الأخبار

شهادة وفاة البورصة المصرية

39

«فرض ضريبة علي صافي الارباح الرأسمالية والتوزيعات، مقابل إلغاء الضريبة علي الدمغة» هذا مقترح أسفرت عنه المشاورات المكثفة بين وزارة المالية وقيادات سوق المال مؤخراً.

 

المقترح أشعل الصراع من جديد بين مجتمع سوق المال والحكومة، رغم ان البورصة ارسلت بيانا منسوبا لوزارة المالية توضح  أن حساب الضريبة على الارباح سيكون على صافي قيمة المحفظة السوقية في نهاية السنة وذلك مقارنة بقيمتها في تاريخ إقرار القانون بغض النظر عن تاريخ الشراء السابق لإقرار هذا القانون مع الأخذ في الاعتبار انه سيتم ترحيل اية خسائر يحققها المستثمر لمدة ثلاث سنوات قادمة.
رغم هذا البيان الا ان هناك عدم وضوح وغموضاً في ملف فرض ضريبة علي الارباح بالبورصة، خاصة ان المقترح وفقا للاتفاق يشمل ضريبة على الأرباح الرأسمالية بنسبة قد تصل الي 10% سنوياً على الأسهم ووثائق الصناديق، وأخرى على التوزيعات النقدية بنسبة 5% للمستثمر طويل الأجل الذى تتجاوز حصته 25%، و10% على المستثمرين قصيرى الأجل.
ردود الفعل متباينة بين خبراء سوق المال حول الملف، إذ فريق يعتبر فرض ضريبة علي أرباح البورصة بمثابة المسمار الاخير في نعش البورصة، وشهادة وفاة لسوق الأسهم، خاصة أن الوقت غير مناسب، فيما يعتبرها فريق آخر أمرا ضروريا لتوفير موارد تساعد علي سد عجز موازنة الدولة.
سألت أحمد أبوالسعد، خبير اسواق المال حول تداعيات مثل هذا المقترح علي سوق الاسهم، فأجابني قائلا: «ان التوقيت غير مناسب، لمثل هذا المقترح الذي تسعي وزارة المالية في تطبيقه خلال الفترة القادمة، إذ إن تأثيره الوقتي سيمثل ضرارا علي السوق والمستثمرين، لكن قد يكون مقبولا بعد ذلك اذ ما كان ذلك المقترح ضمن مجموعة وسلسلة من الاصلاحات الاقتصادية».
من الأفضل عدم فرض ضرائب علي البورصة  بحسب «أبوالسعد» لكن يبدو أن البدائل قليلة لخفض عجز الموازنة وبالتالي لم يكن امام الحكومة سوي تنفيذ هذا المقترح ، متسائلاً هل سيتم فرض ضرائب علي ايرادات الودائع في البنوك بحيث لا تصبح الضريبة عقاباً لمن يخاطر بأمواله ليستثمرها وتكون المعاملة بالمثل للأموال الراكدة بالبنوك، وايضاً ينبغي وضع إعفاءات ضريبية علي بعض أدوات الاستثمار التي تخدم المصلحة العامة مثل الاستثمار في الطاقة والبنية الاساسية.
«المقترح يفقد البورصة تنافسيتها بين الاسواق الاخري المماثلة فكل دول المنطقة وأغلبية الاسواق الناشئة تعفي التعاملات والتصرفات التي تتم داخل اسواق المال من اي ضرائب او رسوم لتشجيعها».. كذا كان تعليق محسن عادل خبير اسواق المال، أنه حال تطبيق هذه المقترحات سيساهم في هروب الاستثمارات من سوق المال بما يضر جذريا بحجم الاستثمارات الخارجية والداخلية المستهدفة، كما ان أثر الضريبة الجديدة على صغار المستثمرين الذين يعدون القطاع الأكبر في البورصة سيكون كارثياً، خاصة أن فرض هذه الضريبة على ذوي الدخول المنخفضة للأفراد محدودي الدخل يقلل من مقدرتهم على الاستهلاك، وكذلك على الإنتاج وهو ما يؤدي إلى انخفاض مستوى الدخل القومي وبالتالي يؤدي ذلك إلى انخفاض ونقص في الإيرادات العامة للدولة.
«كما ان الضريبة يمكن أن تؤدي إلى خفض الاستثمارات بصورة مباشرة بسبب تخفيضها لأرباح المستثمرين وعلى وجه الخصوص بالنسبة للاستثمارات الجديدة، والتي يتم السعي بكل الطرق خلال الفترة الحالية لاجتذابها وتنميتها»، علي حد قول عادل.
«الضريبة ستساهم في تمويل عجز الموازنة التي وصلت الي مستويات مفزعة»، هو ما قاله الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي، حيث ان اقتصاديات العديد من الدول تقوم بتطبيق فرض ضريبة علي الارباح الرأسمالية في سوق الاسهم، وأنه من غير المقبول ان يقوم المواطن العادي بسداد ضريبة علي الدخل الشهري، ويتم اعفاء المستثمر الذي يسجل ارباح رأسمالية قياسية من سداد الضريبة.
«إذن علينا ان نسير علي درب العديد من الدول المتقدمة في هذا الاتجاه، أن معظم الدول تقوم بفرض ضريبة علي الارباح بالبورصة باستثناء بعض اسواق المنطقة العربية» بحسب نافع.
التوزيعات التى تقوم الشركات بتوزيعها يتم احتساب ضرائب دخل عنها وتقوم الشركة بسداد تلك الضرائب الى مصلحة الضرائب، وفقا لعمر، وصابر محلل اسواق المال، وإذا تم فرض ضريبة اخرى على التوزيعات يكون هناك ازدواج ضريبى على  نفس الارباح وهو الامر غير الدستورى بحكم القضاء.
«المستثمر الرئيسى سواء اجنبى او مصرى سيقوم بتسديد الضرائب مرة إضافية اى ان نسبة أرباحه ستقل من 10% الى 15% نتيجة لقيد شركته فى البورصة، الامر الذى يعمل على إحجام الشركات عن القيد فى البورصة، وربما تلجأ كثير من الشركات الى الشطب الاختيارى للهروب من الضرائب الاضافية»، بحسب صابر.
والضريبة على الأرباح الرأسمالية التى تنتج من ارباح السوق، يصعب حصرها فقد يقوم العميل بشراء من شركة والبيع فى شركة اخرى بدون معرفة التكلفة وفقا لصابر، فعلى اى اساس يتم احتساب الأرباح بدون معرفة التكلفة، هذا بالإضافة الى حساب مخاطر عنصر الزمن ومعدلات الاستثمار الخالى من الخطر، فقد يحصل المستثمر فى آخر الفترة الاستثمارية على عائد اقل من العائد الخالى من الخطر، مما تعمل على تطفيش الاستثمار واللجوء الى الاستثمار فى الأدوات المالية الآمنة بدون ضرائب مثل اذون الخزانة والسندات والودائع البنكية وهو الامر الذى سيخلق فائض سيولة كبيراً لدى البنوك وعجزاً فى جانب الاستثمار، وكل ذلك يفقد البورصة المصرية تنافسيتها بين الاسواق الاخري المماثلة فكل دول المنطقة وأغلبية الاسواق الناشئة تعفي التعاملات والتصرفات التي تتم داخل أسواق المال من أي ضرائب أو رسوم لتشجيعها.
«يتوقع أن تتسبب هذه التعديلات الضريبية في هروب الاستثمارات من سوق المال المصرية بما يضر جذريا بحجم الاستثمارات الخارجية والداخلية المستهدفة، وأن الضريبة الجديدة يمكن أن تؤدي إلى خفض الاستثمارات بصورة مباشرة بسبب تخفيضها لأرباح المستثمرين، خاصة بالنسبة للاستثمارات الجديدة التي يتم السعي بكل الطرق خلال الفترة الحالية لاجتذابها وتنميتها»، هكذا قال.

 

 

 

 

الوفد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى