الأخبار

“شجرة مريم”جلس تحتها المسيح فتحولت لمزار

108

 

“شجرة مريم” في منطقة المطرية عمرها نحو ألفي عام، حيث استظل بظلها السيد المسيح وأمه العذراء مريم خلال رحلة الهروب إلى مصر ، وخلال هذه السنوات تحولت الشجرة إلى مزار سياحي وديني يقصدها البشر من شتى أنحاء العالم ، وكما يقصدها البشر بغض النظر عن جنسياتهم فقد تحولت أيضا إلى مقصدا للمسلمين والمسيحيين على السواء طلبا للبركة حيث ينذر الكثير من المسلمين نذورهم للشجرة التي يعتبرونها مباركة.

واللافت أنه من بين العجائب التي يتم تداول أخبارها في المجتمع المصري فيما يتعلق بتحقيق حاجات الزائرين للشجرة من شفاء المرضى والنجاح في الامتحانات اشتهرت الشجرة بين المصريين بتحقيق حلم الإنجاب للنساء اللاتي لا يستطعن الإنجاب، فليس غريبا أن تجد الكثير من النساء المسلمات اللاتي لديهن مشكلات في الإنجاب يزرن الشجرة ويطفن حولها راجين السيدة العذراء تحقيق حلمهن .

شجرة جميز مباركة

في أوائل التسعينيات من القرن الماضي تولت وزارة الآثار المصرية الإشراف على منطقة شجرة مريم باعتبارها منطقة أثرية فتمت إحاطتها ببوابات إلكترونية ومكتب للأمن والحراسة في المدخل وشباك للتذاكر التي يتم بيعها للجمهور من الزائرين بسعر رمزي ، كما طال المكان تجديدات أخرى عديدة منها إنشاء سور كبير رسمت عليه نقوش وزخارف فنية كما حفرت علي السور من الخارج آيات قرآنية وأخرى مسيحية ، وفي المدخل بعد البوابة الأمنية مباشرة يوجد تمثال كبير منحوت للعذراء مريم في وضع (التجلي) ثم جدارية تمثل العذراء وإلي جوارها يوسف النجار يقومان بتحميم الطفل يسوع بالبئر الأثري، وهو نفس البئر الذي استخدمته العائله المقدسة في الشرب والاستحمام وغسيل ملابس الطفل يسوع ، ويلي ذلك المشهد من الداخل شجرة مريم المقدسة والتي أحيطت بسور دائري صغير يضم ثلاثة أجيال للشجرة أصابها الجفاف الكامل، الأول عبارة عن جذع الشجرة الأصلية التي يرجع تاريخها للقرن الأول الميلادي حيث استظلت تحتها العائلة المقدسة خلال رحلة هروبها إلى مصر، ثم شجرتين أخرتين يقول مؤرخون أن الكهنة قاموا بغرسهما في عهود لاحقة باستخدام غصنين من الشجرة الأم ، وفي خلفية المشهد الذي يوحي بالكثير من القدسية تقبع شجرة جميز تطرح ثمراً يلتقطه الزوار ويأكلونه طلبا للبركة.

وعلى مسافة قريبة متحف يضم لوحات أثرية عن العائلة المقدسة وخريطة توضح مسار رحلتها إلى مصر، ومن بين مقتنيات المتحف حجر منحوت يقول المؤرخون أن العذراء مريم كانت تستخدمه لتحميم يسوع.

حقيقة اللعنة

يقول أحد مسؤولي الأمن بمنطقة شجرة مريم أن الحجر المنحوت الذي يوجد في المتحف تصدر منه رائحة طيبة وهو ما يدلل علي صحة الرواية التي أكدها كثير من المؤرخين والتي تقول أن العذراء مريم كانت تستخدمه في تحميم يسوع ، ويضيف ” الجميع يأتي إلى هنا مسلمون ومسيحيون وأجانب من جميع الجنسيات ، ويأتيالكثير من المصريين بغض النظر عن ديانتهم طلبا للبركة وينذرون النذور للسيدة العذراء لتحقيق أمنياتهم ما بين طلب الشفاء من المرض وأمنيات الزواج للفتيات والرغبة في الإنجاب وهو أمر شائع بين الكثير من السيدات مسلمات ومسيحيات ، ويحرص الزوار على الأكل من ثمر شجرة الجميز باعتبارها مقدسة ” .

