إما الإصلاح أو الاستفتاء

دعا مركز “الحضارة” للدراسات السياسية الذي يضم مفكرين وأكاديميين إسلاميين مصريين، الرئيس محمد مرسي إلى تنفيذ مبادرة إصلاحية من ثمانية بنود بشكل فوري قبيل المظاهرات الحاشدة المتوقعة ضده في نهاية الشهر الجاري، أو إجراء استفتاء شعبي عاجل إذا تعذر تنفيذ الاصلاحات.
وتعتبر هذه المبادرة التي تشمل دعوة الرئيس الذي ينتمي لحزب الحرية والعدالة الإسلامي لاستفتاء شعبي في حال تعذر تنفيذ بنودها الإصلاحية هذه هي الأولى التي تصدر من جهة إسلامية منذ وصول مرسي للرئاسة في قبل عام تقريبا.
وقال المركز في بيان حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه، إنه “في هذا التوقيت الحرِج، وانطلاقًا من حرصنا البالغ على السلمية، وحقنًا لدماء هذا الشعب بمختلف اتجاهاته، واحتراما لإرادته وضروراته، وتقديرنا للتداعيات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية التي من الممكن أن تنتج عن أحداث العنف؛ وخاصة سقوط ضحايا والمزيد من الانقسام، فقد رأينا ضرورة طرح هذه المبادرة لتكون رؤية تتضمن خارطة طريق لمواجهة الأزمة”.
وتضمنت مبادرة التي جاءت ضمن نص بيان المركز، دعوة الرئيس المصري إلى اتخاذ حزمة من القرارات الفورية أهمها:
1- الإعلان عن تشكيل حكومة إنقاذ وطني يشارك فيها الجميع؛ لتحقيق التوافق اللازم لإدارة الدولة، واختيار رئيس وزراء قوي، يتمتع بحنكة سياسية وخبرات اقتصادية وقانونية وإدارية.
2- الاتفاق على تكوين لجنة لمتابعة وتنسيق الجهود بصدد حصر خريطة أو تعديل المواد المختلف عليها في الدستور الحالي لتحقيق توافق وطني حوله.
3- الإسراع بالإعلان عن موعد إجراء انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، بعد الاتفاق على تعديل قانون الانتخابات وقانون مباشرة الحقوق السياسية، وعدم تأخير الانتخابات تحت أي ذريعة.
4- العمل على تمكين الشباب من ممارسة دورهم المحوري في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، وعلاج محاولات التهميش والإقصاء التي سادت المرحلة السابقة، والعفو عن جميع النشطاء والمتحجزين بسبب أو بمناسبة ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 وتوابعها، وعلاج المصابين في الداخل والخارج حسب حالاتهم، وحل قضايا ذوي الإعاقة.
5- عدم احتكار فصيل واحد لإدارة الدولة وتهميش وإقصاء باقي التيارات، وإعمال مبدأ المشاركة وتوزيع المسئوليات، والاعتماد على أهل الكفاءة والخبرة.
6- إعادة بناء الثقة بين سلطات الدولة، وبناء جسور الحوار والتعاون حول مشروعات تعديل قانون السلطة القضائية، وإرجاءه لمجلس النواب الجديد عند انتخابه، على أن يقدم مشروع التعديل من المجلس الأعلى للقضاء، وحل مشكلة النائب العام (الذي تطالب قوى معارضة وقضاة بإقالته لتعيينه من قبل الرئيس في إعلان دستوري وليس من خلال مجلس القضاء الأعلى المنوط به إدارة شؤون القضاة في البلاد)، وذلك من خلال إجراء حوار بين جميع الأطراف المعنية به من أجل التوصل إلى ما يحقق مصلحة الوطن من خلال وضع منظومة متكاملة للعدالة الناجزة.
7- وضع رؤية شاملة لإدارة ملف دول حوض النيل (بعد بدء إثيوبيا في إنشاء سد النهضة التي تخشى مصر من أن ينتقص من حصتها من المياه) والسير في عدة محاور أهمها: التفاوض، ثم اللجوء لمحكمة العدل الدولية، واللجوء لمجلس الأمن الدولي، واستحداث حلول بديلة تتعلق بمحطات توليد طاقة، وخفض ارتفاع السد وخلافه، واستنفاد كافة الطرق السلمية لحل النزاع المصري-الأثيوبي، وفي حال عدم الحل يتم التأكيد على حق مصر في الدفاع الشرعي عن الجرائم الدولية التي ترتكبها إثيوبيا تجاه مصر؛ بسبب تلاعبها في أمنها المائي وحياة مواطنيها، واتخاذ ما يلزم للدفاع عن أمننا القومي.
8- مراجعة أولويات الأمن القومي المصري وإعادة ترسيم العلاقات الدولية وخاصة مع دول الخليج وإيران والثورات العربية وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب المبادرة، “إذا تعذر قيام الرئيس المصري باتخاذ تلك القرارات يتعين عليه استفتاء الشعب وأخذ رأيه في استكمال مدة رئاسته (تنتهي بعد3 سنوات)، وفي حال موافقة الشعب يجب أن يحترم الجميع ذلك، وفي حال رفض الشعب يقوم الرئيس بإدارة الانتخابات الرئاسية المبكرة وتسليم السلطة؛ وهو ما يقي مصر وشعبها سقوط أي ضحايا أو وجود فراغ سياسي في السلطة أو انهيار اقتصادي أو أمني”.
أما في حال تعذر المسارين الأول والثاني، بحسب نص المبادرة التي جاءت في بيان مركز الحضارة “هناك خطورة أن يستمر تحالف تحرك بعض قوى الثورة المضادة مع قوى أخرى للاستمرار في الوقفات والاعتصامات والإضرابات والعصيان المدني، والإعلان عن خطط الانقلاب على الشرعية والنظام القائم”.
وانتقدت المبادرة المعارضة وقالت إن “بعض روافدها الثورية تتضامن مع فلول (أنصار) النظام السابق تحت ذريعة مناوأة الإخوان (جماعة الإخوان المسلمين) والرئيس (الذي ينتمي لهذه الجماعة)” واصفة أداء المعارضة بـ”الهزيل والعتيق والنمطي ولم يعد مجديًا أو مؤثرًا؛ ومن ثم فإننا نسنتفر كل القوى السياسية ووطنيتها أن تشكل معارضة حقيقية رشيدة، تقدم البدائل وترشد المسار وتسهم في وضع أطر لحياة سياسية فاعلة وعادلة”.
وتابع المبادرة : “هناك فارق بين أن نؤسس لمعارضة رشيدة في إطار عملية استكمال مؤسسات نظام ديمقراطي جديد وبين الانقلاب على الشرعية وهدم النظام لمصالح حزبية ضيقة”.
وطالب المركز من جميع الأطراف والقوى السياسية “استدعاء حب الوطن وتغليب مصلحة الشعب على أية مصالح خاصة. وليقسم الجميع على أن يكون ولاؤنا لله، ثم الوطن والشعب”.
ومركز الحضارة الذي تأسس عام 1997 هو أحد أهم المراكز الفكرية الإسلامية في مصر، ويديره كل من نادية مصطفى استاذ علاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وسيف عبد الفتاح المستشار السابق لرئيس الجمهورية واستاذ النظرية السياسية بنفس الجامعة.
وتدعو قوى معارضة مصرية على رأسها جبهة الإنقاذ وحركة “تمرد” إلى مظاهرات حاشدة في 30 يونيو الجاري تطالب فيها برحيل مرسي والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة.
وفيي المقابل، تدعو قوى إسلامية إلى تنظيم مظاهرات “مليونية” داعمة للرئيس المصري في مختلف المحافظات في اليوم نفسه، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لتوليه مقاليد الحكم، إثر فوزه في أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.
ووسط دعوات الحشد المتبادل، وفي ظل حالة من الاستقطاب الشديد، يخشى الكثير من المصريين أن ينزلق الفريقين إلى مصادمات دموية؛ مما دفع الأزهر إلى إصدار بيان الجمعة دعا فيه المصريين إلى “الحفاظ على وطنهم”.
الوفد