بروفايل: فاروق العقدة.. كل عقدة لها فاروق

لأن الحديد لا يفله إلا الحديد، فإن العقدة أيضاً لا تحلها إلا عقدة أخرى، تأتى إليها ممثلة فى اسم محافظ البنك المركزى، الدكتور فاروق العقدة، الذى يواجه الآن أزمة كبيرة جاءت تسعى إليه من خلال البنك الذى يرأسه، والتى انعكست على وضع الاقتصاد المصرى، بعد انخفاض الاحتياطى من النقد الأجنبى، وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه على خلفية تبعات الثورة، وحالة الانقسام السياسى الحاد الذى يشهده الشارع المصرى، وبعد تراجع الموارد الدولارية للبلاد فى ظل تراجع الاستثمارات الوافدة وهروب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وتراجع معدلات الإشغال السياحى، وارتفاع حجم الواردات مع هبوط معدلات الإنتاج والنمو.
ورغم أن سياسة «العقدة» التى كان قد رسخها داخل البنك المركزى المصرى خلال السنوات الماضية بالابتعاد قدر الإمكان عن الأضواء، والتى كانت سبباً فى استقرار كثير من الأمور المتعلقة بالسياسة النقدية، وخاصة سعر العملات الأجنبية مقابل الجنيه، فإن الوضع هذه المرة يحتاج إلى مزيد من الشفافية وتوضيح الأمور للشعب المصرى، وخاصة فيما يتعلق بالوضع الاقتصادى والنقدى المتردى للبلاد من حيث أسبابه وعواقبه، والتدابير الممكنة للحفاظ على السوق.
«العقدة» التى تواجه الرجل خلال الفترة الحالية تتركز ببساطة فى انهيار الاحتياطيات النقدية، التى خسرت أكثر من 28 مليار دولار منذ الثورة موزعة بواقع أكثر من 21 مليار دولار من الاحتياطيات الرسمية و7 مليارات غير رسمية، كوَّنها «المركزى» خلال 9 سنوات منذ أن تولى الرجل دفة الجهاز المصرفى فى 2003، بعد خلاف حاد نشب بين الدكتور محمود أبوالعيون المحافظ السابق ورئيس الوزراء المصرى عاطف عبيد حول سعر الصرف، حيث حمَّلت الحكومة «أبوالعيون» مسئولية اضطراب السوق وتدهور سعر الجنيه أمام الدولار، رغم أن الشواهد قالت إن تدخلات رئيس الحكومة وقتها فى سوق الصرف وتنفيذه لقرارات تعويم الجنيه كانت بدون علم «أبوالعيون» فى خطوة هزت سوق النقد الأجنبى وضربت الجنيه فى مقتل، فانخفض سعره فى مقابل الدولار الذى تجاوز وقتها السبعة جنيهات.
ولأن «العقدة» ينتمى للمدرسة الأمريكية التى تستطيع الخوض فى المخاطر المرتفعة على عكس المدارس الأوروبية الأكثر تحفظاً، فهو حاصل على الدكتوراه فى الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا الأمريكية عام 83، وعمل فى بنك «أوف نيويورك» فى الولايات المتحدة ورئيساً للبنك الأهلى المصرى، ثم محافظاً للبنك المركزى المصرى، إلا أنه أعرب عن رغبته فى الخروج من البنك المركزى عدة مرات لرغبته -كما قال-فى أن يختتم تاريخه فى العمل العام بشكل مشرف، خوفاً من انهيار اقتصادى متوقع لأسباب سياسية، وذلك فى الوقت الذى وافق فيه هشام رامز الرئيس التنفيذى للبنك التجارى الدولى ونائب محافظ البنك المركزى السابق على تولى المنصب خلفاً لـ«العقدة» شريطة أن تتيح الرئاسة فترة انتقالية لتوليه مهام منصبه الجديد، ودراسة ملفات البنك المركزى طبقاً للأعراف الدولية فى هذا الشأن.