أحمد سعيد: «مرسى» فشل.. والتاريخ سيذكر هذه المرحلة بـ«العار»

قال الدكتور أحمد سعيد، رئيس حزب المصريين الأحرار عضو لجنة الصياغات السياسية بجبهة الإنقاذ الوطنى، إن نتائج الجولة الأولى للاستفتاء على الدستور، تؤكد نجاح التيار المدنى فى مواجهة تيارات الإسلام السياسى، والحشد للتصويت بـ«لا»، مطالباً فى حواره مع «الوطن» مؤسسة الرئاسة بالإعلان للشعب عن موقف وزارتى الداخلية والدفاع من الرئيس محمد مرسى، والنظام الحالى.
وتوقع سعيد استمرار معركة الدستور قبل الوصول إلى مرحلة الانتخابات البرلمانية، ومن الممكن أن يحدث أمر مؤثر فى الحياة المصرية، ربما يكون ثورة جديدة تعصف بالنظام، وإلى نص الحوار:
* بداية.. ما تقييمك للمشهد السياسى حالياً؟
– المشهد السياسى الآن سيئ جداً وقبيح، فالمرحلة التى نشهدها لم تمر بها مصر من قبل، على الرغم من أنها واجهت مشكلات كثيرة على مدى تاريخها، كالإرهاب، ونكسات الحروب، والمشكلات الاقتصادية، لكن لم يسبق أن خَيّم الانقسام على البلاد، وأعتقد عندما ننظر إلى هذه الأزمة بشكل تحليلى، فإن التاريخ سيذكر هذه الفترة بالعار.
* فى تقديرك.. مَن المسئول عن هذا الانقسام؟
– بالطبع الأمر يقع على عاتق رئيس الجمهورية، باعتباره المسئول عن تسيير أمور البلاد، والتصدى لما تواجهه من مشكلات، فالدكتور محمد مرسى كان رئيساً لحزب الحرية والعدالة، وواحداً من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ووعد أثناء فترة الانتخابات الرئاسية، بأن يعمل جاهداً ليكون رئيساً لكل المصريين، لكن أعتقد أنه فشل فشلاً ذريعاً فى ذلك.
– غير صحيح، فأحزاب وقوى المعارضة لها حدود فى الممارسة السياسية، ولا يمكن أن نلجأ إلى إسقاط رئيس منتخب لمجرد الاختلاف معه فى الرأى أو الأيديولوجيات، وكنا نتعامل معه «بما يُرضى الله»، عندما كان يدعونا إلى الاجتماع ومناقشة مستجدات الأمور على الساحة السياسية، وقبلنا جميع الدعوات، وشاركنا بإيجابية، وعرضنا الأفكار والرؤى، للخروج من الأزمات المتلاحقة، ووقفنا بجانبه عندما أطاح بقيادات المجلس العسكرى، وعندما ألغى الإعلان الدستورى المكمّل الذى أصدره المشير حسين طنطاوى، وزير الدفاع السابق، قبل ساعات من إعلان نتيجة جولة الإعادة.
وعندما اختار مرسى الوزارة دون مشاركة أىٍّ من القوى السياسية المعارضة لم نعترض، ولم نبدى استياءً من حركة المحافظين التى غلب عليها الطابع الإخوانى، ولكن الجميع تفاجأ بصدور الإعلان الدستورى الذى تحدى الرئيسُ من خلاله جميع مؤسسات الدولة.
* ولكن التيارات الإسلامية تُحمِّل جبهة الإنقاذ مسئولية تهييج الرأى العام على الرئيس؟
– لا بد أن يعلم الجميع أن الشعب المصرى لم يعد يقبل وصاية من أحد، فعندما خرج الناس فى يناير من العام الماضى للمطالبة بإسقاط الرئيس السابق حسنى مبارك، كان ذلك بوازع شخصى، و«يا ريت» تكون جبهة الإنقاذ قادرة على التأثير فى الشارع بهذه الطريقة وحشد المواطنين، فى هذه الحالة ستكون قوى المعارضة صاحبة الأغلبية البرلمانية والمسيطرة على مفاصل الدولة، لذلك فالجبهة لا تتحمل مسئولية الشارع، ولكن قرارات الرئيس هى التى أدت إلى ذلك.
والحقيقة أن «مرسى» لم يستطع التفريق بين مطالب الجبهة بإلغاء الإعلان الدستورى، وبين الجماهير الغاضبة والمحتشدة فى الميادين، فنحن نتحدث فقط باسم المعارضة، وليس باسم الشارع، والمصريون وجدوا أن الإعلان الدستورى يمثل انتهاكاً لجميع الحقوق والحريات، وتعدياً على مؤسسات الدولة، لذلك خرجوا ضده.
تعامَلنا مع الرئيس «بما يُرضى الله».. ووقفنا بجانبه عندما أطاح بقيادات «العسكرى» وألغى إعلانهم الدستورى
* أعلنتم رفضكم للمشاركة فى الاستفتاء، ثم تراجعتم ووضعتم 5 شروط للحشد بالتصويت بـ«لا» قبل أن تتراجعوا مرة أخرى وتشاركوا فى المرحلة الأولى دون تحقق الشروط، ما أسباب التخبُّط فى القرارات؟
– فى الحقيقة ليس تخبطاً، ولكنه مسايرة للأوضاع السياسية المتلاحقة، فكان لدى أعضاء الجبهة اعتقاد بأن المصريين لديهم رغبة شديدة فى المشاركة والحشد للتصويت بـ«لا» خلال المرحلة الأولى للاستفتاء، لذلك رضخنا لمطالبهم، على الرغم من اعتقادنا أن المشاركة فى عملية الاستفتاء ستضفى عليه شرعية زائفة، وأى قرار بالمقاطعة كان سيُحدِث حالة من البلبلة وشق الصف بين قوى المعارضة.
* كيف قرأتَ مؤشرات نتائج المرحلة الأولى من الاستفتاء؟
– بداية، نتائج المرحلة الأولى يشوبها الكثير من علامات الاستفهام، لأن تقارير منظمات المجتمع المدنى تُفيد بأن نسبة التصويت بـ«لا» بلغت نحو 65%، وهناك انتهاكات وتجاوزات وعمليات تزوير مرصودة قدمناها إلى النائب العام واللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء، لذلك أرى أن القوى المدنية فازت فى تلك الجولة، ولكن نظراً لأننا نعيش نفس الحالة «المباركية» من تزوير إرادة ووعى المصريين، وعدم وجود حوار جاد بين المعارضة والقوى الحاكمة، أو التفات إلى البلاغات المقدَّمة ضد رغبة النظام، وغياب الإشراف القضائى على عملية الانتخابات خرجت النتيجة عكس الواقع الانتخابى.
* فى تقديرك.. هل كان هناك تعمُّد لتزوير الاستفتاء؟
– بعض الحالات كانت متعمَّدة، وأخرى حدثت نتيجة التسرع وعدم الترتيب وغياب المقومات الأساسية لإجراء أى استفتاء، لكن بغض النظر عن النتيجة، لا بد أن يعلم القائمون على السلطة أن التاريخ سيحاسبهم بتهمة الدعوة إلى استفتاء على مشروع دستور الهدف منه تقسيم المصريين، وأى شخص ينظر إلى الأوضاع فى مصر من خارج دائرة الصراع سيرى أن الدعوة إلى الاستفتاء فى ظل هذه الظروف تبدو «جنوناً»، ولا بد أن نعرف الأسباب الحقيقية وراء الإصرار على إجراء الاستفتاء فى مثل هذه الظروف، خصوصاً أن مشروع الدستور «منقوش» من «دستور 71»، مع تغيير جزئى لعدد من المواد، وأعتقد أن التيارات الإسلامية، وعلى رأسها الإخوان المسلمين، لديها إحساس بأن تأجيل الاستفتاء يمكن أن يعطى القوى المدنية مزيداً من الوقت للحشد والتصويت بـ«لا»، ومن ثم رفض الدستور المرغوب فى تمريره، ليجرى بعده الاستعداد للانتخابات البرلمانية، ليأتى مجلس الشعب مرة أخرى بأغلبية إخوانية. وأنا أتساءل ألا يرى الرئيس مرسى أن نصف الشعب تقريباً رافض لهذا الدستور، مما يعنى ضرورة إلغائه؟
* وفى ظل نتيجة المرحلة الأولى للاستفتاء، كيف ستستعد القوى المدنية للانتخابات البرلمانية المقبلة؟
– أظن أن من يرى نتيجة الاستفتاء قد حُسمت، وأن علينا التركيز فى معركة الانتخابات البرلمانية، صاحب رؤية ضيّقة للأمور، لأن المعركة حول الدستور ستستمر، خصوصاً لحسم القرارات الديكتاتورية الصادرة من جماعة الإخوان المسلمين، ولا أعتقد أننا سنصل إلى مرحلة الانتخابات البرلمانية قبل أن يحدث شىء، ربما يكون ثورة أو تنازلاً.
