نساء غير قابلات للزاوج !

“الجمعيات الأهلية عالم مصغر للواقع الذي نعيش فيه، ليس التمويل الأجنبي أهم قضاياها وأهدافها، ففي مصر ما يزيد عن 30 ألف جمعية – بحسب الاحصاءات الرسمية – كفيلة بتغيير الواقع للأفضل؛ لو قامت بتحقيق دورها ! عبر هذه الحكايات نكتشف عالم الجمعيات الأهلية ، ولماذا تنجح جمعية ولا تنجح العشرات غيرها.”
اتصلت بي قائلة: عندي ليكي موضوع هايل عن الجمعيات، فاتفقنا على موعد! وحينما التقينا، وقد منيت نفسي بحكاية عن الفساد المالي، حيث تعمل في الإدارة المالية بإحدى الجمعيات بالقاهرة، فأصابتها موجة ضحك غريبة وهي تخبرني أن مستنداتها ليست إلا شوية قصص! ثم بادرتني بالسؤال: هو أنتِ مش ملاحظة إن معظم الستات اللي بتشتغل في الجمعيات، لا مؤاخذة عوانس أوأرامل زيي كده أو مطلقات؟ فاشتعل عقلي بالصور والأفكار حول الفكرة التي تطرحها، وشجعتها على الاستمرار دون مقاطعة.
مستطردة: أنا أخدت الفكرة من آخر مرة اتحمست وجبت عريس لُقطة لزميلتي في الجمعية، وفوجئِت برفضها! ساعتها كان نفسي أخنُقها أو أضربها! عمرها ٣٧ سنة، صحيح جميلة وزي القمر بس العريس لُقطة: مهندس عايش في أمريكا عمره ٤٦ سنة ولم يسبق له الزاوج، ومش هايكلفها قرش واحد، ترفضه ليه؟ ده ماتحمسش إنه يشوفها غير لما قلت له إنها جميلة، عشان عاوز واحدة تخلف له حتة عيل! ده يترفض؟ وكمان تقتح لي تحقيق عن أسباب عدم جوازه لدلوقت، وإيه اللي يضمن لها أخلاقه، وإنه ما تجوزش قبل كده وطلق مثلا؟ هو الراجل اللي نسأله ماتجوزش ليه برضه؟ ولا هو تبطرعلى النعمة؟ تبقى تقابلني لو شافت عريس زيه تاني! فقلت أحرق دمها وأجيبه لصاحبتها اللي في المكتب، على الأقل أصغر منها بسنتين.. فالتانية قالت لي سيبيني أفكر، وبعدها بيومين اعتذرت، فعرفت إن الهانم مرتبطة بقصة عاطفية، وعندها أمل تنتهي خير! متهكمة: تبقى تقابلني دي رخرة!
تستكمل: ولما استعرضت قدامي كل البنات اللي في الجمعيات، لقيت عددهم كتير جدا، ومعظمهم فوق الثلاثين والأربعين .. والخمسين كمان! وأغلبيتهم حلوين شكلا وموضوعا، ومراكز كويسة، وفلوس وأخلاق .. فابتديت أنتبه إن بنات الجمعيات مش متجوزين ومش بيتجوزوا! والمصيبة الأكبر بأه في المطلقات اللي دايما يكلمونا عن حقوق المرأة، وظلم وبلاوي الرجالة، وأنا في بالي باقول: جتكم نيلة .. لو كنتم عمرتوا في جوازكم كنت أصدقكم !
فأخبرتها أن العنوسة مشكلة المجتمع وليست نساء الجمعيات فقط. وقد أسعفتني ذاكرتي بمقولة إحدى الباحثات حول نوع من المرأة وصفته بأنه:”غير قابل للزواج”! في منتهى العاطفية والأنوثة ولكنهن لايبحثن عن رجل، ولايعتقدن أن الزواج هو مسعى حياتهن؛ إن لم يكن سيضيف إلى حياتهن بُعدا ايجابيا يستفز الكنزالذي بداخلهن! لديهن فكروحلم حول البيت السعيد، الذي لا يستفزه سوى حب حقيقي! أو يختبئن في العطاء العام من ثقل مرار تجربة فاشلة! يعشقن الطفولة والأطفال، ولكن ليس بالضرورة أن يكونوا أطفالهن! والطريف أن الرجال الذين يسخرون منهن في الشباب، هم الذين يندمون على فقدانهن، ويبحثون عنهن كلما كبروا! فمن أجل هذا كله، قد يجتمعن بالفعل تحت مظلة العمل بالجمعيات، حيث يستطعن عيش خصوصيتهن بحرية!
فتوَقَفت عن الكلام، وبعفوية أخذت يديّ ونظرت إليهما بحثا عن أي خاتم خطبة أو زواج، وكأنها تذكرت أنها لم تسألني يوما عن حالتي الاجتماعية! فابتسمتُ وأنا أتأملها.. حيث تصرعلى تقديم نفسها كأرملة وفية لذكرى زوجها الرائع، ولا أحد يعرف إن كان حديثها عن مثاليته،هي حقيقة أم نسج خيال للفت الانتباه ؟ أو مجرد أمنيات لم تتحقق .. فما أكرم الخيال حينما يمنحنا بعض السعادة التي كنا نحلم بها!!
ثم اضطرتها مواعيدها لتمضي، فذهبت على وعد بلقاء آخر .. ربما!
مبتدا