إياكم وغضبة الحرافيش!

45

 

 

هوجة واحدة منا تكفى لحرق مصر.. هكذا رددت بعض الصفحات الإخوانية بعد قرار الحكومة باعتبار الإخوان جماعة إرهابية.. والسؤال: ماذا عن هوجة واحدة من الشعب المصرى على الإخوان؟

مؤكد أنهم يفهمون أنها كافية جداً لابتلاعهم!

قالت هذه الصفحات إن من الممكن للإخوان أن يخرجوا بالآلاف لقطع الكهرباء وتعطيل السكك الحديدية وخلافه.. ألا يستوعب هؤلاء أنهم يعلنون بذلك الحرب على الشعب.. هل يتوقعون ألا يعلن الشعب عليهم الحرب فى المقابل؟

من الحكمة أن يبرأ الإخوان من هذا التفكير الطفولى الذى وصل بهم إلى النفق المظلم الذى يرزحون تحته حالياً. الشعب ما زال يتفرج حتى الآن ويراقب ما تفعلون، وهو يقيّم الموقف على أنه صراع على الحكم تدور رحاه بينكم وبين السلطة المؤقتة حالياً. تلك السلطة التى يراقبها كما يراقبكم تماماً. وهذا التوجه الطفولى الذى تردد على صفحاتكم سوف يدفعه إلى حسم أمره معكم وسوف يرحب بأى مواجهة، لأنه يضمن نتيجتها مقدماً، ويعرف أنه سوف يحسمها لصالحه فى أسرع وقت.

الإخوان «تغنى غناءً قديماً جداً» إذ تردد هذا الكلام، فمن قبل خرج أحد كبار منظريهم ومفكريهم، وهو الأستاذ سيد قطب، ووضع خطة عام 1965 لشل حركة السلطة الحاكمة آنذاك، كان منها هذه الأفكار الطفولية: قطع الكهرباء، وتخليع قضبان السكك الحديدية لوقف حركة القطارات، ونسف القناطر الخيرية، ونسف سنترال رمسيس لقطع خطوط الاتصالات. ولم يفلح بالطبع فى تنفيذ حرف واحد من هذه الخطة التى كان يستهدف من ورائها التخلص من حكم جمال عبدالناصر، وكانت النتيجة أن تم القبض عليه، وحكم عليه بالإعدام.

كثيراً ما كنت أتعجب وأنا أقرأ شهادته المعنونة بـ«لماذا أعدمونى» التى شرح فيها سيد قطب خطته الكاملة فى قلب نظام الحكم، لأننى لم أتصور أن مفكراً بحجم وقامة سيد قطب يمكن أن تسيطر عليه فى لحظة هذه الخيالات الطفولية ويظن أن بإمكانه إنفاذها فى الواقع هكذا بمنتهى السهولة. وقد اكتفت السلطة حينها بأن تقدم للمصريين معالم الخطة التى أعدها لشل حياتهم لتبرر أخلاقياً الحكم بإعدامه، وقد اقتنع المصريون وقتها بموقف السلطة كل الاقتناع.

هذا الشعب لا يتسامح مع أحد ينوى شل حياته ووقف حاله وتهديد وجوده ومعيشته. إنه يصبر على مرار العيش كثيراً، ويتحمل ما لا يتحمله غيره إيماناً منه بأن الشقاء هو القانون الذى يحكم حياة الإنسان على الأرض، لكنه فى اللحظة التى يشعر فيها أن أى شخص أو جماعة أو قوة -كائنة من كانت- تريد أن تفرض عليه ما يسمم حياته فإنه يتدفق كالطوفان الذى لن يستطيع أحد إيقافه ليكتسح الجميع. هذا الشعب لا يعانَد، وإذا قررت الإخوان أن تورط نفسها معه فسوف تكون تلك كلمة النهاية الحقيقية فى تاريخ الجماعة.. الحكمة تقول «لا تعاند من إذا قال فعل». وهذا الشعب ليس بإمكان أحد أن يعانده.. والأحمق من يضع نفسه فى طريقه.. أقول للإخوان: صارعوا على السلطة كيف شئتم، لكن إياكم والاقتراب من هذا الشعب.. إياكم وغضبة الحرافيش!

 

الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى