كيف ستتعامل دول الخليج مع الخيار الأمريكي الجديد ؟؟

 

 

79

 

المشهد فى واشنطن: كم من الوقت سيعطيه أوباما للأسد وبوتين لكى يُظهرا جديتهما فى للخروج من الأزمة؟

 

«نيويورك تايمز» نقلت عن مسؤولين أمريكيين أن الجدل حول سوريا سوف يدور بشكل أكبر فى جنيف

 

الإدارة الأمريكية قررت الانخراط مع موسكو فى «عملية دبلوماسية» للتخلص من كيماوى الأسد

 

الأنظار متجهة إلى جنيف، والمخاوف والشكوك موجودة بكثرة لدى أهل واشنطن ولدى شعوب المنطقة اتجاه ما سمى بـ«صفقة بوتين» أو «مأزق أوباما». الإدارة الأمريكية قررت أن تنخرط مع موسكو فى «عملية دبلوماسية» للتخلص من الأسلحة الكيماوية السورية. ووزير الخارجية الأمريكى جون كيرى فى تشاور وتفاوض مع نظيره الروسى سيرجى لافروف فى جنيف أمس واليوم، ومعهما خبراء أسلحة كيماوية لتناول الملف السورى. وواشنطن وهى تأخذ هذه الخطوة حريصة على أن تقول إن هذه الخطوة غير مرتبطة بقرار الأمم المتحدة ولا أيضا بقرار أوباما المعلق والمؤجل بتوجيه ضربة لسوريا.

 

ورغم انصراف الكونجرس عن قرار ضرب سوريا لحين إشعار آخر، وبالتالى البدء فى تعاملها مع الملفات الأخرى، فإن التساؤلات والانتقادات لم تتوقف حول خيار أوباما وقبوله للتفاوض أو الحل الدبلوماسى للأزمة السورية بوساطة بوتين، وبما أن ذاكرة التعامل الدبلوماسى بين واشنطن وموسكو فى السنوات الأخيرة لا تحمل «ذكريات جميلة» فإن السؤال الأهم والمطروح حاليا فى المشهد الواشنطى كم من الوقت سيعطيه أوباما لكل من الأسد وبوتين لكى يظهرا جديتهما فى العمل معا من أجل الخروج من الأزمة الحالية؟ نعم ضرورة الإلحاح والمطالبة بالوقت المحدد والمحدود وليس المماطلة بلا حدود، كما نوه أكثر من قيادى بالكونجرس.

 

إن تعامل أوباما أو «شلله» مع الملفات الخارجية الساخنة بشكل عام هو موضوع الساعة وموضع الانتقاد والاستعجاب، وحسب وصف دان بالتز وهو محلل سياسى شهير بـ«واشنطن بوست»: «إن العملية الفوضوية والمرتبكة مستمرة والرئيس يواجه أكثر الخيارات صعوبة».

 

أول من أمس الأربعاء، رفض مسؤولو البيت الأبيض أن يحددوا جدولا زمنيا محددا للتوصل إلى أى اتفاق فى جنيف أو لأى خطوة تتخذ من جانب الأمم المتحدة لإيجاد قرار يفرض الاتفاق. والروس فى الوقت ذاته بعثوا كما قيل إلى الأمريكيين باقتراح مكتوب حول كيفية التعامل مع السلاح الكيماوى السورى.

 

وحسب وصف مسؤولى الإدارة فإن هذا الاقتراح المكتوب لا يتضمن التفاصيل عن خطوات لجمع وعزل وتدمير تلك الأسلحة. وتبريرا وتفسيرا لهذا اللا تحديد فى الوقت، قال جاى كارنى المتحدث باسم البيت الأبيض: «إن هذه العملية سوف تأخذ بعض الوقت، إلا أنها يجب أن تكون موثوقا فيها ويمكن التحقق منها. ونحن سنعمل مع حلفائنا وشركائنا على التأكد مما إذا كان هذا الهدف يمكن تحقيقه».

 

ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أمريكيين أن الجدل حول سوريا سوف يدور بشكل أكبر وأشمل فى جنيف. حيث تريد الولايات المتحدة أن تركز المفاوضات ليس فقط على أسلحة سوريا الكيماوية، بل أيضا على القنابل والصورايخ المستخدمة، خصوصا أن ما عرضه لافروف لا يشمل ذلك. وخلال الحديث عن الوساطة الروسية أو قيامها بدور فى التفاوض والتعاون من أجل التخلص من الأسلحة الكيماوية أشير إلى أن تعقيد العملية الدبلوماسية تضاف إليه صعوبة التنفيذ فى حالة التوصل إلى اتفاق وصفقة، وأن عملية التخلص قد تحتاج إلى سنة أو أكثر، فحسب تقديرات مسؤولى البنتاجون إن الأسد يملك ألفا و400 طن من سارين وفى إكس وغاز الخردل. وأن هذا المخزون يحتاج على الأقل من 200 إلى 300 يوم لوضع اليد عليه.

 

من جهة أخرى كشفت «واشنطن بوست» أن وكالة الاستخبارات الأمريكية «سى آى إى» بدأت بالفعل فى إمداد المعارضة فى سوريا بالأسلحة الخفيفة والذخيرة وأن الشحنات قد بدأت فى الوصول خلال الأسبوعين الماضيين بجانب شحنات مساعدات إضافية، خصوصا الغذائية، تعمل على توفيرها الخارجية الأمريكية. وذكرت الصحيفة أن شحنات الأسلحة أرسلت عبر شبكات سرية من خلال تركيا والأردن. وتأتى هذه الخطوات بعد انتظار دام طويلا لوعود قدمت من قبل ولم تدخل حيز التنفيذ. ولا شك أن هذه الخطوة والحديث عنها فى هذا التوقيت قد تكون لها دلالة، وإن كانت عمليا لا تعنى الكثير «إنها القليل الذى أتى متأخرا وربما بعد فوات الأوان».

 

وقد اهتمت الدوائر السياسية الأمريكية بردود أفعال دول المنطقة تجاه القبول الأمريكى للاقتراح الروسى الذى قد يعد فى نظر الكثيرين أنه أيضا «انتصار للأسد» أو «تمديد لبقائه». وتساءل بعض المراقبين: ترى كيف ستتعامل السعودية ودول الخليج مع الخيار الأمريكى الجديد، خصوصا أنهم أعلنوا موقفهم بوضوح وصراحة من الضربة العسكرية؟ كما أنه فى إطار محاولة فهم ما حدث والتعامل مع تداعياته أشير بالطبع فى واشنطن إلى أن الرئيس الروسى بوتين فى الوقت الحالى على الأقل جعل روسيا الطرف الذى لا يمكن الاستغناء عنه فى احتواء الأزمة فى سوريا.

 

كما أن تبنى إدارة أوباما للخطة الروسية ترك إسرائيل فى حالة قلق تدفعها إلى الاعتماد على النفس دون التشاور مع واشنطن أو اللجوء إليها فى المواجهات الإقليمية، هكذا يردد معلقون سياسيون مقربون من إسرائيل، خصوصا أن إسرائيل فى رأيهم تتخوف، كما يقال، من أن سوريا كالعادة ستماطل فى تنفيذ خطة للتخلص من أسلحتها الكيماوية وبالتالى فإن إيران «ستصلها الرسالة الخاطئة حول عدم التزام أمريكا فى المنطقة» كما يقولون وبالتالى ستواصل برنامجها النووى. ويبقى السؤال الأهم والمطروح الآن بعد «توقف دق طبول الحرب» وقال أوباما ما معناه «أن نعطى الدبلوماسية فرصة»: ما الخطوة المقبلة من وجهة نظر صناع القرار فى واشنطن مع الأخذ فى الاعتبار أن الأزمة لم تحل والمصداقية أصبحت «مشوشة» و«هشة». ولعل من أطرف ما قيل عن خطاب أوباما ليلة الثلاثاء الماضية بأن ما لاحظه أغلب المراقبين أن أوباما كان فى صراع مع نفسه كأنه يحاول أن يقنع نفسه.. ومن هنا شعر البعض بتردد أوباما وبالتالى تراجعه. والبعض تمادى فى القول بأن أوباما هكذا دائما مع كل الأزمات والملفات «سياسة التردد والتراجع» وما لها من عواقب وتبعات. وهى سياسة لا تنفع، ليس فقط فى سوريا أو الشرق الأوسط، بل ليس فى آسيا ولا فى واشنطن نفسها، إذ لا يمكن ترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعى.. مثلما حدث ويحدث فى سوريا.

 

الدستور الاصلى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى