الأخبار

دلجا.. حكاية قرية أعلنت استقلالها 32 يوما

 

97

شهر من العصيان المدني رفع سيطرة الدولة عن قرية صغيرة تقع جنوب مصر بمحافظة المنيا التي تبعد عن القاهرة 350 كيلومترا ويقطنها 115 ألف نسمة؛ احتجاجا على فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة المناهضين لخارطة الطريق التي فرضتها القوات المسلحة وأطاحت بالرئيس محمد مرسي، فالتهمت مخالب الغضب كنائس المسحيين ومنازلهم، وهو الثمن الذي دفعه أقباط دلجا مقابل معارضتهم للنظام السابق.

“ليلة دامية”.. كما وصفها أهالي دلجا، وخاصة مسيحييها الذي يقدر عددهم بنحو 20 ألفا يمثلون سدس سكان القرية الصغيرة. بدأت الأحداث تشتعل بشكل دراماتيكي، منذ فض اعتصامي أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بالقوة المفرطة، حسب تقارير حقوقية. وفي يوم 14 أغسطس أشعل غاضبون بالقرية النيران في مجمع خدمات تابع للكنيسة الكاثوليكية، وكنسية السيدة العذراء ودير الأنبا إبرام التي حولتها النيران إلى أطلال؛ بعد نهب محتويات الدير الأثرى الذى يرجع تاريخه إلى 1400، واستهدف غضب الأهالي منزل الأنبا أنجليوس وأكثر من 20 منزلا من منازل المسحيين بالقرية، كما أعلن أمجد عزت، المتحدث الرسمي باسم مطرانية دير مواس.

وألقى الأنبا مكاريوس، أسقف عام كنائس المنيا للأقباط الأرثوذكس، باللائمة على الجهاز الأمني بالدولة؛ محملا إياه مسؤولية أحداث العنف بسبب الغياب الأمني عن المشهد الملتهب الذي شهدته القرية، “هل ركزت الأجهزة الأمنية يوم فض الاعتصام على القاهرة فقط وتركت الدولة بدون أمن وحماية؟”، كما برأ التيار الإسلامي من حرق واقتحام الكنائس بالقرية بعد أن اتهم من أسماهم بالبلطجية الذي يعيثون في القرية فسادا وصل لدرجة الإتاوات من المسحيين.

سيطر الأهالي على القرية بعد اقتحام مركز شرطة ديرمواس، ونقطة شرطة دلجا، وهي السيطرة الأهلية التي دامت شهرا كاملا، أنهتها العملية العسكرية لقوات الجيش والشرطة مدعومة بالمروحيات العسكرية فجر الاثنين الماضي. عملية اقتحام القرية أطلقت عليها وسائل إعلام تعبير “تحرير دلجا”، كانت المحاولة الثالثة على الأقل للأمن، وفي كل مرة كانت النيران تواجه القوات على المدخل الوحيد الذي يربط دلجا بالعالم. وقبل الاقتحام الأخير، حاصر الأمن القرية عدة أيام قبل الاقتحام الذي استخدم فيه 18 سيارة مدرعة ومصفحة و6 مروحيات عسكرية، وأحكمت كل الطرق المؤدية للقرية حتى لا يستطيع المطلوبون أمنيا.

وفرضت الأجهزة الأمنية عقب الاقتحام حظر التجول بعد السيطرة على القرية وأهلها الذين دأبوا على كسر الحظر المفروض منذ فض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر، بمسيرات مؤيدة للرئيس المعزول، كانت قناة الجزيرة مباشر مصر تبثها على الهواء.

مدير أمن المنيا اللواء أسامة متولي أكد أن الشرطة لم تعتقل أي شخص دون سند قانوني، وأن الموقوفين من أبناء القرية صادر بحقهم قرارات ضبط وإحضار من النيابة العامة، لاتهامهم بالتورط في أعمال عنف.

دلجا قدمت نفسها على أنها من أكثر القرى المصرية رفضًا لخارطة الطريق التي أعلنتها القوات المسلحة بمشاركة قوى سياسية ودينية، حيث حرص أغلب سكانها على تنظيم اعتصامات ومسيرات شبه يومية؛ للتنديد بعزل الرئيس محمد مرسي والمطالبة بمحاكمة من أسموهم بقادة الانقلاب العسكري، وهي المسيرات التي اتسمت بالسخرية الشديدة من الحكومة الانتقالية.

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى