وهل ترتقى الشعوب بالظلم ؟

فيبي

 

حضرت ندوة حقوقية بجمعية التنوير التى اسسها «فرج فودة». كانت الندوة بعنوان «الازدراء ..احدث صور الارهاب ..اليوم على البسطاء ..و غدا على الوطن كله».

وكعادة الندوات الحقوقية التى ترصد الانتهاكات, يقاس مدى نجاح الندوة وقوة تأثيرها.. بمقدار النكد وحرقة الدم التى تصيبك بعد سماع الوقائع المؤلمة التى ترصدها. حقيقة بهذا المقياس, كانت الندوة ناجحة.

للاسف منذ وصول تيار الاسلام السياسي للحكم, بدأت قضايا ازدراء الاديان تظهر على الساحة كوسيلة لارهاب الاقباط خاصة و ترويعهم . وايضا لتكفير المسلمين المعارضين لهذا التيار والذين يفضحون انتهاكاته.

بعض تلك القضايا اخذت حقها الواجب من تسليط الضوء الاعلامى عليها, مثل قضية ازدراء الاديان التى وجهت للاعلامى المتميز باسم يوسف. والذى ساعده فيها تضامن وسائل الاعلام معه وتسليط الضوء على تلك المهزلة.

ولكن على الصعيد الاخر، تم القاء بعض المسيحيين البسطاء بسبب تلك القضايا فى السجن ظلما وارضاء للمتشددين وسط تجاهل اعلامى مريب. «بيشوى كميل» مدرس حكم عليه بالسجن 6 سنوات.. منهم 3 سنوات بتهمة ازدراء الاديان.. وسنتان بتهمة اهانة الرايس «نفس التهمة الموجهة للبطل احمد دومة» وسنة «زيادة على البيعة»، أيضا «مكارم دياب« مدرس مسيحى حكم عليه بالسجن 6 سنوات بتهمة ازدراء الاديان .

طالب مسيحي قاصر باسيوط, حكم عليه بالسجن 3 سنوات بنفس التهمة، ايضا محامى مسيحي حكم عليه بالسجن سنة بنفس التهمة، واخيرا دميانة, المعلمة الشابة التى ستتم محاكمتها اليوم . بعد ان قضت بالحجز عدة ايام ثم اخلى سبيلها على ذمة القضية بكفالة 20الف جنيه، اضطرت اسرتها الفقيرة لاستدانتها «توازى مرتبها فى اكثر من 15 سنة» وتعيش فى رعب هى وعائلتها بسبب تربص المتشددين بها.

فى القضايا السابقة كان يتم حصار المحكمة من المتشددين وارهابهم للقضاة، بل واعتدائهم على محاميو المجنى عليهم وتكفيرهم للمسلمين منهم، وللاسف غياب وسائل الاعلام «لان المجنى عليهم ليسوا من المشاهير» سهل ان يصبح هؤلاء البسطاء لقمة سائغة لهؤلاء المتشددين ينفسون فيهم عن تعصبهم و كراهيتهم.

مثلا دميانة التى ستتم محاكمتها اليوم, هى شابة 23 سنة من عائلة بسيطة انتدبت مؤقتا كمعلمة للدراسات الاجتماعية لسنة رابعة فى مدرسة بدلا من زميلة فى اجازة وضع.

وفى اليوم المشؤوم كانت تقوم بعملها العادى وكان الدرس به جزء عن ان مصر مهد الديانات. من حسن حظها ان موجه المادة «والذى شهد لصالحها» كان حاضرا بالحصة، وخرج قبل نهايتها بعشرة دقائق، وقامت بحل تدريبات الكتاب المدرسي مع التلاميذ. وكان السؤال عن الاديان الثلاثة، فاتهمها 3 تلاميذ بانها وضعت يدها على رقبتها عند الحديث عن الدين الاسلامى!! «احدهم يظن انها وضعتها على بطنها وليس رقبتها!!»… والد احد هؤلاء التلاميذ الذى يهيج الموضوع, متهم من قبل فى قضية طائفية.

دميانة شهد لصالحها المدرسين المسلمين، شهد لصالحها ناظر المدرسة، وقدم مذكرة بهذا اكثر من 10 تلاميذ بالفصل نفوا حدوث اى امر مسيء.

لم يعتد المسؤولين بكل هذا، بل تم القبض عليها ارضاء للمتشددين الذين هيجوا الدنيا، تم حبسها على ذمة التحقيق 4 ايام، ثم التجديد 15 يوما، ثم افرج عنها بكفالة باهظة تفوق مقدرة عائلة فقيرة. وجلسة محاكمتها اليوم .

ايا كان الحكم فى قضية دميانة, فاعتقد ان الظلم قد وقع خلاص، وتمت بهدلتها وارهابها وترويعها هى وعائلتها بلا ذنب سوى انها من الاقليات فى بلد لا تحترم حقوقهم، وامام قضاء يترك المتشددون فى الفضائيات يزدرون الاديان جهارا نهارا، ثم يسجن مواطنين مسيحىين مغمورين بناء على اقوال مرسلة من خصومهم.

نظرة الى كل الدول حولنا فى العالم، اتحدى ان نجد دولة من الدول المتقدمة, التى استطاعت ان تحقق رخاء اقتصادى واجتماعى وثقافى وعلمى وفى نفس الوقت تنتهك حقوق الاقليات وتروعهم وتسجنهم؟؟، هل العدالة التى تكيل بمكيالين تصبح عدالة؟؟.هل نتعجب بعد هذا عندما يصنف «تقرير الحريات الدينية» مصر بكل حضارتها فى القائمة السوداء بسبب اضطهاد الاقليات؟؟ هل نتعجب عندما تعلن منظمات اوروبية ان هذا القانون يطبق فقط على المسيحيين؟؟ لماذا يتعايش المواطنين جميعا اصحاب العقائد العديدة المختلفة فى الغرب بدون تلك المهاترات؟؟

هل سنبدأ عصرا من محاكم التفتيش و يتفرغ القضاء و الشرطة لملاحقة «مين قال ايه؟» ارضاء للمتشددين, بدلا من القبض على البلطجية والمجرمين المنتشرون بطول البلاد و عرضها؟؟ هل لا يدرك المصريون المعتدلون انهم هم الضحية القادمة للمتشددين ؟؟ وان صمتهم الان على هذا الظلم والتنكيل ليس فى صالحهم وسيندمون يوما عليه؟

التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى