العزوبية جنة العزاب

نهاجم نحن معاشر العزاب على عزوبيتنا، فتارة يحثوننا على إكمال نصف ديننا التائه فنعلل بأننا مشغولون بتجميل نصفنا الأول٬ وتارة يغروننا بحلاوة المرأة فنؤكد أنها حلاوة سرعان ما تتلاشى٬ وأحيانا يرغبوننا بالمال ففي الزواج رزق للعبد فنجيبهم ونعم الرزق، ولكن أكثر المتزوجين مدينون!
العازب تأمل حياة المتزوجين فهاله ما رأى من مآس٬ فقصر العدل يشير إلى تنامي الطلاق بنسبة 50% بمعدل حالة طلاق واحدة بين كل زيجتين٬ ومعظم المقترضين لدواعي تحسين ظروف المعيشة٬ وغصت مؤسسات إصلاح ذات البين بالمتشاحنين٬ وتكاليف التربية فاقت حدود راتب الجامعي من توفير تعليم نوعي للأبناء٬ وتطبيب خاص لا قدر الله. والزوج يحاسب حسابا عسيرا على تصفيف الشعر٬ وتلميع الحذاء٬ ومضغ العلك قبل النزهة مع الخلان. العازب يرى ويسمع ولا يهمس إلا بدعاء الحمدلله الذي عافانا ممن ابتلاهم به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا.
ويقارن العازب حياته مع المتزوج٬ فيحمد الله أن راتبه يكفيه لمأوى٬ ومأكل٬ وملبس٬ ومركب٬ وسفر دون أن يصطف في طابور المقترضين مرسلا دموعه يستجدي قرضا لأهل بيته٬ أو يحاسب على أناقته المتناهية عند توقيع كتابه الجديد. فما الداعي إذن للخروج من جنة العزوبية والدخول في جحيم الزواج. حاشا لله أن أصف الزواج بالجحيم إنما أعبر عن أنين صدور العزاب بعد أن أحسوا بحرارة لهيبه قبل أن يشوه ملامحهم البريئة.
ونتفق أن الزواج شئنا أم أبينا مصير لابد من مكابدته ولو كابرنا لزمن تحت شعار «جنة العزوبية»٬ ولهذا حتى نخرج العزاب من جنتهم المؤقتة علينا تثقيفهم، وأعني الطرفين من خلال ورش ودورات تدريبية عن أهمية المؤسسة الزوجية فيتخرجون منها بجواز يؤهلهم إلى الزواج ولا مانع من أن يكون الجواز الزاميا مثلما هو الحال الآن مع فحص الدم. والمعنيون بشأن الأسرة يعلمون حق اليقين أن الوقاية خير من العلاج٬ وأن في «جواز الزواج» فرصة لخفض نسبة الطلاق٬ وحفظ أبنائنا من تناطح الآباء والأمهات.
وإلى أن يأتي ذلك اليوم الذي تخرجوني وقومي العزاب من جنانا فسنردد نشيدنا: العزوبية تاج على رؤوس العزاب لا يراه إلا المتزوجون
الانباء