“الوطنية للتغيير”: مرسى فشل في إدارة الدولة والحفاظ على أمنها القومي وعجز عن وقف تفككها
أصدرت “الجمعية الوطنية للتغيير” بيانا استثنائيا شديد اللهجة على خلفية أحداث “التحرير” أمس، اتهمت فيها جماعة الإخوان المسلمين بانتهاج سياسة منهجية فجّة وسافرة، لتصفية الثورة والثوار، كما اتهمت مرسى بفشله الواضح في إدارة الدولة، والحفاظ على الأمن القومي وسلامة الأراضي المصرية.. فضلا عن عجزه عن وقف تفكك الدولة وتحقيق أهداف الثورة، بحسب البيان.
أدانت “الجمعية الوطنية للتغيير”، الأحداث المأساوية التى شهدها ميدان التحرير والشوارع المحيطة به طوال الليلة الماضية وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، إثر احتشاد القوى الثورية لإحياء ذكرى مذبحة محمد محمود، والمطالبة بالقصاص من المجرمين المحترفين الذين قتلوا الثوار وفقأوا عيونهم بلا رحمة مع سبق الإصرار والترصد.
قالت الجمعية –فى بيان اليوم الثلاثاء– أن هذه الأحداث، تعيد إلى الأذهان ذكرى الممارسات القمعية التي ارتكبها نظام مبارك وتواصلت خلال المرحلة الانتقالية على يد المجلس العسكرى، وتصاعدت وتحولت إلى سياسة منهجية فجّة وسافرة، لتصفية الثورة والثوار، عقب تولي الرئيس الإخواني محمد مرسي السلطة، وفشله الواضح في إدارة الدولة، والحفاظ على الأمن القومي وسلامة الأراضي المصرية.. فضلا عن عجزه عن وقف تفكك الدولة وتحقيق أهداف الثورة، بحسب البيان.
وإزاء كل ذلك وغيره، طالبت، القوى الثورية والوطنية والديمقراطية بإعادة توحيد الصفوف لإنقاذ الوطن من خطر الضياع والتقسيم والتحلل والسقوط في دائرة لا نهائية من الفوضى الشاملة.
ورصد البيان هذه “الأخطار” التي وصفها بالكارثية، فى مظاهر عديدة، أهمها:
أولا : فشل مؤسسة الرئاسة الواضح والفادح في إدارة الملفات الداخلية والخارجية في ظل غياب رؤية استراتيجية للحفاظ على كيان الدولة المصرية وتحقيق أهداف الثورة في العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والتنمية، وكذلك خضوع رئيس الدولة التام لسيطرة وتحكُّم جماعة الإخوان، غير الشرعية ، وتبنيه لخياراتها ومخططاتها على حساب المصلحة الوطنية، ناهيك عن تخليه عن تعهداته بأن يكون رئيسا لكل المصريين.
ثانياً: غياب الرؤية الاستراتيجية في ملف السياسة الخارجية والحفاظ على الأمن القومي وحماية حدود الوطن، وهو ما ظهر جليا في العجز المُريع عن حسم الموقف في سيناء وتأكيد السيطرة والسيادة المصرية عليها بصورة كاملة وقاطعة، ناهيك عن الصمت المُريب، بل وغض الطرف، عن النشاط الإرهابي لجماعات منظمة تنتمي لتيار الإسلام السياسي ترفع السلاح بجرأة غير مسبوقة في وجه قوات الأمن والجيش، وتمهد لتنفيذ مخططات جهنمية، تستهدف تقسيم الوطن وفصل سيناء، وتحويلها ـ استجابةً للمؤامرات الصهيونية ـ إلى وطن فلسطينى بديل، إضافة إلى التجاهل الكامل لأهلنا في سيناء وإهمال مطالبهم المشروعة، الهادفة للحفاظ على الحدود المصرية ومنع توطين الأجانب وتملكهم الأراضي في مصر، ناهيك عن التقارير المتواترة عن تورط عناصر أجنبية ترتبط عقائديا بجماعة الإخوان، في تهديد الأمن القومي المصري.. إلى جانب التخبط والغموض وعدم الشفافية في إدارة العلاقات الخارجية مع امريكا والعدو الصهيوني وبعض دول الخليج.
ثالثا: تخلي رئيس الجمهورية عن تعهداته القاطعة للقوى الوطنية التي ساندته ضد فلول النظام القديم بتشكيل حكومة ائتلافية برئاسة شخصية وطنية مستقلة، وإعادة تشكيل “اللجنة التأسيسة” بما يضمن وضع دستور لكل المصريين يعبر عن روح ومبادئ وأهداف ثورة 25 يناير، وهو ما أدى الى تفاقم أزمة الدستور نتيجة إصرار تيار الإسلام السياسي على منطق المغالبة، وإنتاج دستور لا يليق بوطن بمكانة مصر بعد ثورة وُصفت بأنها الثورة الأعظم في تاريخ البشرية..
وإذ تؤكد الجمعية الوطنية للتغيير تقديرها واحترامها البالغ وتأييدها اللامحدود للموقف الوطني الذي اتخذته القوى الوطنية والديمقراطية، والكنائس المصرية، بالانسحاب من “اللجنة التأسيسية”، حتى لا يشاركون في جريمة تستهدف اختطاف الدستور بعد اختطاف الثورة، فإنها تطالب الأزهر الشريف، باعتباره مؤسسة وطنية تعبر عن الإسلام الوسطي المعتدل، بالإنسحاب من هذه “اللجنة التأسيسية” المشوهة، ورفض تديين الدستور والدولة المصرية، والتمسك بوثيقته التي أقرتها جميع التيارات والاحزاب السياسية، بما فيها تلك التي تنتمي لما يسمى الإسلام السياسي.
رابعاً : فشل مؤسسة الرئاسة في إدارة ملف الوحدة الوطنية وطمأنة إخوتنا المسيحيين في الداخل والخارج على شراكتهم في الوطن، وخاصة بعد تولي رئيس ينتمي لجماعة دينية، وكذلك إصرار رئيس الجمهورية على إلقاء خطبه في المساجد مما يحرم المواطنين المسيحيين من التواصل مع رئيسهم، إضافة إلى عدم تفعيل القانون وفرضه بقوة لحماية المسيحيين ودور عبادتهم، وكذلك عدم التصدي لتكفيرهم من قبل بعض الدعاة المنتسبين لتيارات إسلامية مشاركة في السلطة..
وفي هذا الصدد تستنكر “الجمعية الوطنية للتغيير” عدم مشاركة رئيس الجمهورية في مراسم تجليس البابا الجديد، وهو حدث فارق في تاريخ الكنيسة المصرية الأم، وخاصة أنه جاء بعد ثورة مجيدة أكدت كل المعاني الجميلة لتوحد المصريين ووحدة نسيجهم الوطني.
خامساً : انشغال الحكومة الإخوانية و”حزب الحرية والعدالة” وكذلك مؤسسة الرئاسة بـ “تمكين” الجماعة وتصعيد كوادرها وزرعهم في مفاصل الدولة، بدلاً من “تمكين” الثورة والثوار، ناهيك عن تماهي نظام الحكم الإخواني وتحالفه غير المعلن مع فلول النظام البائد، فضلا عن تبني كل سياساته ومنطلقاته الإقتصادية التي تنحاز للأغنياء على حساب الفقراء، وتخضع لإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين التي تكرس منهج وبرامج الرأسمالية المتوحشة، وتتنكر للحقوق العمالية والنقابية، وتضرب العدالة الاجتماعية في مقتل لأنها تختار مبدأ الإحسان والتصدق بديلا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأصيلة وغير القابلة للتصرف.. ويكفي أن حكومة الإخوان الفاشلة، والتي عجزت حتى الآن عن تنفيذ ما سمى بوعود المائة يوم، أقدمت على قرارات كارثية تثقل كاهل المواطنين وتحول حياتهم إلى جحيم لا يطاق مثل رفع أسعار الغاز الطبيعي المستخدم في المنازل، وأسعار الكهرباء والبنزين ناهيك عن عجزها الفادح في فرض الأمن، والسيطرة على انفلات الاسعار، ومسلسل الإهمال الذي يودي بحياة العشرات كل يوم في حوادث الطرق وكوارث السكة الحديد وغيرها.
