خبراء نفس واجتماع: تصريحات وزير التربية والتعليم حول ضرب الأطفال “مخجلة”..وعليه أن يعتذر
فى الوقت الذى اهترأت فيه العملية التعليمية فى مصر، وخاب أمل المجتمع فى إصلاحها، خرج د. إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم بتصريحات عن إباحة ضرب الأطفال فى المدارس والذى وصفه علماء النفس والاجتماع بـ”الأمر المخجل والمؤسف”.
كان قد صرح وزير التربية والتعليم خلال زيارته أمس لمدارس محافظة الغربية، بأنه معنى بعودة كرامة المعلم كما كانت، وأنه ليس من حق ولى الأمر مهما كان معاقبة أو محاسبة المعلم، وأنه مع الترهيب والترغيب فى المدارس، وأنه لا يمانع فى ضرب التلاميذ شريطة ألا يكون الضرب مبرحا، وبدون عصا!.
سعاد محمد، أم لثلاثة أطفال فى فى مراحل تعليمية مختلفة، وصفت تصريحات وزير التربية والتعليم، بـ”غير أبوية”- حسب قولها- مشيرة، بأنه يفتح بذلك الباب أمام بعض المدرسين ليخرجوا ضيقهم وحنقهم لتردي أوضاعه المالية والعائلية مثلا فى أطفالنا، مضيفة أنه على الرئيس مرسي عزل هذا الوزير إذا ثبت صدق تصريحاته.
محمد فاروق عبد السلام أب لطفل بالمرحلة الإبتدائية، قال مستاءً: كنت أنتظر من وزير التربية والتعليم، التركيز فى حل مشاكل التعليم، وأن يرحمنا من سطوة أصحاب المدارس الخاصة، وأن يدع عقاب الأطفال جانبا، وأن يشغل نفسه بعقاب المفسدين فى العملية التعليمية، سواء من مدرسين أو مدراء مدارس، أو أصحاب المدارس الخاصة.
غادة علاء الدين، قالت: أرفض قرار ضرب الأطفال تماما، مضيفة أنها أم قبل أن تكون مدرسة ، والعقاب بالضرب أمر وانتهى منذ فترة طويلة، والآن المدارس تتبع طرق الإثابة للأطفال لتحفيظهم على التحصيل، وكنت أأمل من الوزير أن ينظر نظرة شمولية للتعليم فى مصر ويحاول أن يصلح ما أفسده المفسدون فى العهد السابق.
وصف الدكتور محمود عبد الحليم المنسي أستاذ علم النفس التربوي بجامعة الأسكندرية وعميد كلية التربية سابقا، قرار وزير التربية والتعليم بإباحة ضرب التلاميذ فى المدارس بالأمر المؤسف والمخجل، أن يصدر مثل هذا القرار من رجل تربوي مثله.
وتساءل آسفا هل يريد الوزير إعادتنا إلى العصور الوسطى، وضرب “الفلكة” فى كتاب سيدنا، وإذا كان ينم قراره عن مرجعية فكرية لانتماءه لجماعة الإخوان المسلمين–يقصد وزير التربية والتعليم- أقول له هل أمر الإسلام بضرب الأطفال وتشويه نفسيتهم؟! وأردف قائلا إنه على الوزير أن يعتذر عن قراره.
وأضاف عبد الحليم، لقد منع الضرب فى العالم كله لما يسببه من إيذاء نفسي وبدني للطفل، مشيرا أنه كان على الوزير أن يفكر فى حل لأزمة الفصول المتكدسة، أو تطوير المناهج الدراسية، أو تدريب المدرسين، وليس التفكير فى ضرب الأطفال ، مؤكدا أن هذا الأسلوب يرجعنا للخلف عشرات السنين.
ومن ناحيته عقب الدكتور جابر طلبة العميد المؤسس لكلية رياض الأطفال جامعة المنصورة سابقا، على قرار وزير التربية والتعليم ، قائلا: أن ضرب التلاميذ لا تعد وسيلة حضارية لتأديب التلاميذ، وأن شخصية المُعلم هى بمثابة “العصا” للطفل، فإذا أحب الأطفال مُعلمهم أحبوه، وأحبهم، وإذا كان فظا غليظ القلب كرهوه وانفضوا من حوله، مشيرا أن قرار وزير التعليم يراد به أن نعيش فى غابة، وألا تكون المدرسة بيئة نفسية سليمة للطفل.
وأشار طلبة أنه كان على الوزير أن يولى اهتماما بالمدرس الذى ساءت أحواله وفقد هيبته، حتى أن المدرسين باتوا لا يهتمون بالعملية التعليمية ويعملون بلا مبالاة، مضيفا كان عليه أيضا أن يفكر فى إصلا الإدارة المدرسية التى أصبحت “مترهلة” وهى التى تحتاج إلى تقويم وليس التلميذ، حيث أصبحت لاتقوم بدورها المنوطة به.
وتساءل قائلا: ألا يعلم وزير التربية والتعليم أن ضرب الأطفال يخلق منهم شخصيات عنيفة ومخربة مستقبلا، ومتأسفا قال: “لقد أبرزت الثورة أسوأ ما فينا وأحلى ما فينا، حتى بات أسوأ ما فينا طاغيا على أحلى ما فينا”.
وفى سياق متصل يقول الدكتور طلعت منصور أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس: إن العقاب فى المدارس يجب أن يوجه توجها تربويا، بمعنى أن يكون عقابا معنويا بحرمان الطفل من نشاط يحبه أو بإعطاء أصحابه “حلويات” مثلا وهو لأ، وليس ماديا بالضرب الذى يؤلم نفسيته ويؤثر فيه تأثيرا بغيضا.
وأشار أنه يجب تعريف الطفل بخقوقه وواجباته، وتوجيهه وتنظيمه، وذلك بالكلمة الطيبة والابتسامة الحلوة على وجه المدرس ، وليس بمسك “العصا”، مشيرًا أن الإثابة على العمل الجيد من الطفل تأتى بنتائج إيجابية على شخصيته، والعقاب البدني يؤذيه نفسيا، ويعزز فيه عدم الثقة بالنفس والانطوائية، مضيفا أن هناك أطفالا من الصعب العامل معهم وفى هذه الحالة يجب عرضهم على الإخصائي النفسي أو الاجتماعي ، وبمساعد المدرسة مع الأهل سيستقيم الطفل.
وأكد منصور، أن قرار الوزير من شأنه إذا تم تطبيقه أن يزيد من بطش المدرسين فى المدارس، وحينها سنكون قد فتحنا على أنفسنا نار جهنم.
كان الائتلاف المصري لحقوق الطفل، قد تقدم ببلاغ للنائب العام ضد وزير التربية والتعليم د.إبراهيم غنيم -الإثنين 15 أكتوبر- عقب التصريحات التي أدلى بها خلال زيارته لمدارس الغربية الأحد 14 أكتوبر.
واصفا أن هذا النهج لا يعد فقط انتهاكا لقانون الطفل المصري 126 لسنة 2008 في المادة 96 فقرة 2 التي تمنع تعريض الأطفال للعنف والإساءة داخل المؤسسة التعليمية، والتي تعاقب المسئول عنها بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، إنما يعد أيضاً انتهاكا للكرامة الإنسانية لأطفالنا التي قامت من أجلها ثورة الـ 25 من يناير حين نعرضهم للعقاب البدني ونؤسس فيهم أن العنف والعقاب البدني هو الوسيلة السليمة للتربية ، وحق صاحب السلطة أياً كان موقعة في استعمال الضرب والإساءة دون ترك أثر حين يقعون في الخطأ وليس الحوار والتوجيه التربوي السليم.
بوابة الأهرام