الوجه الآخر للحياة داخل جامعة القاهرة

 

59

للحياة دائما وجه آخر، فالطلاب الذين خرجوا فى مظاهرات بجامعة القاهرة، أمس، للمطالبة بحق الطالبين حكيم ومحمد، اللذين لقيا حتفهما فى الاشتباكات مع قوات الأمن، عند اقتحامها مقر الجامعة مؤخرا، لا علاقة لهم تماما بزملائهم الذين يجلسون للتسامر فى مقاهى الجامعة بكليات الإعلام والتجارة ودار العلوم، ولا يجمع بين الطرفين سوى كارنيه الجامعة الذى يحمل صورة قبتها الشهيرة فى الخلفية.

الصورة داخل جامعة القاهرة تبدو شديدة الانقسام، فالحركة فى كليات العلوم والحقوق والآداب بدت ضعيفة، مع إغلاق بعضها لأبوابه الرئيسية والفرعية، رغم الاستمرار فى استقبال أعداد محدودة من الطلاب، الذين حرصوا على حضور المحاضرات، فيما كانت الحياة تسير بصورة طبيعية داخل كليات الإعلام ودار العلوم والتجارة.

ولم تمنع هتافات المتظاهرين الذين استمروا فى الطواف بشوارع الجامعة على مدار اليوم، طلابا آخرين من الجلوس معا فى الكافيتريات، أو شراء الأطعمة من المحال الشهيرة، بينما كان لافتا انتظام الدراسة فى كليتى الإعلام ودار العلوم، رغم وجود لافتات على الكليتين تدعو إلى الإضراب، وبصيغة استنكارية، سألت سارة على صديقتها الطالبة فى الفرقة الثانية، «هل هذا هو الإضراب؟»، وذلك بعدما دخلت إلى المدرج، فوجدت زملاءها الداعين إلى الإضراب، فى انتظار بدء المحاضرة فى الساعة الثانية عشرة ظهرا.

وأمام كلية الإعلام، التى أطاح طلابها بعميدها المنتمى للحزب الوطنى المنحل، بعد ثورة 25 يناير، جلس عدد من الطلبة والطالبات يتسامرون، ويتناولون المشروبات، بينما كانت كافيتريا الكلية ممتلئة بالكثير من الطلاب الذين واصلوا الحديث فى موضوعات بعيدة تماما عن السياسة، ووقف طلاب آخرون فى مدخل الكلية، ينقلون جدول الامتحانات المقترح، بعد تعليق الإدارة له، مع تدقيق حرس الكلية فى الطلاب المترددين عليها، وانتظام الدراسة فى المحاضرات منذ الصباح الباكر.

يقول أحد طلاب الفرقة الثالثة بكلية الإعلام، إن «الكلية بشكل عام لا يخرج منها الكثير من المظاهرات، لذلك لم تتأثر الدراسة فيها بالدعوة إلى الإضراب، كما أن المبنى الخاص بها بعيد عن المبنى الرئيسى للجامعة، الذى تتركز فى محيطه مظاهرات الطلاب».

وبينما أغلقت كلية دار العلوم بابها الرئيسى فى وجه الطلاب، نجح عدد منهم فى الدخول من الباب الخلفى، ووقف آخرون أمام الخزينة، لصرف مكافأة التفوق عن العام الماضى، والتى بدأ صرفها قبل أيام قليلة، كما امتلأت مدرجات الكلية ومسجدها بالطلاب، بعضهم أنهى محاضراته، والبعض الآخر كان فى انتظار أن تبدأ محاضراته بعد قليل، وفى الجوار كانت اللافتة المعلقة تحمل تعليمات صريحة بحظر ممارسة العمل السياسى داخل الكلية، بجانب شعارات تنتقد قوات الشرطة والجيش، وتتهمها بقتل المتظاهرين.

وفى انتظار وصول الأستاذ تمهيدا لبدء المحاضرة، وقف طالب الفرقة الثانية بكلية دار العلوم، حسن، ليدخن مع عدد من أصدقائه، قرب المدرج، علق قائلا «فرصة أن يتكون هناك مظاهرات، حتى يركز أفراد الأمن معها، ونتمكن نحن من التدخين براحتنا، دون إزعاج منهم».

وخلف مبنى كلية تجارة إنجليزى، وقف عدد من الطلاب فى محاولة لجذب زملائهم إلى المشاركة فى نماذج محاكاة جامعة الدول العربية أو الأمم المتحدة أو غيرهما من الهيئات الدولية والإقليمية، وحضور برامج التدريب، خاصة أن الإقبال على التسجيل كان ضعيفا، ما أرجعته نورا أحمد، مسئولة أحد الأنشطة، إلى المظاهرات، مشيرة إلى الاستمرار فى قبول الطلاب يوميا لحين بدء الدورات فى الفصل الدراسى الثانى.

الشروق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى