“فريد والنجار وثابت” صقور خطة “التمكسن الاقتصادي”

 

126

 

تسعى جماعة الإخوان وقوى الإسلام السياسى، لتحقيق نجاحات اقتصادية كالتى حققوها على الساحة السياسية، بعد سنوات عاش خلالها اقتصاد هذا التيار أسير الظل والخفاء، خوفاً من تتبع عيون أمن الدولة، كما حدث لرجلى التنظيم خيرت الشاطر، وحسن مالك، إذ تتبع النظام السابق ملايينهما وأصولهما، وراح يجمدها ويضع العراقيل أمامها، بما حكم على المشروع الاقتصادى الإسلامى بالفشل فى مهده.

أسامة فريد وسمير النجار وصفوان ثابت على رأس القائمة.. و900 رجل أعمال «تحت الطلب»

أما التيار السلفى، فانحسر دوره اقتصادياً فى مشروعات خدمية صغيرة ومتوسطة، ومتناهية الصغر، ولم تظهر رؤوس أموالهم الكبيرة، فى السابق، إلا نادرا، وكان فى الريان وأشرف السعد المثل الأبرز لنهاية غير مستحبة.

خبراء ومراقبون أكدوا لـ«الوطن» أن استنساخ دولة رجال الأعمال لن يأتى بنفس الصورة التى جاء بها نظاما السادات ومبارك، ما أدى إلى حالة احتقان فجرت ثورة 25 يناير، إذ لا بد له من اعتماد أسس وأهداف الثورة، وأهمها تحقيق العدالة الاجتماعية، وإلا سيواجه النظام ما هو أقوى من انفجار يناير: ثورة جياع.

على طريق التمكين الاقتصادى، جرى تفتيت قوة التيار السلفى، عبر أصابع خيرت الشاطر، وخلا الطريق أمام رجال أعمال الإخوان، الذين يسعون بكل قوة لإرساء مبدأ التمكين الاقتصادى لدولة الإخوان، خاصة بعد تأسيس الجمعية المصرية لتطوير الأعمال المعروفة باسم «ابدأ» برئاسة حسن مالك، فى حفل حضره أكثر من 1000 رجل أعمال، وظن البعض وقتها أن جمعية مالك ستستقطب وتحتوى أفكار الجميع، بغض النظر عن الانتماءات السياسية للحضور، إلا أن ما حدث بعيداً عن أضواء الحفل الكبير، كان مخالفاً للمأمول، وقبلت الجمعية عضوية أعضاء الجماعة أولاً وبقى على قائمة الانتظار أكثر من 900 طلب عضوية معلقة لليوم.

ويرى ثروت الخرباوى، القيادى الإخوانى المنشق، أن «ابدأ» الذريعة الأولى لمخطط التمكين الاقتصادى، الذى يسعى إليه الإخوان، لافتا إلى أن النشاط الاقتصادى للجماعة لا يتعدى منطقة التجارة، عبر التاريخ، حتى يتسنى لصاحب المشروع التخارج من السوق، دون خسائر تذكر، وضرب مثلاً بما قام به خيرت الشاطر بعد الثورة حين افتتح سلسلة متاجر «زاد» التى لا يتعدى عدد العاملين بها 150 فردا، وهى تخدم فى الأساس تجار الجماعة من موردى الألبان والمنتجات الأخرى.

ورتب «الخرباوى» قائمة صقور الاقتصاد الإخوانى على النحو التالى «خيرت الشاطر، حسن مالك، أسامة فريد وسمير النجار»، ومن خارج الجماعة ويرتبط بها بالمصاهرة رجل الأعمال، صفوان ثابت، صهر الإخوان والمسيطر الرئيسى على أسواق الألبان فى مصر.

«فريد» يضعه عينه على الصندوق الاجتماعى لإدارة محفظة الأراضى

ووفقاً لبيانات الجمعية المصرية لتطوير الأعمال «ابدأ» فإن أسامة فريد، نجل القيادى الإخوانى الراحل فريد عبدالخالق، لديه شركات فى مجال الهندسة المعمارية والعقارات، حيث تعمل شركة فريد، وهى شركة الهندسة للمشروعات، منذ أكثر من 25 عاماً فى مجال التعمير، وقامت الشركة ببناء العديد من العمارات السكنية المتميزة فى منطقتى المهندسين والدقى، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من الأسواق التجارية فى المدن الجديدة، حيث قامت بتنفيذ أسواق النخيل 1 و2 بمدينة 6 أكتوبر، وكذلك الياسمين 1 و2 بمدينة العبور وسوق المهندسين بمدينة الشيخ زايد، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع سكنى وهو روضة المهندسين بمدينة الشيخ زايد برج، ومعروف عنه علاقاته الخارجية الممتدة، وقد اتضح من تحركاته والمؤتمرات التى دعا إليها أنه يستهدف بشكل خاص توسيع العلاقات مع الدول الإسلامية فى قارة آسيا.

وتؤكد مصادر مطلعة أن أسامة فريد ينشط جدا لتوسيع العلاقات الخارجية للجمعية، حيث عقد عددا كبيرا من اللقاءات، خلال فترة الانتخابات الرئاسية وما قبلها، مع مؤسسات تمويلية دولية وجهات إقليمية ودولية مانحة، منها البنك الدولى وصندوق النقد، للتواصل مع هذه الجهات، بالإضافة إلى المؤسسات الحكومية لمراجعة جميع الموارد التمويلية المتاحة فى الداخل والخارج لخدمة تمويل مشروعات الشباب التى تتبناها الجمعية، كما سعى لدراسة الأوضاع الاقتصادية فى المحافظات المصرية، لتحديد كيفية الاستفادة من أموال الصندوق الاجتماعى للتنمية، وعلى سبيل المثال توسيع قاعدة المستفيدين من المشروعات بين الشباب فى المحافظات، خاصة منطقة الصعيد.

ويتأصل ترسيخ مبدأ مكاسب الاقتصاد الريعى لا الإنتاجى، فى اسم سمير النجار أحد مؤسسى «ابدأ» المتخصص فى مجال الزراعة، وصاحب واحدة من أكبر شركات تصدير السلع الزراعية، وهى شركة لفرز وتعبئة البطاطس والبرتقال وشحنها إلى الدول الأوروبية والخليجية، كما أنه رئيس جمعية رجال الأعمال الزراعيين، ويتولى مهمة الاهتمام بالملف الزراعى وكيفية تطويره، كأحد الملفات الملغومة والشائكة التى تواجه مصر، وبالطبع استطاعت الجمعية تحسين الأوضاع فى مجال الزراعة سوف ينعكس بالإيجاب على موقفها فى الشارع، الأمر الذى لم يحدث.

النجار يعترض على وصفه بـ«ذراع الجماعة للسيطرة على ملف الزراعة» ويقول فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إن هدفه هو وضع مفهوم جديد لرجل الأعمال، لتفعيل دوره فى علاقته بالمجتمع، والعمل على تبنيه الملفات الشائكة والمهمة، التى تخدم تنمية الاقتصاد بشكل حقيقى، مثل ملف الزراعة وبحث كل مشاكله والقطاعات التابعة له مثل قطاع الأسماك والإنتاج الحيوانى، وما يمكن أن يحققه قطاع الزراعة من تنمية حقيقية، كذلك قطاع السياحة. مضيفا: مصر تستطيع مضاعفة صادراتها الزراعية خمسة أضعاف خلال الفترة المقبلة، وذلك من خلال فك اختناق التمركز حول الأراضى الزراعية، والانطلاق إلى الصحراء، مشيراً إلى أن السياسات الزراعية للنظام السابق كبلت الزراعيين، مع عدم وجود تصنيف للأراضى الزراعية أو عقود زرقاء بالمعنى المتداول، وزيادة أسعار الأسمدة من 600 جنيه للطن إلى 1200 جنيه خلال سنة واحدة لدعم الطاقة، أى إن الفلاح البسيط يدعم المستثمرين الكبار.

«ثابت» يسيطر على أسواق الألبان برعاية «ابدأ» ومكتب الإرشاد

ومن خارج التنظيم، يطل اسم صفوان ثابت، صهر الإخوان، ولغز الشارع الاقتصادى، الذى نفى أكثر من مرة ارتباطه بالإخوان، قبل أن ينضم إلى جمعية حسن مالك «ابدأ»، لتبدأ مرحلة جديدة من التقرب إلى ثابت، ظناً من أعضاء مكتب الإرشاد أنه الباب الملكى للسيطرة على أسواق الألبان، عبر شركاته المعروفة، والتى تتحكم فى أكثر من 70% من سوق الألبان فى مصر، ورغم أن جمعية منتجى الألبان قدمت أكثر من بلاغ ضد شركة «جهينة»، فيما يخص احتكارها هذه النسبة الكبيرة من سوق الألبان فى مصر، فإن البعض أكد أن تقرب الجماعة التى تسيطر على الحياة السياسية برمتها السبب الرئيسى فى حمايته حتى الآن.

ثابت هو صهر مرشد الإخوان السابق مأمون الهضيبى، ووجوده مهم فى دائرة صقور التمكين، كونه واحدا من أصحاب أكبر شركات الإنتاج الحيوانى، وهى شركة «جهينة»، ووجوده يدعم هدف الجمعية فى وجود تنوع فى مجالات رجال الأعمال، وكان ثابت قد تعرض لشائعة خطيرة بعد الثورة، تفيد بأنه شقيق سوزان مبارك، وأنه يمتلك مع علاء مبارك ومجدى راسخ شركة للتنمية والاستثمار بمدينة السادس من أكتوبر، لكنه نفى هذه الصلة تماما بعائلة أو نجل الرئيس السابق.

الدكتور عبدالحميد فهمى، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر، يقول إن الجماعة لا تعتمد فى تمويل نشاطها على استثمارات أعضائها القائمة على نمط الاقتصاد الريعى فقط، بل تعتمد فى تمويل نشاطها على جهات خارجية، تابعة لها ضمن التنظيم العالمى، من خلال تشكيل قوام رئيسى لاقتصاد الجماعة، والذى من خلاله يتم الإنفاق على أنشطة الإخوان المختلفة وتسديد رواتب العاملين بها وعليها من تمويل الأفراد، إذ تشترط الجماعة على أفرادها تسديد 8% من دخلهم شهريا إجباريا، وهذه النسبة غير زكاة المال المفروضة على المسلم والتى يدفعها الأعضاء الإخوان أيضاً، وتتصرف فيها الجماعة كما تشاء، ونظام دفع الاشتراكات فى الجماعة لا يطبق على ثلاثة «الأخوات والطلبة والفقراء». مضيفا أن عدد الأعضاء العاملين المنتظمين بالجماعة وصل عام 2010 إلى 550 ألف عضو، وهؤلاء يدفعون قيمة الاشتراك الشهرى بصفة مستمرة، يتراوح بين 100 إلى 120 جنيها ولكل عضو فى الجماعة ظروفه المادية الخاصة، فهناك من يدفع 100 جنيه وهناك من يدفع 100 ألف، وبحسبة بسيطة تحصل الجماعة على 60 مليون جنيه شهريا من الاشتراكات غير التبرعات، التى تصل إلى 30 مليون جنيه سنويا من رجال الأعمال الإخوان، وهناك روافد ثابتة تصب فى شرايين الجماعة، ومنها المعارض والسلع المعمرة فى النقابات المهنية، والتى استحوذ عليها الإخوان بصفة احتكارية، خصوصا نقابتى الأطباء والمهندسين حيث إن أعضاء النقابة وصلوا لأكثر من مليون عضو والمكاسب تصل شهريا لأكثر من مليون جنيه، بالإضافة إلى المعارض التى تقام فى الأندية والنقابات.

 

الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى