أكاديمي إسرائيلي: جيش مصر لن ينسى للغرب تودده للإخوان

قال الدكتور يوحاي سيلع، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، بجامعة تل أبيب إن التعليقات الغربية على الأحداث في مصر، بعد 30 يونيو، تعكس عدم إدراك الغرب لحالة الاعتزاز بالنفس التي يشعر بها الجيش المصري، وأضاف سيلع، في تقرير له بمجلة «الشرق الأوسط» الإسرائيلية إنه فيما وقع ملايين المصريين على وثيقة لعزل مرسي، قررت الولايات المتحدة ودول أوربية أن يكون لهم «علاقة غرامية» بجماعة الإخوان، مشيرًا إلى أن الغرب «أدمن العنف الإسلامي المتطرف».
وقال الدكتور يوحاي سيلع إن «الرد الهجومي للجيش المصري على الإخوان المسلمين الذي نُفذ في منتصف أغسطس 2013، تأسس على شعور قوي جدًا مفاده أن 70% من الجماهير المصرية تُفضل نظامًا شبه عسكريًا على الديكتاتورية الإسلامية، التي سعى إليها الرئيس المعزول محمد مرسي.. وعلى الرغم من العدد الكبير من القتلى، ومن بينهم جنود وضباط من الشرطة والجيش، إلا أن دعم معظم المصريين بالجيش بقي قويًا إلى حد ما، وسيزداد كلما عاد الأمن في شوارع مصر».
وأضاف الباحث الإسرائيلي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط أن «التوتر الاقتصادي، الديني والسياسي، بلغ ذروته عندما حاول مرسي العمل من أجل تحويل مصر لدولة دينية متطرفة. حوالي 25 مليون مواطن وقعوا على وثيقة لعزل مرسي، وعلى الرغم من ذلك، فإن الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، قررت أن يكون لها علاقة غرامية مع جماعة الإخوان المسلمين، المعادية للديمقراطية والليبرالية. هذا التودد من بعض الدول الغربية لجماعة الإخوان المسلمين، لن ينساه قيادات الجيش المصري بسرعة، ويمكن القول إن قيادات الجيش سيجدون الوقت والمكان المناسبين للرد على ذلك».
وأشار الدكتور سيلع إلى أن الغرب أخطأ لعدم إدراك اعتزاز مصر وجيشها بنفسيهما، وقال: «لمصر والجيش المصري اعتزاز وطني عميق، يمليه عليهما أحيانًا أعمالهما في الساحة الداخلية وفي الساحة الدولية.وهذا الاعتزاز يبدو في بعض الأحيان غريبًا في نظر بعض الدول الغربية، ونتيجة لذلك فإن مسؤولين كبار في أوربا لم يكونوا حذرين في تصريحاتهم وتعليقاتهم على ما يدور في مصر وعلى وضع الشعب المصري في عين الجماهير. التعليقات المتسرعة على ما يدور في مصر، تشير إلى تراجع دور الغرب وخاصة القوة الأمريكية في أعقاب الهزائم التي صنعتها بنفسها».
وقال الباحث الإسرائيلي الذي سبق له التدريس في جامعات غربية مثل أكسفورد وهارفارد إن «قيادات الولايات المتحدة وأوربا على ما يبدو أدمنوا العنف الإسلامي المتطرف، وإلا لا يمكن تفسير تخليهم تمامًا عن المعسكر الليبرالي في العالم العربي وإيران والدول الإسلامية الأخرى».
وأشار يوحاي سيلع إلى اتساع الفجوة بين الشعب المصري المتدين وبين تجربة الحكم الإسلامي قائلًا: «لا شك في أن معظم الجماهير المصرية هي جماهير مؤمنة، وغالبيتهم يتمسكون بالموقف القائل إن الشريعة الإسلامية يجب أن تكون مصدرًا للتشريع العلماني لدولة ذات سيادة. ومع ذلك، فإن الفجوة بين الإيمان بالإسلام والديكتاتورية الإسلامية لم تكن أبدًا بهذا الاتساع، كما اتضح في عيون معظم المصريين على مدار فترة ولاية الرئيس السابق مرسي».
وتابع الأستاذ بجامعة تل أبيب: «حتى الإطاحة بمرسي، عشرات الملايين من المصريين فهموا أن ديكتاتورية مرسي الإسلامي تقف في تناقض صارخ مع تطلعاتهم في أعقاب الإطاحة بالرئيس مبارك عام 2011. الأمن الشخصي والاقتصادي للمواطن المصري البسيط تضرر أكثر في فترة مرسي، وهذا على عكس وعود جماعة الإخوان المسلمين بعد انتصارها في انتخابات يونيو 2012».
ووصف الأكاديمي الإسرائيلي صعود جماعة الإخوان المسلمين للسلطة في مصر بعد ثورة 25 يناير بأنها «حادثة سياسية»، قائلًا: «أنشطة الجيش منذ شهر يوليو 2013، ينظر لها غالبية الشعب المصري على أنها محاولة ناجحة للجيش لإعادة الدولة لمسارها الصحيح، من أجل تحقيق آمال المواطنين المصريين في بنية سياسية جديدة تبلورت بعد الإطاحة بمبارك. تنصيب مرسي يعد في هذه المرحلة كـ(حادثة سياسية) في الطريق إلى الهدف المنشود».
واتهم سيلع الغرب بالتخلي عن أقباط مصر لإرضاء جماعة الإخوان، قائلًا: «الرد العنيف لأنصار جماعة الإخوان المسلمين، ضد الأقباط، والذي تم خلاله إحراق المئات من البيوت والكنائس، زاد من خطر وجود سلطة إسلامية متطرفة. منذ تولي محمد مرسي الرئاسة، حصلت الهجمات على الأقباط على شرعية حكومية وتبرير ديني. ومصير حوالي 10 مليون قبطي يعيشون في مصر تقزم جراء محاولات بعض الدول الغربية إرضاء قيادات التيار الإسلامي المتطرف في مصر خلال فترة محمد مرسي. الخطر على الأقباط، يمكن القول إنه زاد خلال الفترة الأخيرة، بسبب دعم رؤساء الطوائف المسيحية لقيادات الجيش الذين نفذوا انقلابًا عسكريًا ناجحًا ضد سلطة الإخوان المسلمين».
وتطرق الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط إلى ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية مؤخرًا، حول وعد إسرائيلي للفريق عبد الفتاح السيسي بأن الولايات المتحدة لن تمس المعونة الأمريكية لمصر في أعقاب الإطاحة بمحمد مرسي، وقال: «كما هو معروف، أسرعت وسائل الإعلام في إسرائيل باقتباس الخبر في عناوينها الرئيسية. ولكن، إلى ماذا استند هذا الخبر؟، اسمعوا جيدًا: الخبر استند إلى تقديرات لدبلوماسيين أوربيين، لا أكثر ولا أقل».
وتابع يوحاي سيلع: «الصحيفة نشرت تخيلات لبعض الدبلوماسيين الأوربيين المهتمين بشكل كبير بإدخال إسرائيل في كل تعقيدات الشرق الأوسط كجزء من أجندة سياسية معروفة وواضحة للجميع. لاحظوا هذه العملية الدعائية: تمت الإطاحة بمحمد مرسي في يوليو 2013، حمام الدم الذي قُتل فيه مئات الأشخاص في مواجهات بين قوات الأمن وعناصر الإخوان المسلمين كان في 14 أغسطس 2013، الخبر الذي تم نشره عن وعد إسرائيل لمصر كان في 17 أغسطس 2013. وهذا يعني اتهام إسرائيل بحمام الدماء الذي سال في مصر بواسطة خيالات دبلوماسيين أوربيين، وهذه الحملة الإعلامية متستمرة، بطبيعة الحال، في شخص رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوعان».
وعن الموقف الدولي من الوضع الحالي في مصر، قال سيلع: «الولايات المتحدة، حركة حماس، أوربا، تونس الإسلامية، إيران، وجماعة الإخوان المسلمين وتركيا ضد مصر. ومن الجانب الثاني: السعودية، الأردن، دول الخليج والسلطة الفلسطينية مع عزل محمد مرسي. الجانب الأول معسكر (غير متوازن)، فيما يوجد في الجانب الثاني معسكر يحاول الحفاظ على (الحد الأدنى من التعقل) على ضوء التجربة السابقة مع الإسلام السياسي المتطرف. وكفعل تضامني، بدأت السعودية في إرسال مساعدات عسكرية ومدنية لمصر كرد فعل على تهديدات الولايات المتحدة بوقف المعونة الأمريكية».
وعن المطلوب إسرائيليًا، قال الدكتور يوحاي سيلع: «على إسرائيل في هذه الأيام أن تتحلى بالصبر وطول البال على الرغم من الاستفزازات التي تتعرض لها من مجموعات مصالح في الشرق والغرب. العالم العربي كله في حرب أهلية واحدة كبيرة، من سوريا وحتى ليبيا. وبناء على ذلك، فإن الصمت الإعلامي لقيادات الأجهزة السياسية والعسكرية في إسرائيل، بما في ذلك السابقين منهم، من شأنه أن يُقرب إليها دول إسلامية سُنية أخرى لمواجهة التحدي الأكبر، المتمثل في البرنامج النوي الإيراني»، على حد قوله.
أونا