الجولة الأولى للاستفتاء تؤكد تفوُّق «الإنقاذ الوطنى» فى مواجهة تيارات الإسلام السياسى
* ما طبيعة هذه الثورة المتوقَّعة؟
– مداها سيكون مثل ثورة 25 يناير، تُسقط النظام أو تؤدى إلى «شلله» ليصبح غير قادر على إدارة شئون البلاد.
* وهل جبهة الإنقاذ حالياً تؤيد الدعوات المطالبة بإسقاط النظام؟
– منذ تشكيل جبهة الإنقاذ الوطنى حتى الآن، لم نذكر فى مطالبنا إسقاط الرئيس، ولكن بعد التعنُّت والإصرار على القرارات الديكتاتورية التى أصدرها أكدنا أن تلك الأمور أسقطت شرعيته، وعلى مؤسسة الرئاسة أن تُخبر المصريين ما هو موقف وزارة الداخلية من الرئيس مرسى؟، فالشرعية لا بد أن تُبنَى على نقاط محددة، من بينها موقف وزارتى الداخلية والدفاع والهيئات القضائية.
* إذن لماذا لا تخرج الجبهة فى بيان رسمى وتوضح تلك النقاط وتطالب بإسقاط النظام لافتقاره إلى الشرعية؟
– لأن الشعب هو من يملك سلطة المطالبة بإسقاط النظام، ولا توجد جهة يمكنها المطالبة بذلك، خصوصاً أننا نمثل قوى المعارضة فقط، ولا نتحدث باسم المصريين، ومن طالب بإسقاط «مبارك» ونظامه هو الشعب.
* هل الدعوة إلى الحوار التى طرحها وزير الدفاع تؤكد وجود خلاف بين المؤسسة العسكرية والرئيس مرسى؟
– أعتقد أن هناك تخبُّطاً بين مؤسسة «الرئاسة» والمؤسسة العسكرية، فالأولى تتخذ القرار بالتعاون مع جهات أخرى، ممثلة فى مكتب الإرشاد، وبالتالى قراراتها غير مستقلة، وأعتقد أن «مرسى» تخوّف من عودة المؤسسة العسكرية للعب دور فى الحياة السياسية، مما يمكن أن يهدد قوته كحاكم للبلاد، بعد أن وجّهت الرئاسة الدعوة إلى القوى السياسية للاجتماع، لكننا رفضنا دعوتها، ثم وجّهت المؤسسة العسكرية نفس الدعوة بعد أيام، فقبل الجميع، مما يعنى أن القوات المسلحة تتخذ مرة أخرى الدور الأكثر تأثيراً فى البلاد.
* أخيراً.. كيف تابعت الهجوم على مقر حزب الوفد؟
– بالطبع هو مؤشر خطير يؤكد أنه لا وجود للدولة المصرية، وأننا وصلنا إلى مرحلة على جميع المصريين فيها أن يحموا أنفسهم، بأنفسهم، وأنا تلقيت مكالمة هاتفية من حمدين صباحى، أكد خلالها أنه غير قادر على مغادرة مقر التيار الشعبى، لوجود عدد من أنصار التيار الإسلامى بالخارج، ولكن حتى الآن لا يوجد متهمون محددون فى حرق مقر حزب الوفد، مما يعد امتداداً لسياسات العهد السابق، ولا معلومات كافية لدينا عن المتورطين فى أحداث الاتحادية تماماً، كما لم نعرف المتورطين فى تفجيرات كنيسة القديسين.
الوطن