سادساً: تعرض الحريات العامة وخاصة حرية التعبير والصحافة والإعلام لحملة قمع فاشية غير مسبوقة، لم يجرؤ على ارتكابها حتى نظام الرئيس المخلوع، وأمن دولته في أوج جبروته، بهدف إسكات كل الأصوات الحرة التي تنتقد جماعة الإخوان وحزبها وحكومتها .. وتمثل ذلك في قيام مجلس الشورى غير الشرعي بأوسع وأخطر عملية لـ “أخونة” الصحافة والإعلام والمؤسسات العامة المعنية بالحقوق والحريات، وذلك من خلال تغيير رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية، وإعادة تشكيل “المجلس الأعلى للصحافة” و”المجلس القومي لحقوق الإنسان” .. وتجلّت الحملة على الصحافة والإعلام، التي يقودها وزير الإعلام الإخواني ومجلس الشورى، في التضييق على الصحف ومنع مقالات كبار الكُتاب واستبدالهم بآخرين ينتمون لجماعة الإخوان، وكذلك وقف بث قناة دريم الفضائية، وهى خطوات لم يجرؤ على اتخاذها نظام قمعي ومستبد مثل نظام مبارك، كما إنه تطور بالغ الخطورة يدل على أن البلاد على أبواب “مكارثية” جديدة، ولكنها أكثر خطورة وقمعا وفاشية، لأنها تتاجر بالدين وتتخفى تحت عباءته.
سابعاً: استمرار ممارسات النظام السابق في استهداف المواطنين، وخاصة القوى الثورية، واعتقالهم تعسفياً وتعرضهم للإهانة والضرب والتعذيب، وكذلك التعرض للمظاهرات السلمية واستخدام القوة المفرطة والبلطجة وميليشيات الجماعة، في فض التظاهرات الشرعية السلمية، على نحو ماحدث يوم ” جمعة الحساب” الموافق 12 أكتوبر الماضى، في إعادة إنتاج فجّة وسافرة لممارسات النظام البائد والمرحلة الانتقالية..
وكان آخر تجليات هذه الممارسات استخدام القوة مع أهالي “جزيرة القرصاية” بالجيزة، وقتل أحد شباب الجزيرة، وإصابة العشرات من أهاليها في، جريمة مروِّعة، تُعيد تكرار سياسات النظام البائد، في الانحياز لمصالح الأغنياء ورجال الأعمال على حساب الفقراء.
وأعلنت ” الوطنية للتغيير” – بحسب البيان – “عن إدانتها القوية لتخلِّي حكومة الإخوان عن أهداف ثورة 25 يناير، وتقاعسها عن تطهير الداخلية، وتحقيق مطالب الحرية و”العدالة الإجتماعية”، ومحاولاتها لصياغة دستور مشوه لا يليق بوطن في مكانة مصر، مؤكدة أن الثورة مستمرة حتى تحقق الأهداف، التي دفع العشرات من أنبل وأطهر شبابنا ثمنها غاليا من أرواحهم ودمائهم ونور عيونهم.
وتودعت الجماعة بقولها “إن الذين خانوا الثورة وتخلوا عن الثوار في معارك محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو، لن يمروا بجريمتهم، ولن ينجحوا في حرمان مصر من أملها الأخير في إنقاذ الثورة والوطن، من خلال صياغة دستور يليق بمصر الثورة والحضارة والتاريخ”، بحسب كلام “الجمعية الوطنية للتغيير”.
بوابة الأهرام