تنامي المطالبات بتدخل الجيش في المشهد السياسي المصري

تصريحات رئيس هيئة الأركان المصري المتوالية لعدد من وسائل الإعلام الغربية الأسبوع الماضي، دفعت لتوالي الرسائل المطالبة للجيش بالنزول إلى الشارع، من جهات عدة، تنوعت بين وسائل إعلام محلية، وأخرى لقوى سياسية، وأخيراً ميدانية، بحسب ما رصدته مراسلة الأناضول.
ففي 17 فبراير/ شباط الجاري، قال صدقي صبحي في تصريح لإحدى وسائل الإعلام الغربية إن “القوات المسلحة التي ظلت في مركز السلطة لعشرات السنين ستتجنب التدخل في السياسة لكن يمكن أن تقوم بدور إذا تعقدت الأمور”، في إشارة إلى الأزمة السياسية الحالية بين المعارضة ومؤسسة الرئاسة.
وكرر صبحي التصريح ذاته لوسيلة إعلام أخرى قائلاً إن “القوات المسلحة في المقام الاول لها الشرعية ولكنها لا تنتمي لفصيل من الفصائل، ولا تمارس السياسية لكن بصفة مستمرة عيناها على ما يدور داخل الوطن”، مضيفا “اذا احتاج شعب مصر القوات المسلحة ستكون في أقل من الثانية موجودة في الشارع”.
وعقب هذه التصريحات نشرت وسائل الإعلام المصرية تقاريرا عن بوادر أزمة بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية، حيث نشرت الصحف المحلية 18 فبراير / شباط الجاري أنباء نسبتها لمصادر عسكرية تنفي إشاعات تم تداولها – بعد تصريحات صبحي – في وسائل إعلام محلية عن احتمال إقالة القائد العام للجيش المصري، وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، من جانب القائد الأعلى الرئيس محمد مرسي.
وفي نهاية اليوم طرحت إحدى الصحف المعارضة “الوفد” استطلاعا للرأي تساءلت فيه: “هل توافق على تدخل الجيش لفرض الأمن والأمان في الشارع المصري؟”.
وهذا التساؤل تصاعد في اليومين التاليين 19 -20 فبراير/ شباط 2013 ليتحول إلى دعوات غير مباشرة من جانب وسائل إعلام وصحف محلية للجيش بالتدخل في الحياة السياسية، عبر مقالات وتحقيقات لا تستبعد عودة الجيش للمشهد السياسي وطرحته بأنه سيناريو مرجح لإنهاء الأزمة السياسية في مصر.
والدعوات غير المباشرة بوسائل الإعلام محلية للجيش بالتدخل تحولت في يوم 21 فبراير/ شباط 2013 إلى طرح مقبول وممكن من قبل وسائل إعلام غربية، حيث بدأ الحديث عن تدخل الجيش في المشهد في حال وجود ما يستدعي ذلك.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في ذات اليوم “إن الجيش المصري بدأ ينفد صبره أمام القادة الإسلاميين، وأن المأزق السياسي بين الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين والقوى المعارضة الليبرالية والعلمانية، أصبحت نهايته وشيكة.
في نفس الاتجاه، حذرت شبكة “فوكس نيوز” الإخبارية الأمريكية من أن صبر الجيش المصري بدأ ينفد تجاه القيادة الإسلامية للبلاد.، لافتة إلى أن التوتر الذي تعاني منه مصر في الوقت الراهن، يشير إلي أن هناك احتمالات متزايدة إلي تدخل الجيش من جديد تماما كما حدث من قبل في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 عندما تدخل الجيش لصالح المتظاهرين.
وفي 22 فبراير/ شباط 2012 بدأ تداول الحديث عن ايجابيات تدخل الجيش المصري في الحياة السياسية في الوقت الراهن، حيث نقلت وسائل إعلام أمريكية عن الباحث بمؤسسة “سينشرى” البحثية الأمريكية مايكل حنا، قوله إن “الجيش لا يسعى لزعزعة استقرار الحكم المدنى، ولكنه لن يقف مكتوف الأيدى، عندما تصل البلاد إلى نقطة اللاعودة فى طريق الحرب الأهلية”.
وفي اليوم نفسه، دعا القيادي بجبهة الإنقاذ المصرية المعارضة جورج إسحاق في حوار له مع إحدى الصحف المحلية إلى تدخل الجيش، في حال “ما إذا اقتتل المصريون مع بعضهم البعض” أو انتشر العصيان المدني في جميع المحافظات”.
والدعوات السياسية والإعلامية التي كانت بتدخل الجيش والتي اصطبغت بالطابع غير المباشر كانت على النقيض على الصعيد الميداني، فقد شهدت مصر مظاهرات في عدد من المحافظات خلال الأيام الثلاثة الماضية كان أكبرها في محافظات قناة السويس الثلاثة “السويس والإسماعيلية وبورسعيد” مطالبة بعودة الجيش للسلطة.
وأمام قصر الرئاسي شرق العاصمة رفع المحتجون لافتة كبيرة تطالب بتسليم النظام الحالي السلطة للجيش.
كما شهد مقر وزارة الدفاع شرق القاهرة مؤخرا تظاهر العشرات الذين رفعوا صوراً لوزير الدفاع الحالي عبد الفتاح السيسي، قبل أن يتوجهوا في مسيرة إلى النصب التذكاري للجندي المجهول في مدينة نصر شرق العاصمة، ورردوا هتافات للمطالبة بعودة الجيش إلى السلطة والإطاحة بمرسي.
كما انتشرت منشورات غير منسوبة لجهة تدعو الجيش للنزول في محافظة الغربية في دلتا النيل بعد إلغاء كافة النتائج المترتبة على الاستفتاء الدستوري وتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا شؤون البلاد والبدء في اختيار حكومة ائتلافية.
في هذا الاتجاه أيضا تنظم عدد من الحركات والائتلافات المؤيدة للجيش المصري مليونية غدا الاثنين أمام النصب التذكاري بمدينة نصر للمطالبة “بنزول الجيش لإنقاذ مصر”.
وكان الرئيس المصري قد بدد المخاوف من احتمالية أن تقود الأحداث التي تشهدها بلاده إلى عودة الجيش للمشهد السياسي، بقوله في مؤتمر صحفي عقده نهاية الشهر الماضي مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في برلين إن “مصر تمضي قدمًا في المسيرة وبناء الدولة المدنية بالمؤسسات والحرية والرأي والرأي الآخر وتداول السلطة، لا دولة ثيوقراطية (دينية) ولا عسكرية”.
وتشهد مصر حركة احتجاجية رافقها أعمال عنف منذ إصدار الرئيس المصري محمد مرسي إعلانا دستوريا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي كان من نتائجه إقالة النائب العام منذ عهد مبارك عبد المجيد محمود وتعيين طلعت عبد الله نائبا عاما جديدا. وانتقدت المعارضة الإعلان الدستوري قائلة إنه يصنع من مرسي “فرعونا جديدا”.
ورغم الغاء الرئيس المصري لهذا الإعلان الدستوري والإبقاء على أثاره التي تشمل تعيين النائب العام الجديد، تواصلت هذه الحركة الاحتجاجية، وزادت حدتها بعد إقرار الدستور المصري الجديد الذي قال معارضون إن إعداده لم يتم بـ”التوافق” بين مختلف الفئات الممثلة للشعب المصري. وتتجه الأزمة نحو الاستمرار بعد تقارير عن عزم المعارضة مقاطعة الانتخابات البرلمانية التي ستبدأ في الأسبوع من شهر إبريل/ نيسان المقبل.
ANA