بيان بتفاصيل ما تم في التحقيقات اليوم

سلمت نفسي اليوم للنيابة بعد توارد اخبار عن قرارات الضبط و الاحضار للنشطاء. و عندمامثلت امام المحقق رفضت الرد على أي سؤال و تمسكت بالصمت لاعتراضي على النائب العام و انحيازه لجماعة الأخوان المسلمين الواضح من طريقة تعينه وتجاهل بلاغات في وقائع تعذيب حدثت بمدخل قصر الاتحادية في ديسمبر الماضي و مسجد بلال بالمقطم الجمعة الماضية، و طالبت بانتداب قاض تحقيق لضمان قدر من الحياد.
من اول لحظة تبين لي و لهيئة الدفاع تهافت البلاغ المقدم من قبل محامين بجماعة الاخوان المسلمين و تقاعس النيابة عن القيام بالحد الأدنى من دورها المهني، اغلب الأسئلة دارت حول تعليقات وردت على حساباتي بتويتر و فيس بوك و ليس كلام و افعال تنسب لي. و لم تقدم اي ادلة على وقائع محددة بل اتهمت بالتجمهر لغرض تخريبي بدون تحديد وقت محدد لهذا التجمهر ولا طبيعة العمل التخريبي ولا ادلة عليه.
كما تبين عدم اكتمال اوراق القضية فالشاكي تقدم بالبلاغ كملحق لبلاغ سابق و مع ذلك لم يدرج البلاغ الأصلي ضمن اوراق القضية، و لم تطلب النيابة اي تحريات من اي جهة، بل تعاملت مع ما تقدم به الشاكى من كلام مرسل او صور ضوئية او اليكترونية بصفتها قرائن و ادلة بدلا من التحقق منها و التحري عنها، و بناء على توصية من هيئة الدفاع لم اقر بصحة الصور الضوئية والالكترونية المقدمة من الشاكى و رفضت حتى الاطلاع عليها فلا كلام الشاكي ولا الصور الضوئية او الرقمية تمثل ادلة بدون تحريات. دفعني هذا للتمسك اكثر برفض التحقيق و اضفنا على شرط انتداب قاض تحقيق شروط القيام بالتحريات اللازمة و تمكين هيئة الدفاع من صورة كاملة من كافة اوراق القضية قبل ان نقبل بالتحقيق و نرد على أي اسئلة.
ختمنا التحقيق بدفع بعدم دستورية قرار الضبط و الاحضار و المنع عن السفر بناء على قراءة لمواد الدستور الجديد تبين ان النيابة العامة لا تملك صلاحيات الحبس الاحتياطي ولا الضبط ولا المنع من السفر او تحديد الاقامة و انما يمنح الدستور تلك الصلاحية بأمر قضائي صادر من جهة قضائية فقط و قرارات النيابة لا تعتبر اوامر قضائية صادرة من جهة قضائية.
بعد صرفي بشكل مؤقت من النيابة لحين استكمال التحريات فوجئنا ببيان عجيب عن مكتب النائب العام يدعي فيه اني انكرت صلتى بحساباتي على فيس بوك و تويتر رغم اني رفضت الاجابة عن أي اسئلة بما فيها الرد على السؤال الاستفتاحي الشهير “ما قولك فيما نسب اليك من اتهامات؟”. كما انني لم اسأل اصلا عن حساباتي على تويتر و فيس بوك و انما عن كلام محدد ينسب الي الحسابين و بالطبع رفضت الرد على الأسئلة و كما ذكرت رفضت التعامل مع الصور الضوئية والرقمية المقدمة من الشاكى و لم اطلع عليها اصلا . كما يغفل البيان ذكر اعتراضي على عدم حياد النائب العام و طلبي انتداب قاض تحقيق.
البيان كارثي فهو كذب و تزوير في امور مثبتة بمحضر تحقيق رسمي و يشهد عليها المحقق و امين سره و خمسة محامين من هيئة الدفاع عني. اما ان البيان كاذب او ان المحضر تم تزويره بعد توقيعي عليه، في الحالتين نحن امام جريمة كاملة.
و تأتي تلك الجريمة للتغطية على خطأ مهني جسيم و هو قرار ضبط و احضار متهم بدون القيام بالحد الأدنى من التحريات اللازمة، لتجميع حد ما يكفي من الادلة كسند لقرار الضبط والاحضار او الحبس الاحتياطى، فهل يعقل ان يتم القبض على كل من يقدم في حقه شكوى بدون اي محاولة للتحقق من جدية الشكوى و صحة الادعائات؟ بدون جمع ادلة؟ بدون شهود؟ بدون حتى اكتمال اوراق القضية؟ (ناهيك عن عدم ضرورة الضبط و الاحضار اصلا، فلماذا لم تحاول النيابة استدعائي؟)
البلاغ المقدم ضدنا وصل النيابة الخميس الماضي و فتح التحقيق فيه الأحد و صدر امر الضبط و الاحضار و المنع من السفر الاثنين؟!!! و حظى البلاغ رغم تفاهته باهتمام مريب من جهاز النيابة العامة لدرجة ان يصدر في امره عدة بيانات اعلامية تذاع على كافة وسائل الاعلام. متى بدأت النيابة في اذاعة قرارات القبض على المشكو في حقهم في الاعلام و هل يحق للنيابة الافصاح عن تفاصيل تحقيقات لا تزال جارية بهذا الشكل؟
لا يمكن اغفال ان التزوير و التجاوز المهني و العبث الاجرائي تزامن مع تجاهل بلاغات اكثر جدية في وقائع اكثر خطورة قدمت للنيابة من اربعة اشهر بخصوص قيام قيادات من الأخوان المسلمين باحتجاز و تعذيب عشرات المواطنين عند مدخل قصر الاتحادية باشراف اعضاء في مؤسسة الرئاسة.
فان كانت النيابة تحقق في اي بلاغ تافه يردها و تأمر بضبط و احضار اي مواطن يتم اتهامه بكلام مرسل لماذا الانتظار؟ حاولت النيابة تبرير التأخير في بيان سابق ادعى عدم ورود تحريات بخصوص احداث الاتحادية و فضحت وزارة الداخلية كذب هذا البيان حينما اعلنت انها انهت بالفعل تحرياتها و توصلت لهوية المشتبه بهم و لكن النيابة لم تصدر اوامر بالقبض عليهم او تطلب استدعائهم. الشيئ ذاته ينطبق على البلاغات المقدمة من نقابة الصحفيين عن وقائع الاعتداء على المراسلين امام مكتب الارشاد.
من الواضح ان النائب العام يتعامل مع البلاغات المقدمة من قبل جماعة الأخوان المسلمين بشكل استثنائي يعطيها الأولية و يقبل حجة الشاكي بدون تحري كما اتضح ايضا انه يتعامل مع البلاغات المقدمة ضد جماعة الأخوان المسلمين بشكل استثنائي يتجاهلها مهما كانت بشاعة الجرائم و مهما بذل الضحايا من جهد في توثيق و اثبات الجرم، بل ان النيابة على استعداد ان تتجاهل تحريات المباحث لو كان الأمر يخص مكتب الارشاد.
قضية النشطاء الخمسة قضية تافهة لكن ازدواج معايير النيابة وما تضمنه البيان من كذب و تزوير للتغطية على فضائح التحقيق نزولا على رغبات الرئيس و حزبه كارثة تهدد الجميع.
لذلك قررت اتخاذ ما يمكن من اجراءات قانونية لمحاسبة المسئول عن التجاوزات المهنية و الجنائية في حقي.
ملحوظة:
البيان يتضمن ما يؤدى لانعدام اى اساس لقرارى المنع من السفر والضبط والاحضار فالبيان ينص على طلب النيابة من الداخلية التحرى عن من هو صاحب الحسابين، الم يكن هذا هو الاجراء المنطقى قبل الاستدعاء والضبط والمنع؟ وهذه مهمة النيابة كجهة اتهام. ونرجو الا تكون القرارات من قبل المحقق بالتحريات كما ذكرها البيان المعيب لان لم يكن شاملا لكل ما ينبغى التحرى عنه فالتحرى ينبغى ان يتضمن التحرى ايضا عن التعليقات ومن صاحبها وتوقياتاتها و سياق النقاش و بالنسبة للصور هل حملها المشكو فى حقه؟ متى؟ وكيف وصلت له؟ هل هناك خصومة سياسية بين الشاكين والمشكو فى حقهم؟ ناهيك عن التحريات في وقائع التجمهر على الأقل لتحديد افعال و مواعيد محددة و التوصل لشهود عيان.
ما امارسه عندما ارفض الاجابة على اسئلة المحقق يسمي حق الصمت، و الصمت حق اصيل للمتهم ولا يجوز تفسيره ضد مصلحته ولا اعتباره دليل ادانة بأي شكل. بالتجربة امام محاكم مبارك و طنطاوي الاستثنائية وجدنا ان الصمت دائما افضل دفاع، يحاول النائب العام سلبي الحق في الصمت لا بتفسيره كدليل ادانة و انما بانكاره من اصله و استبدال صمتي باكاذيبه.
من مزايا الاعتراض على النيابة بحق الصمت بدلا من عدم المثول امكانية مطالعة اوراق القضية و التعرف على طبيعة الاتهامات و القضية، و التقدم بدفوع مثل طلب قاض تحقيق او دفع عدم دستورية.
المثول امام جهة التحقيق و التمسك بالصمت مع المطالبة بقاض تحقيق هو نفس موقفي امام النيابة العسكرية في قضية ماسبيرو و نيابة امن الدولة في قضية التضامن مع قضاة الاستقلال.
قارنو بيانات النيابة العسكرية عند اتهامى فى مذبحة ماسبيرو ببيانات النيابة العامة فى مذبحة المهنية والحياد فى موقعة الجبل، طغاة الأمس كانوا اكثر احترافيا في التلفيق.