الأخبار

16مليون مصرى يعيشون فى غرفة واحدة

16

 

 

 

ابو زيد راجح :40%من الاسر تعيش فى غرفة واحدة بالجمالية والدراسة

خبيرة التنمية الحضارية : نزوح الاف من الارياف للعاصمة سبب فى ازمة الاسكان الهامشى

خبير بالمركز الديمجرافى: بيئة العشوائيات ارض خصبة للتطرف الدينى

توصلت دراسة بعنوان “مستقبل العمران فى مصر 2020” الى أن 16 مليون مصرى يعيشون فى غرفة واحدة  وبالرغم من أن الدراسة تحمل عنوان المستقبل، فكثيرون لن يروا هذا المستقبل مع ذلك الرقم المفزع الذى يكشف الحالة المتردية التى وصلت لها ازمة المناطق العشوائية فى مصر ، ومن ثم وبعيدا عن الاحباط والتشاؤم نحتاج الى قراءة موضوعية لهذا الرقم الكبير الذى توصلت له الدراسة ، وماذا يعنى أن يعيش اكثر من 20% من الاسر المصرية فى هذا النوع من الاسكان الهامشى، ومامعنى هذا النوع من الاسكان وهل يختلف عن الاسكان العشوائى  وماهى خطورته وماهى الحلول المستقبلية لمواجهته .

يقول الدكتور ابو زيد راجح رئيس المركز القومي لبحوث الاسكان والبناء سابقا ، وعضو المجلس الاعلى للتخطيط والتنمية العمرانية  والمشرف على هذه الدراسة أن الاسكان الجوازي او الهامشى يختلف عن الاسكان العشوائى، فالأخير يوجد فى اطراف المدن ويحيط بها كما يحيط السوار بالمعصم ،بينما الاسكان الجوازى فهو يوجد فى احياء فى قلب المدن ،وهو اسوا انواع الاسكان قاطبة ،حيث يتمثل فى السكن باماكن غير معدة اساسا للاسكان مثل غرفة سطح ،وبئر السلم ،والاماكن الاثرية والعشش المقامة فى الازقة وحارات الاحياء الشعبية ،وتعيش فى الغرفة الواحدة اسرة كاملة مكونة من 6 الى 7 افراد .

ويضيف راجح أن الدراسة رصدت عدة مناطق ينتشر فيها هذا النوع من الاسكان الهامشى فيما عرف بالاحياء الوطنية التراثية القديمة مثل الجمالية والدراسة وباب الشعرية والخليفة لتسجل النسبة الاعلى والتى تتراوح مابين 30 الى 40 % من الاسر التى تسكن فى غرفة واحدة ، لتسجل القاهرة النسبة الاكبر حيث تحتل حوالى 20% من بين المحافظات الاخرى بواقع 16 مليون مواطن مصري .

ويحذر راجح من خطورة هذا النوع من الاسكان والتى تعود الى التزاحم الشديد بين قاطنى الغرفة الواحدة والتى تضم افراد كثيرة من الجنسين ، على مختلف الاعمار، بل لا يقتصر سوء الاحوال على زحام الاسرة الواحدة ، بل يتشارك اكثر من اسرة فى دورة مياة واحدة ،مما يتولد عن هذه الظروف المتردية وبالغة السوء اخطر الامراض الاجتماعية والنفسية .

ويفسر اسباب انتشار ظاهرة الاسكان الهامشى قائلا “انها تعود الى تركيز الدولة للاستثمارات فى محافظة القاهرة التى تمثل العاصمة ،حيث تستاثر بحوالى 40% من الاستثمارات سواء فى الانتاج او الخدمات ،مما يجعل القاهرة محافظة جاذبة بشدة للهجرة السكانية الداخلية من المحافظات النائية الى المراكز الحضرية الكبرى دون ان يكون لهؤلاء المهاجرين مهارات مهنية او حرفية يستطيعون بها توفير حياة كريمة لأسرهم فى حدها الادنى ، ومن ثم ونظرا لضيق الموارد والنفقات يتزاحم هؤلاء المهاجرين الى هذه الاحياء القديمة ليجدوا مثل هذا المآوى غير الانسانى” .

ويوضح ان مصر من الدول القليلة التى تنفرد بهذه المشاكل الضخمة فى قطاع الاسكان ،نظرا لعدم وجود تخطيط قومى شامل يحقق عدالة التوزيع على الانشطة الانتاجية والخدمية بشكل متساو على جميع محافظات مصر كلها بطريقة متزنة مما يجعل الانتشار والتكدس السكانى لا يقتصر على المراكز الحضرية الكبرى فقط بل يصل الى كل محافظة بمصر، وعلى الاخص باقاليم خارج الوادى والدلتا كشبة جزيرة سيناء ،والساحل الشمالى الغربى ،وهذا تتحمل مسئوليته الدولة فعليها البدء فى التخطيط والنظر الى المستقبل البعيد وليس الحاضر القريب حتى تتمكن من التصدى لازمة 16 مليون مصرى يعيشوا فى غرفة واحدة ، والتى تحتاج الى عشرات الدراسات الاخرى لان مستب العمران فى مصر مازال مجهولا وغير معلوم الملامح فهو يتطور بسرعة كبيرة .

 من ناحيتها منال كمال خبيرة التنمية الحضارية بان عدم استجابة وغياب مرونة الحكومة المصرية فى خلق بدائل ملائمة لمحدودى الدخل وسكان العشوائيات هى السبب وراء توحش وتفاقم ازمة العشوائيات سواء فى مصر عامة او على مستوى اقليم القاهرة الكبرى بوجة الخصوص ،لنصل الى هذا الرقم المخيف ل 16 مليون مصرى يعيشون فى ظروف اجتماعية واقتصادية ومعيشية متردية .

 وأكدت أن هذه الغرفة الواحدة التى يسكنها سبعة افراد لا يمكن ان يخرج عنها اشخاص اسوياء،بل سيؤثر سلبا على اخلاقيات المجتمع بأكمله ،وهذه الدائرة المهترئة من الفقر وغياب الصحة والتعليم والجهل والامراض لن تؤدى الا لثورة جياع عن قريب،واذا لم تقلع الدولة عن سياسات “الطبطبة ” التى تتعامل بها فى علاج مشكلة العشوائيات والا تصدر اساليب كالتبرع ومنح ساكينها السكر والزيت باعتبارها حلول لسكان هذه الغرف الواحدة بل هى مسكنات لن تعالج سرطان هذه المناطق الذى سيقضى على الاخضر واليابس فى الدولة .

وتضيف منال أن السبب وراء هذه الظاهرة هو نزوح الاف من المواطنين من الارياف القاهرة بحثا عن فرص عمل ملائمة او فرص تعليمية افضل ،او حياة معيشية اكثر راحة ،مشيرة ان معظم ساكنى العشوائيات من الصعيد والدلتا .

وأكدت ان الدولة لن تخترع العجلة من جديد ،فهناك حلول وتجارت توصلت لها دول اخرى وسبقت مصر فى معالجة ازمة العشوائيات وتمكنت من تحجيم تكاثر هذه المناطق العشوائية كالبرازيل وباكستان ودول امريكا اللاتينية ،ولكن هناك اصرار من الدولة على اتباع نفس السياسات القديمة وان تقدم حلول نمطية للازمة تقترب للعراقيل منها حلول .

وتشير الى  أن الاجتماع الاخير الذى عقدته وزارة التخطيط فى فبراير الماضى لمناقشة الخطة الخمسينية تحت عنوان”الحد من اثر زيادة الاسعار على محدودى الدخل ” وكان من بينها مكون الاسكان ،تقدمت المنظمات التى تعمل على ملف العشوائيات باقتراحات وبدائل عملية لوزارة الاسكان تتلائم مع ساكنى المناطق العشوائية ،حيث وجدنا من واقع التعامل معهم انهم يفضلون نموذج المساكن غير المخططة فهى تلائم فئة عريضة منهم تلك المبانى المصنوعة بالطوب الاحمر والتى تبنى بشكل غير منظم عشوائى ، وتتكلف الدولة كثيرا لادخال المرافق بها .

تابعت ، فبدلا من هذه الاجراءات المعقدة تم الاقتراح على وزارة الاسكان ان تخصص الدولة قطع من الاراضى التمليك ،لهؤلاء السكان ولكن بشرط ان تكون هذه الاماكن والاراضى فى مواقع جغرافية متمتيزة واستراتيجية مثل الطريق الدائرى او القاهرة الجديدة ،وعلى الاهالى تحمل نفقات بنائها بجهودهم الذاتية ،وهم على استعداد ان يجمعوا نفس الاموال التى يبنوا بها بالطوب الاحمر فى قلب العاصمة وبطريقة عشوائية .

ومن ثم تخلصت الدولة من هذه العشوائيات غير المخططة وطرحت اماكن بشروط وتخطيط محدد لا يخرج عنه السكان بدلا من تلك التكلفة التى كانت الدولة تتكبدها عندما كانت تضطر الى نقل هؤلاء السكان الى منطقة جديدة ،وبعد ان تبنى مساكن جاهزة وكاملة المرافق تتحول الى مدن للاشباح كما نرى فى مدينة النهضة و6 اكتوبر و15 مايو ،والتى لا يفضل الاهالى الانتقال اليها بعد ان ارتبطت اعمالهم وطريقة حياتهم بالاماكن الحيوية التى يعيشون بها ،ومن ثم تخصر الدولة نفقات ما تكلفت .

وتضيف كمال عندما تدرك الدولة ضرورة هذه الحلول المبتكرة التى تفكر خارج الصندوق ،ستتوقف عن القاء اموالها فى بناء مبانى سكنية على الشريط الحدودى للقاهرة وفى نفس الوقت تعتقد ان الاهالى سيتركوا مواقعه الاستراتيجية فى السكن حتى ولو كانت كل اسرة تضم عشرة افراد فى غرفة واحدة ،سيتحملوا هذه المشكلات ولن ينتقلوا الى اماكن بعيدة عن مدارسهم ،عن وسائل مواصلات مريحة ،عن ارزاقهم واعمالهم ،حتى لو كان المقابل شقة وخصوصية .

ونبهت منال من خطورة استمرار هذه الظاهرة المخيفة متوقعة زيادة عدد الاسر التى تقطن فى غرفة واحدة الى الاضعاف ،اذا لم تغير الدولة من سياسات الاسكان الموجودة حاليا واستبدالها باخرى تدعم موقف محدودى الدخل ،بل بهؤلاء الذين يعيشون تحت خط الفقر،فمثلا تم الاعلان مؤخرا ان وزارة الاسكان سوف تعيد النظرفى الاسكان التعاونى ،وهى فكرة جيدة لانها اثبتت نجاحها وتلقى تأييدا من قبل منظمات المجتمع المدنى.

اما اللواء عزت الشيشينى المستشارالاعلامى بالمركز الديموجرافى بالقاهرة  فيرى أن الدولة مسئولة بالدرجة الاولى عن تفاقم هذا النوع من الاسكان الهامشى ،لانها لم تنظر بعين الاهتمام لهذه المناطق منذ سنين طويلة تعود الى أكثر من أربعين عاما فى اطار غياب التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة بشكل عام مما أدى الى زيادة الفقر ،وعدم القدرة على سد نفقات الايجارات الجديدة ومن ثم خلقت لنفسها سكن يتلائم مع ظروفها الاقتصادية الطاحنة لتعيش الاسرة الواحدة والتى تتكون من اكثر ستة افراد فى غرفة واحدة .

وقال إن الدولة توقفت عن الاهتمام بمحدوى الدخل والطبقات المتوسطة منذ الستينات عندما توقفت عن بناء المساكن التى كان الرئيس الراحل عبد الناصر يوجهها للفقراء من هذا الوطن وعندما تحول الاسكان الى سوق مرتبطة بالعرض والطلب كان من الطبيعى أن تولد هذه النسبة الخطيرة من تواجد 16 مليون مواطن مصرى يعيشوا فى هذه الظروف المتردية من غرفة واحدة .

ويضيف الشيشينى أن خطورة هذا الرقم وانتشار المناطق العشوائية من شمال مصر لجنوبها يعود الى النتائج السلبية المترتبة عليها وعلى الاخص الناحية الامنية ،حيث تشكل هذه المناطق الفقيرة التى يعيش فيها 7 بغرفة مرتعا لانتشار الجريمة والعنف وتصدير العنف بين المناطق والاحياء المختلفة ،فضلا عن انتشار المخدرات وجرائم السرقات ،بالاضافة الى تواجد نوع خاص من الجرائم وهو الجرائم الجنسية وجرائم هتك العرض والاغتصاب وزنا المحارم.

وتابع الشيشينى ان هذه المناطق تشكل بيئة جيدة لنشر الفكر الارهابى الدينى ،وزيادة اعداد المتطرفين ،كردفعل عن حرمانهم من الخدمات والحقوق التى يجب ان توفرها لهم الدولة ،وتمتص هذا الحقد والغضب والتمرد ضد الاغنياء ،وتحولة الى طالقة ايجابية تستوعب هذه الاعداد الهائلة من البطالة التى تنحرف فكرياوسلوكيا ،والدليل على ذلك انه على مدار التاريخ كانت كل الحوادث الاراهابية خرجت من مناطق العشوائية الفقيرة كالزاوية الحمراء وامبابة ،خاصة ان هذه المناطق بحكم طبيعتها الجغرافية والبيئية منةعشش وغرف من الصفيح والاخشاب والحوارى الضيقة ،تشكل نهرب وملاذ جيد جدا يسهل الاختفاء بها من قبل المجرمين .

ويرى الشيشينى ان الخطر القادم على مصر ياتى من هذه المناطق المحرومة ،والتى تشكل قنابل موقوته فى وجه الدولة والمجتمع باكمله ،والتىى يجب ان تواجهها وتضع حلول سريعة من اجل القضاء عليها وتحسين الحالة المعيشية لسكانها .

اخبارنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى