سعدة، ومريم رفعت وهبة مرايف فى «هيومن رايتس ووتش» ولم يُعرنا أحد أى اهتمام، كنا نرجوا أن يأتوا ليساعدوننا فى دفنه وفى التحقيق.

الحالة الثانية هى لهانى شفيق وقال لى رئيس المباحث إنه لا يستطيع إرسال سيارة لنقله، ولدينا 2 تم خطفهما، وسيدة يوم 3 يوليو ضُربت برصاصتين فى القدم والدكتور قال لها معك سنة ونصف فى السرير، وهى زوجة نادى مهنى الذى قلت إنه خسر مليونا ونصف المليون، أما أسرة إسكندر طوس فتركت البلد بالكامل لأن هناك خطرا عليهم إذا عادوا.

■ ألم يوجد من يتدخل من أهالى القرية العقلاء لمنعهم من التمادى فى ذلك؟

– لا ننكر وجود عقلاء بالقرية، لكن صوت الشر يكون أعلى، ليست كل البلد سيئة، هناك موافقة ضمنية من الباقين، قد يوجد من يريد الدفاع عن المسيحيين ولا يقدر خوفا على حياته، وهناك من يوافق ضمنيا بصمته.

■ كيف تفسر موقف حكومات الدول الغربية من حرق الكنائس فى حين أنها رفضت فض اعتصام رابعة؟

– هذا التوجه كان للأخ أوباما سلام الرب عليه، الذى يناصر الإخوان ومصلحته بأن تكون مصر سوريا رقم 2، وتكون كما قالت الأخت كوندليزا رايس عن الفوضى الخلاقة بالشرق الأوسط، وأوباما هو من أوصلهم للحكم، وهناك دول متربصة بمصر منها دول عربية، لا تريد أن يتكلم أحد عن حرق الكنائس، كما قاموا بحرق جامع رابعة العدوية.

■ كيف ترى الوضع فى دلجا خلال الأيام المقبلة؟ هل ستستقر الأوضاع أم سيزيد العنف؟

– نأمل أن يكون الغد جيدا، بشرط أن تأتى الشرطة للقرية ليشعر الناس بالأمان، وتقوم بالقبض على مرتكبى الأحداث سواء أنصار المعزول أو البلطجية، ثم نبدأ فى اتجاهين، فتهتم الحكومة بعدد المدارس ومياه الشرب التى أشرنا إليها، وأن يأتى ممثلو الأحزاب والجمعيات الأهلية الموجودة فى مكاتب مكيفة بالقاهرة ليروا ما يحدث هنا، ليثقفوا الناس، حتى نتعايش مع بعضنا، شئنا أم أبينا لا بد أن نتعايش مسلمين ومسيحيين.

■ هل هناك مراكز أخرى بالمنيا تعانى مثل دلجا؟

– أكثر قريتين هما صفط اللبن وبنى أحمد الشرقية، وسمعت أن فى قرية صفط نحو 5 أسر تم تهجيرها وصعب أن تعود مرة أخرى، ولو عادوا سيكون أفرادها مهددين بالقتل.

■ ما الذى تطلبه بشكل فورى من الدولة؟

– الأمن يدخل دلجا، وهددت شخصيا أنه حتى يوم افتتاح المدارس السبت القادم لو الأمن لم يدخل إلى دلجا سنصعّد تصعيدا خطيرا، وأتحمل هذا الكلام بشكل شخصى، سأبدا بالإضراب عن الطعام والدخول فى اعتصام مفتوح، أمام مديرية أمن المنيا، وواثق بأنه سينضم إلىَّ عدد من المسلمين والمسيحيين الشرفاء فى هذه الخطوة، ويجيب أن نهتم بمياه الشرب والمستشفيات، لدينا صرف صحى فى دلجا ولا تستطيع الناس إيصاله للبيوت، وأناشد الأوقاف بالسيطرة على المساجد، وأعتقد أن وزير الأوقاف بدأ يفعل ذلك مشكورا.

■ ما رأيك فى رد فعل القيادات الدينية فى الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية لما يحدث فى دلجا؟

– القيادتان غائبتان، سواء الكنيسة الكاثوليكية أو الأرثوذكسية وناشدنا فى إحدى المداخلات التليفونية قداسة البابا تواضروس أن يتدخل من القاهرة ويتكلم مع وزير الدفاع أو الداخلية. أكيد كلمته سيكون لها رد فعل قوى، أو البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق.

■ ما تحتاج إليه القرية كى يعود الأمن؟

– دلجا لن تكون مثل رابعة أو النهضة، إذا كانت الشرطة فضت رابعة فى بضعة ساعات، فلو جاءت بالقوات الخاصة والمدرعات ستدخل القرية، ولديهم أكثر من طريقة ليفعلوا ذلك، ولكن عليهم أن يبدؤوا.

■ هل هناك رسالة تحب أن توجهها إلى أحد؟

– إخوتنا من المسلمين فى دلجا: نحن نحبكم، لو نتكلم فى الإعلام عن دلجا، فذلك لمكافحة البلطجة والناس المغرر بها، ونكافح من هان عليهم بيوت الناس وممتلكاتهم ومن هان عليهم قتل الشخص والتمثيل بجثته، نحن نهاجم هؤلاء الناس، لكن إخوتنا فى دلجا من المسلمين نحبهم ونقدرهم ونحترمهم.

بعد هدم مبنى الخدمات قمنا بفتح حساب بنكى للتبرع، باسم كنيسة مارجرجس بدلجا، لكن لما وقع كل هذا الضرر، قررنا توجيه الحساب لمساعدة كل المتضررين، فهناك 60 أسرة تتضررت منازلها وممتلكاتهم بالكامل، ونحو 150 أسرة هُجّرت بالكامل، ولدينا أطفال أسرهم لا تملك شيئا لتعليمهم، ورقم الحساب هو 06305010046234 فى بنك القاهرة فرع المنيا باسم كنيسة مارجرجس ونرجو ممن يحب المساعدة أن يتبرع عليه.

 

 

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى