جودة عبد الخالق: الاقتصاد أكبر ضحايا اللعبة السياسية وهى «لعبة قذرة».. ومن يتولى الحكم لا يتحمل المسئولية

نيفين كامل
بعد خمسة أشهر فقط من توليه منصبه، نجح أول رئيس منتخب محمد مرسى، فى حشد الملايين من المصريين، الذين انتخبوه، ليرددوا بأعلى صوتهم «ارحل ارحل». وجاء مشهد الرئيس الذى نزل إلى ميدان التحرير، عقب فوزه بالانتخابات دون درع واق، وهو يخرج من الباب الخلفى للقصر الجمهورى الثلاثاء الماضى، لتفادى آلاف المتظاهرين المتراصين خارج القصر، ليزيد من المخاوف من تصاعد الاحتجاجات فى وضع اقتصادى لا يتحمل المزيد من عدم اليقينية، خصوصا بعد الاشتباكات التى شهدها محيط القصر امس الأول بين الإخوان والقوى الثورية المعارضة.
«الاقتصاد بات أكبر ضحايا اللعبة السياسية فى مصر، وهى لعبة قذرة ومنخرط فيها أطراف لا تتحمل المسئولية، وبصفة خاصة من يتولون الحكم»، بحسب ما أكده جودة عبد الخالق، وزير التضامن الاجتماعى والعدالة الاجتماعية السابق.
ويعتبر عبد الخالق أن الأحداث الحالية أدت إلى تعطيل عمل المؤسسات التعليمية، والإنتاجية، نتيجة اضطرابات التى يشهدها الشارع، مما يسهم بدوره إلى تعطيل الإنتاج فى بعض القطاعات، وبالتبعية زيادة فاتورة استيراد لوازم الاستهلاك، ذلك بالإضافة إلى تعطيل السياحة، وتعليق الاستثمارات الداخلية والخارجية. «مصر بهذه الأحداث تكون أكبر بيئة طاردة للاستثمار»، يضيف جودة موضحا أن كل ذلك يأتى فى ظل زيادة العجز التجارى، وتآكل الاحتياطى النقدى مما يعنى انخفاض الإيرادات، و«يجعل الجنيه ــ صمام الأمان ـ فى مهب الريح، ومن ثم تدق أجراس الخطر للاقتصاد»، بحسب قوله.
وقد فقد الاحتياطى الأجنبى المصرى 21 مليار دولار منذ اندلاع ثورة 25 يناير، ليصل إلى 15 مليار دولار، بحسب بيان للبنك المركزى أمس، فى الوقت نفسه قفز الدولار أمام الجنيه ليصل إلى أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2004، وذلك برغم السياسة النقدية التى تسانده فى مصر.
هذه الاضطرابات السياسية تأتى فى «لحظة فاصلة وحرجة» للاقتصاد المصرى، بحسب هانى جنينة، رئيس قسم الأبحاث فى بنك الاستثمار فاروس، تواجه فيها الحكومة المصرية نقصا كبيرا فى السيولة، نتيجة مديونيات أجهزتها، خصوصا وزارتى الكهرباء والبترول، إلا أن الحسابات السياسية لكل من أوروبا وأمريكان، اللتين تريدان الحفاظ على دور مصر الإقليمى، تحد من حجم الكارثة التى قد يتعرض لها الاقتصاد المصرى، لأنهما لن يعرقلا المساعدات التى وعدا بها لمصر.
ومع ذلك فقد ترددت أمس أنباء عن تأجيل زيارة مرسى لواشنطن، وعن قيام ألمانيا بإلغاء زيارته المرتقبة إليها، مما ينبئ باضطرار القوى الخارجية قريبا للخضوع لصوت الشعب. يبدو أن القوى الخارجية قد تضطر قريبا مع تصاعد الاضطرابات السياسية، إلى البحث عن سيناريو آخر، بحسب رئيس قسم البحوث فى فاروس، فى حالة احتشاد أقوى واعنف ضد رئيس الجمهورية الحالى، و«هذا سيهدد بشكل صريح الوضع الاقتصادى فى مصر».
فى تلك الحالة ستكون هناك علامة استفهام حول إمكانية التزام الحكومة المصرية بتحقيق معدل النمو المعلن عنه فى نهاية الربع الحالى، «لنرى خروج الأموال من البورصة، والتدهور الفورى للعملة، بالإضافة إلى التراجع المتوقع للسياحة، وتأخير بدء عدد من الاستثمارات المعلن عنها
الشروق