ويرى كاهن كنيسة العذراء مريم بالمطرية القس ميصائيل ذكري، أنه ليس من المستغرب أن يحرص المصريون مسلمين ومسيحيين على زيارة شجرة مريم رغبة في الحصول على بركة السيدة العذراء ، ويضيف ” لقد أطلق اسم شجرة مريم علي عدد من الكنائس والمدارس وحتي المحلات التجارية بالمنطقة تبركا بها، بينما أطلق اسم الشجرة ومشتقاته علي بعض الشوارع فهناك شارع شجرة مريم وأيضا شارع البلسم، حيث يقال أن العذراء بعد أن غسلت ملابس الطفل يسوع وحممته ألقت بالمياه في الشارع فنبت مكانها نبات البلسم ولكني لم أشاهده ولا أعرف أحدا شاهده بالإضافة إلى شارع المقعد حيث يقال أن العائلة المقدسة جلست بهذا المكان “.

واعتبر ذكرى، أن انتشار الروايات بين المصريين حول قصة العائلة المقدسة لا يعني أن تكون كل هذه الروايات صحيحة لكنه يعكس تقديس المصريين لها ، ويتابع ” هناك مثلا رواية تقول أن إحدى الحارات بشارع الليمون لا يختمر العجين فيها أبدا ، وبحسب الرواية فإن العذراء طلبت طعام من سكان الحارة فرفضوا فلعنت هذا المكان بألا يتخمر عجينهم ثم ظلت تلك اللعنة حتي هذه اللحظة ، وهي رواية غير منطقية لسببين الأول أن منطقة المطرية أنشأت حديثا وحينما دخل عليها العمران كانت منطقه رملية فمن غير المنطقي أن تكون بها سكان في القرن الاول الميلادي والسبب الثاني أن العذراء حنونة ويستحيل أن تعاقب منطقة بأكملها بهذا الشكل وترافقهم اللعنة علي مر الأجيال”.

باحثات عن الإنجاب

تقول جمالات أحمد – سيدة مسلمة تسكن في منطقة قريبة من الشجرة – أنها تتمنى كثيرا أن تزور المكان، لكن الوقت لا يساعدها بسبب انشغالها.

وتضيف ” ابنتي وأحفادي يزورون الشجرة كثيرا طلبا للبركة وخاصة في أيام الامتحانان، وأنا أشجعهم على ذلك لإيماني بمكانة السيدة العذراء التي خصص الله سورة كاملة باسمها في القرآن الكريم “، معتبرة إقبال المسلمين على زيارة الشجرة أمر بديهي، وتتابع: “معظم جيراني في المنطقة يزورون الشجرة، وقد اشتهرت بركة العذراء في الكثير من الأمور منها شفاء المرضى وتحقيق الأمنيات مثل النجاح في الامتحانات والحصول على زوج مناسب للفتيات.

لكن الأمر الأكثر شهرة هو إقبال الكثير من النساء مسلمات ومسيحيات اللاتي لا يستطعن الإنجاب على زيارة الشجرة، وتنتشر الكثير من القصص في هذا الشأن ولي صديقات وجارات ذهبن لزيارة الشجرة لهذا السبب”.

وتقول مونيكا ناصر وهي طالبة بالصف الأول الثانوي تسكن بالمنطقة أنها تزور شجرة مريم في العطلات المدرسية بصحبة رفيقاتها أو مع أسرتها، وتضيف ” كلما حكيت لزميلاتي من خارج المنطقة عن المكان تحمسن لزيارته وقد درسنا موضوعا كاملا عن قصة العائلة المقدسة في المناهج المدرسية وهو ما أثار حماسة الكثير من زميلاتي لزيارة المكان”.

ويرى أحمد علي موظف بمنطقة الشجرة أن المتابع لمشهد الزائرين للشجرة لا يمكن أن يعرف المسلم من المسيحي، ويضيف “خلال تواجدي بالمكان أرى مشاعر الزائرين الجياشة سواء مسلمين أو مسيحيين وفي معظم الأحيان لا أستطيع معرفة ديانتهم حيث تغلب عليهم جميعا حالة تفرضها قدسية المكان، وبحكم عملي يمكنني القول أن النساء أكثر إقبالا على زيارة المكان”.

 

مصراوى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى