كارنيجى يرصد تعقيدات المعونة الأمريكية لمصر.. إعفاء أوباما للقاهرة من مليار دولار من الديون ليس مساعدات جديدة.. ويجب التوقف عن ربط واشنطن المعونة بمواقف الحكومة المصرية

كتبت ريم عبد الحميد
نشرت دورية صدى الصادرة عن مؤسسة كارنيجى الأمريكية للسلام تقريرا عن المعونة الأمريكية لمصر ومدى تعقيدها.
ويقول التقرير الذى أعدته تاليا بيتى، الباحثة فى قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى منظمة مفتاح، إنه عند النظر فى تقديم المساعدات لمصر، يجب أن تواجه الولايات المتحدة بعض الحقائق غير المريحة عما أسمته “عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية” وافتقارها إلى المرونة فى هذا البلد.
وأوضح التقرير أنه من الخطأ التعامل مع المساعدات الخارجية الأمريكية على أنها صنبور يفتح ويغلق حسب خروج الحكومة المصرية عن خط السياسة الأمريكية، لأن هذا الأمر يتنافى مع منطق المساعدات، خاصة فى الاقتصاد العالمى الحالى، كما أنه ينطوى على سوء فهم لطبيعة العلاقات المصرية الأمريكية، فهناك روابط مؤسسية بين الحكومتين لهما أهمية لكل منهما. لكن فى ظل اللغة التى تستخدم غالبا مصطلح الإنجازات المشتركة والمصالح المتبادلة والاتفاقات المدروسة، ظهرت الشراكة المصرية الأمريكية فى مصر دون المتوسط إلى حد كبير ويجب إعادة تقويمها.
وأشار التقرير إلى ما تم الإعلان عنه فى سبتمبر الماضى بأن إدارة أوباما ستخصص 450 مليون دولار لدعم الموازنة المصرية كجزء من مليار دولار لتخفيف أعباء الديون عن مصر، وبدا هذا الرقم كبيرا لكنه لا يندرج فى إطار المساعدات الخارجية الجديدة ولا فى إطار أموال المكلفين، بل هو إعادة توزيع للدفعات المنتظمة التى تسددها مصر للوفاء بديونها. فبدلا من إيداع هذه الأموال لدى الخزانة الأمريكية يعاد تخصيصها لدعم الاقتصاد المصرى خلال المرحلة الانتقالية.
ولم تحظ تلك الخطوة بترحيب واسع فى الولايات المتحدة، وعارض البعض فكرة تمويل الحكومة المصرية بقيادة الإخوان المسلمين، حتى تعهدت النائبة كاى جرانجر، رئيس لجنة المخصصات الفرعية فى مجلس النواب بمنع تحرير تلك الأموال. وردت الخارجية الأمريكية بإرسال مسئوليها إلى الكونجرس للتشديد على أهمية مساعدة مصر فى مرحلتها الانتقالية.
ويمضى التقرير قائلا: إنه بالرغم من التعاون الممتد على مدار أكثر من ثلاثة عقود منذ تخصيص المساعدات لمصر، إلا أن هناك شعورا ملموسا بالمرارة بين الحكومتين فى القاهرة وواشنطن. فالحكومة المصرية منذ عهد مبارك وإلى الآن تشعر بالغيظ للقيود التى تفرضها أمريكا على المساعدات ولا سيما تمويلها المباشر للمنظمات الأهلية، وردا على القيود التى فرضها مبارك على المنافسة السياسية، أوقفت الولايات المتحدة عام 2005 مباحثاتها مع مصر للتوصل إلى اتفاق مصرى أمريكى للتجارة الحرة. ومنذ الإطاحة بمبارك، فرض الكونجرس شروطا وقيودا على المساعدات العسكرية بربط إرسال المساعدات بتسليم المجلس العسكرى السلطة لحكم مدنى.
من ناحية أخرى، حين وافق الطرفان على أنه من المحبذ الانتقال من المساعدات الخارجية نحو تعزيز التجارة بين الولايات المتحدة ومصر، لم تتخذ خطوات عملية لإصلاح آليات المساعدات الاقتصادية الأمريكية، ولاسيما بسبب المنافع العسكرية. فالحكومة المصرية تشعر بأن الولايات المتحدة تفرض قيوداً أكثر من اللازم لمنح المساعدات، إذ تشترط على مصر احترام معاهدة السلام مع إسرائيل والإبقاء على الامتيازات الممنوحة للجيش الأمريكى، وعلى وجه الخصوص أولوية الدخول إلى قناة السويس التى تتمتع بها الولايات المتحدة، فضلاً عن حقوق التحليق فى الأجواء المصرية. وعلى أغلب الظن، لن يرغب الجيش الأميركى فى وضع هذه الامتيازات على طاولة المساومات وإعادة النظر فيها.
فى المقابل، تستخدم مصر المساعدات العسكرية للحصول على المعدات والمؤازرة والتدريب من الشركات الأمريكية، الأمر الذى يعود بالمنفعة على مصنعى الأسلحة فى مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
اليوم السابع