البنك الدولى: العمالة المصرية تفتقد لآليات الأمان الاجتماعى
محمد جاد
«التنمية تحدث من خلال توفير الوظائف»، كانت تلك الفكرة الرئيسية التى دار حولها تقرير التنمية السنوى للبنك الدولى، الذى جعل من «الوظائف» عنوانا له، مؤكدا دور الاستراتيجيات والبرامج التى تقدمها الحكومة فى تحديد نوع الوظائف التى سيكون لها أعلى عائد تنموى، فى ظل ظروف كل دولة. واعتبر التقرير أن الربيع العربى كشف عن مخاطر مشكلات البطالة فى الدول النامية، «لأن النمو الاقتصادى وحده قد لا يكون كافيا»، ثم حاول أن يقدم نصائح عن كيفية تطوير سياسات التشغيل ذات العائد التنموى على المواطنين.
«التماسك الاجتماعى» كان من الاصطلاحات التى كررها التقرير، فى سرده للتحولات السياسية التى جرت فى الفترة الأخيرة والتى كان الربيع العربى من أبرزها وربط تقرير نجاح سياسات التوظيف بتحقيق هذا التماسك، حيث أشار إلى أن مشكلات الدول النامية لا تقتصر فقط على البطالة ولكن فقدان العديد من الوظائف لشروط العمل اللائق التى حددتها منظمة العمل الدولية، وهى الظروف التى تشعر العديد من المواطنين بغياب الترابط الاجتماعى، « فعدم الاستقرار الاجتماعى قد يتزايد عندما لا يحظى المتعلمين بالمكافأة الملائمة لهم أو عندما يشعر الناس أن توزيع الوظائف غير عادل».
بحروف لاتينية، كتب التقرير كلمة «واسطة» ناقلا إياها عن لسان الشباب المحبطين فى مصر، كنموذج على عدم نجاح سياسات التوظيف، «الشباب فى مصر يقولون إنه للحصول على عمل فى شركة كبيرة يجب أن تحظى بواسطة، بغض النظر عن المهارات التى تتمتع بها، يجب أن يساعدك شخص للحصول على هذه الوظيفة وفى بعض الاحيان قد تدفع أموالا».
وفى ظل ارتفاع معدلات بطالة الشباب فى مصر، تفتقد العديد من الوظائف المتوافرة لهم لمعايير العمل اللائق، كما أضاف التقرير، مشيرا إلى أن عدد من يعملون فى القطاع غير الرسمى بين سن 15 إلى 24 سنة يمثلون ضعفين من يعملون فى هذا القطاع بين سن 35 إلى 54 سنة.
هذا إلى جانب استمرار القطاع العام كمشغل رئيسى للحاصلين على تعليم عالٍ فى مصر، وعدد من الدول العربية، بالرغم من تواضع قدراته على توفير الوظائف الجديدة وهو ما يزيد من إحباط الشباب الجامعيين، ووفقا للتقرير فإن «ثلث العمالة فى دول مثل مصر والعراق والأردن اليمن تعمل فى القطاع العام». وفى ظل انتشار علاقات العمل غير الرسمية، تنتشر العديد من أشكال غياب حقوق العمل، وهى القضية التى أثارها التقرير مؤكدا أن «الوظائف مسألة لا تقتصر فقط على الأجور، هناك عوامل أخرى مثل أمان العمل والاستقرار والتعلم وفرص التقدم والحصول على المزايا التأمينية وغيرها من الأمور التى تحظى بأهمية كبيرة عند العمال».
فى هذا السياق عرض التقرير دراسة مقارنة بين عينة من العمال فى الصين وكولومبيا ومصر وسيراليون، التى كشفت عن ضعف قدرة العينة على الحصول على امتيازات الأمان الاجتماعى، وكانت العينة المصرية أعلى العينات من حيث اهتمامها بخدمة التأمين الصحى وبأهمية العمل بعقد عمل دائم.
ودعا التقرير إلى تطوير سياسات تشجيع المشروعات الصغيرة كوسيلة لتوفير الوظائف، فتطوير سياسات «التشغيل الذاتى» فى مصر تستطيع أن توفر وظائف جديدة لـ5% من القوى العاملة.
ونبه التقرير إلى ضعف التمثيل النقابى للعمال خارج القطاع العام بالرغم من الدور الذى تقوم به الاتحادات العمالية فى المساهمة فى رفع أجور العمال، مقدرا أن النقابات تساهم فى رفع الاجور فى المكسيك بما يتراوح بين 5% إلى 15% وفى جنوب أفريقيا بين 10% إلى 20%، وأكد ضرورة توفير آليات للعاملين فى المشروعات الصغيرة والمزارع لكى يعبروا عن مطالبهم ويتم حل العقبات التى تواجه أنشطتهم الاقتصادية.
بوابة الشروق