جلال عارف يكتب: الأخ الرئيس.. صح النوم!!

لا بد أن للقاضى السابق الأستاذ الغريانى أسبابه التى تجعله يرضى بهذا الدور الذى لعبه فى جمعية «خد الدستور.. واجرى»، الذى أهان به كل تاريخه كقاضٍ جليل ومناضل فى سبيل استقلال القضاء!!
شاهدت على التليفزيون جزءًا من «ليلة سلق الدستور» كان المشهد مزريا، رئيس الجلسة على المنصة، بينما المنصة فى حجر قيادات الإخوان بالجمعية، والأمر كله تحول إلى حديث ومصاطب(!!) كانوا يذيعون فى خارج القاعة أغنيات وطنية لأم كلثوم وعبد الحليم. هذه إهانة لأغانينا الوطنية، المشهد الذى رأيناه لا يصلح معه إلا أغنيات مثل «حاركب الحنطور.. واتحنطر» أو «إدينى حجرين ع الشيشة»!!
غيبوبة سياسية كاملة تجعل أصحابها يظنون أنهم يستطيعون خطف دستور مصر بهذه الطريقة الغبية. لو أنهم يضعون نظاما لجمعية كشافة لكانوا أكثر جدية مما كانوا وهم يضعون دستورا لدولة بحجم مصر، عرفت الدساتير منذ مئة وخمسين عاما، ولديها من الخبرات الدستورية من يفخر بهم العالم كله!!
لم أشعر بالحزن وأنا أتابع المشهد، فأنا أعرف أن ما يضعونه مكانه هو مزبلة التاريخ كما قال الدكتور البرادعى، ولكن شعرت بالإهانة وعقل مصر وقلبها خارج الصورة، بينما «هؤلاء» يضعون لها الدستور، فيحولون الأمر إلى «مسخرة» يخجل منها كل من يعرف قدر مصر، وكل من يدرك حجم الجريمة التى يرتكبها هؤلاء الهاربون من القانون، الذين يطبخون الدستور بالليل خوفا من أن تلحق بهم يد العدالة، وتحاسبهم على ما يفعلونه بحق الوطن!!
هل يمكن لعاقل أن يتصور أن يصدر دستور مصر فى غيبة كل القوى المدنية، وفى غيبة المثقفين والمبدعين والممثلين الحقيقيين للعمال والفلاحين، وفى غيبة ممثلى أقباط مصر، وفى غيبة التمثيل الحقيقى لشعب مصر بكل أطيافه السياسية والاجتماعية والاقتصادية؟!
وهل يمكن لعاقل أن يتصور دستورا لمصر بعد الثورة، فى غياب قوى الثورة الحقيقية، وبمشاركة من كانوا يصدرون الفتاوى بتحريم الثورة وتكفير الثوار، ويطلبون من أتباعهم أن لا يخرجوا على الحاكم حتى لا يرتكبوا بذلك الإثم العظيم؟!
وهل يمكن لعاقل أن يتصور أن مصر ضحت وكافحت وقدمت آلاف الشهداء وأسقطت نظام الاستبداد والفساد، لكى تكون النتيجة بعد هذا كله هذا الدستور الذى يهدر حقوق المرأة والطفل، ويصادر الحريات، ويفتح الأبواب لسجن أصحاب الرأى ومصادرة الصحف ومحاصرة المبدعين، وإطلاق عصابات الأمر بالمعروف بديلا عن الدولة وعن القانون؟!
بالأمس كان الأخ الرئيس مرسى على الخط.. اشترط فى حواره التليفزيونى أن نوافق على الدستور الباطل، لكى يلغى إعلانه غير الدستورى المشؤوم!! الترجمة الدقيقة لذلك هى أن علينا أن نختار بين «استبداد» يتحصن بالدستور، أو «استبداد» يتحصن بالإعلان غير الدستورى. والأخ الرئيس يعلم قبل غيره أن كل ذلك باطل فى باطل!!
الوقت لا يتسع للكلام الكثير، فقط نقول: صح النوم قبل فوات الأوان!! فمصر لن تقبل الاستبداد مرة أخرى، ولن تقبل المتاجرة بالدين أو التهديد بالإرهاب.
والثورة ستفرض دستورها الذى يليق بمصر التى فى خاطرنا جميعا، لا دستور الاستبداد الذى اختطفته جماعة «خد الدستور.. واجرى»!!
الدستور الاصلى