في كفر البطيخ..دعوات الزواج لتسديد الديون والنقوط لحل أزمة العنوسة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-محمد رفعت

على مدخل بلدة كفر البطيخ فى دلتا مصر تعلق لافتات عديدة على الجدران ووسط الشوارع تحمل دعوات عامة لحضور حفلات زواج فى تناقض مع الصورة التقليدية عن سكان دمياط التى تنتمى اليها البلدة بأنهم مشهورون بالحرص الى حد البخل أحياناً .

وقال السيد رضا وهو مدرس من أبناء كفر البطيخ إن هذه الاعلانات فى الحقيقة دعوة لسداد ديون مستحقة لأصحاب الدعوة على أهالى البلدة وإتاحة الفرصة لوضع أرصدة جديدة فى الحسابات الجارية المتداولة بينهم منذ سنوات، واللافتات المكتوبة بخطوط جميلة ملونة تتضمن دعوة عامة لحفلات زفاف أو خطبة أو طهور لمولود وتختلف عن الملصقات الانتخابية فى استمرارها طوال العام مع اشتداد كثافة الاعلانات قبيل عيدى الفطر والأضحى وخلال الصيف .

وأصل الحكاية أنه عند زواج أحد أبناء المدينة يقوم الاقارب والجيران والمعارف بدفع مبالغ لأسرة العريس أو العروس كنقوط ولانتشار هذه العادة فإن كل أسرة تكون دفعت مبالغ كبيرة متناثرة على مدى سنوات ومن هنا فإنها تعلق لافتات فى الشوارع لإعلام سكان البلدة بزواج فى الأسرة كى يحضروا ويسددوا النقوط السابق دفعها خلال السنوات الماضية .

وقال أحد تجار كفر البطيخ أن المسألة أخذت شكلاً منظماً إذ يجلس أكثر من شخص فى مدخل سرادق الحفلة ومع أحدهم دفتر يسجل فيه الاسم والمبلغ الذى يدفعه كل داخل ليتم مضاهاة الاسماء والمبالغ بما سبق دفعه لأسر الاشخاص أنفسهم .

ومن يدفع أكثر مما عليه يصبح له رصيد فى مناسبة أخرى سعيدة، أما المتخلفون ممن تلقوا المجاملة المالية سابقاً فعادة ما يذهب بعضهم صباح اليوم التالى الى منزل أسرة العريس مقدما لما عليه من مبالغ أو أكثر معتذراً عن عدم حضوره مبرراً السبب بالسفر أو غيره .

فاذا لم يذهب هؤلاء المتخلفون عن السداد الى منزل أهل العريس أو العروس يذهب هؤلاء الاخيرون الى منازل المتخلفين عن السداد طالبين منهم بلا حرج دفع ما عليهم فاذا ماطلوا فإن التشهير بهم يجرى على قدم وساق .

ومن أشكال التشهير تركيب ميكرفون على عربة يجرها حصان تمر فى شوارع البلدة وتعلن أسماء المماطلين فى التسديد أو الإعلان عنهم فى الإذاعة المحلية .

وقال أحد الذين تزوجوا حديثا فى المدينة ” أن هذه الحفلات تأتى بحصيلة ضخمة يمكن أن تتخطى الخمسين ألف جنيه فى حالة الأسرة الميسورة، كما تتحول الحصيلة الى ما يشبه قرضاً كبيراً يتم تسديده على أقساط خلال سنوات ومن دون فوائد وهى أقساط ليست فجائية السداد اذ يتم الإعلام قبل العرس ولأن الحصيلة مضمونة فإن العرف الجارى هو التعامل مع تجار البلدة بشراء لوازم الزواج مقدماً وتأجيل السداد إلى ما بعد حفل الزواج وهكذا أصبح متاحاً الحصول على أجهزة كهربائية وأثاث ومفروشات وذهب وغير ذلك .

وتطور الأمر إلى اصطناع حفلات طهور لتجميع حصيلة أو الحصول على قرض كلما واجهت إحدى الأسر مشكلة مالية فإذا أراد شخص بناء منزل أو شقق جديدة أو شراء أرض أو شراء ورشة أو الات فما عليه إلا أن يعلن عن حفل طهور لابناء قد يكونون فى علم الغيب. إلا أن التفهم العام للأمر من جانب سكان كفر البطيخ يجعلهم يذهبون إلى الحفلة لدفع ما عليهم أو المعاونة بدفع مبالغ من عندهم لأنهم يمكن أن يلجأوا إلى الوسيلة نفسها عند الحاجة، وانعكست عادة النقوط على البلدة فى شكل ثروة عقارية كبيرة .

ولدى سؤال أحدهم عن أرملة مسنة لم تنجب دفعت مبالغ على مدار السنوات لكثيرين فكيف تسترد أموالها قال : إن التقاليد تتيح لها الحصول على أموالها وأكثر، وأضاف ” الحفلات لا تقتصر على الزواج والخطبة والطهور بل تمتد إلى مناسبات اجتماعية كالعودة من فريضة الحج أو الشفاء من المرض وغير ذلك مما يدفع هذه السيدة إلى المشاركة فى نظام النقوط ضامنة استرداد أموالها ” .

صدى البلد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى