الأخبار

6 مشاهد فى ليلة الدم والدمار

33

 

شهدت محافظة الدقهلية حادث تفجير مبنى مديرية الأمن بالمحافظة فى الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء. أسفر عن مقتل 12 شرطياً من بينهم ضباط وجنود، وإصابة 102 آخرين بحسب مديرية الصحة بالدقهلية. وكان الحادث الذى نجم عن تفجير سيارة مفخخة أسفل مبنى المديرية قد تسبب فى حدوث أضرار جسيمة فى عمارة المبنى وانهيار جانبها الأيمن فضلاً عن انهيار أجزاء من المبانى المحيطة.. وكذلك وصول مدى الانفجار إلى الضفة الأخرى للنيل وإحداث أضرار فى المبانى المقابلة. «الوطن» تنقل أقرب صورة لما حدث فى الدقهلية فى مشاهد ستة تُبرز الحادث الذى غير ملامح قلب المدينة التى تبعد نحو 150 كيلومتراً شمال القاهرة، والذى لم تُفصح الداخلية حتى الآن عن هوية منفذيه.. إليكم التفاصيل:

 

– المشهد الأول:

يختبئ أفراد الأمن من البرد تحت ستراتهم الكاكية الصوفية، والجلدية السوداء. أكملت الساعة دورتها لتعلن يوماً جديداً. الثلاثاء 24 ديسمبر. يختلس جنديان الأحاديث حينما ينشغل عنهما قائدهما. يطرق جندى ثالث بدبشك سلاحه الميرى تحية لضابط يمر من الباب إلى الخارج. ويلقى أحد المارة نظرة على اللافتة البارزة فى واجهة المبنى «مديرية أمن الدقهلية». مشهد اعتيادى لم يقطع تكراره أى طارئ منذ حادث التفجير الذى وقع فى أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسى عن منصبه، والذى أصاب أحد جانبى المبنى.

اجتماع بداخل مديرية الأمن منعقد، يقال إنه كان لبحث سبل تأمين لجان الاستفتاء فى يناير المقبل. يلقى كل ضابط من ضباط الاجتماع بما لديه من اقتراحات، ويعرب عما يساوره من توجسات. لكن أحداً لم يكن ليدرك أن هناك سبباً أوجه للخوف والتوجس يقع خلال ساعة من الزمن.

 

– المشهد الثانى:

سيارة مجهولة تقف إلى جوار المبنى، لا تشغل بال الجنود وأمناء الشرطة والضباط. ينفتح باب جانبى تخرج منه سيارة أحد الضباط لتحل محلها السيارة المجهولة. دون مقدمات، دوّى صوت انفجار كبير فتك بالمبنى الذى يتوسط مدينة المنصورة، وأضر أضراراً واضحة بالمبانى المجاورة. تطاير الجنود وتناثرت الدماء والأسلحة. ونشبت النيران فى السيارات القريبة، بينما انفجر زجاج السيارات الأبعد.

الموجة الانفجارية كانت هى الأقوى التى تشهدها محافظة الدقهلية، أقوى من العبوة الناسفة التى تركت علامات طفيفة بالمبنى الشرطى فى يوليو الماضى. أزاحت الموجة الانفجارية الهواء بعيداً، حتى بلغ مداها الضفة المقابلة من النيل. هُشِّم زجاج البنوك وقاعات الأفراح والأندية على الجهة المقابلة من النهر. تدور «سارينة» إحدى سيارات الشرطة المحترقة رغماً عنها، بعدما هوت على مقدمتها قطعة من الخرسانة خربتها. فى الوقت ذاته سقطت كتل خرسانية فوق سيارة شرطة مدرعة كانت تعسكر فى شارع جانبى تقع مديرية الأمن عند ناصيته.

 

– المشهد الثالث:

لساعات ظل المواطن العادى هو بطل الأزمة، يهرول إلى كتل الخرسانة فيرفعها.. يخلص الجثث المهروسة تحت الأنقاض لنقلها للمشرحة.. يحمل الجنود المصابين إلى المستشفيات لتلقى العلاج ويطفئ بعض النيران التى أمسكت بهذا الجدار أو ذاك الستار. وصل سرب من الدراجات البخارية «الموتوسيكلات» لنقل المصابين لأقرب مستشفى.

فى المستشفيات القريبة يحمل المواطنون المصابين يداً بيد مع الممرضين والأطباء.. وفى مبنى مديرية الأمن المنهار جانبه الأيمن يكتب لهم أن يُخلصوا مدير الأمن الذى نُقل لاحقاً بطائرة طبية مفقوء العين إلى مستشفى أكثر تطوراً نظراً لصعوبة الحالة. يدوم المشهد الذى يتصدره المواطن المنصورى لساعات قليلة تنتهى بقدوم سيارات الإسعاف والإطفاء لرفع القتلى ونقل المصابين وإطفاء النيران.

سبعة جنود كانوا بداخل السيارة المدرعة التى كانت تعسكر إلى جوار مديرية الأمن والتى سقطت عليها كتل خرسانية، خرجوا منها جثثاً أو فى لفظة النفس الأخير.. ليبدأ معهم عدّاد القتلى فى العد.

 

– المشهد الرابع:

دائرة من الجنود تحيط بمبنى مديرية الأمن فى محيطه لمنع المواطنين من الاقتراب أكثر من المبنى شبه المنهار حتى تتمكن قوات الدفاع المدنى والإسعاف من أداء عملها، وريثما تحضر لجنة معاينة لتحديد سبب الانفجار. يتوسط الدائرة لواءات وعمداء وضباط وأمناء شرطة مدججين بالأسلحة.

تُطلق وزارة الصحة نداءات للمواطنين للتبرع بالدم فى مستشفيات المنصورة، ودعم بنوك الدم بها. يتقدم العشرات للتبرع فى سيارات التبرع وفى بنوك الدم فى المستشفيات الحكومية التى تُنقل إليها حالات الإصابة. تُعلن وزارة الصحة عن مقتل 3 يرتفع العدد بعد ذلك إلى ثمانية قبل أن يستقر عند 12 قتيلاً لقوا حتفهم جراء الحادث التفجيرى. فضلاً عن 102 مصاب بعضهم ظل فى غرف العناية المركزة والمتوسطة بمستشفيات «الطوارئ الجامعى، والمستشفى الدولى، وطلخا المركزى» حتى ظهر اليوم ذاته.

 

– المشهد الخامس:

الصباح الأول الذى يطلع على المبنى المنهار جاء صاخباً على غير العادة.. المئات من المواطنين بدأوا يحتشدون فى محيط مديرية أمن الدقهلية، بينما تدوى من بعيد أصوات سيارات شرطة يتقدمها «موتوسيكلات» شرطية.. بينما يقف أفراد من القوات الخاصة لتأمين وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم القادم فى موكبه.

من محيط مديرية الأمن إلى مستشفى الطوارئ الجامعى ثم إلى المستشفى الدولى بالمنصورة انتقل اللواء محمد إبراهيم مع وفد من قيادات الجهات السيادية بالمحافظة، المخابرات العامة والأمن العام، لتفقد أحوال المصابين الناجين من حادث التفجير.

وقال وزير الداخلية فى تصريحات صحفية: «الوزارة ستلاحق بكل قوة وعنف أصابع الإرهاب التى تعبث بأمن واستقرار الوطن، وتستهدف أبناءه الشرفاء، وستلاحق المنفذين لحادث انفجار مديرية أمن الدقهلية، وهذا الحادث لن يُثبط عزيمتنا، وسنقضى على الإرهاب».

 

– المشهد السادس:

وجوه مشوهة بالسحجات والتجلطات الدموية، ورؤوس مربوطة برباطات طبية بيضاء، ونسوة يجلسن أمام غرف المرضى فى مستشفيات المنصورة.. وجنود بزى «كاكى» موحد يبكون أصدقاءهم المتوفين.. ورجال يبكون أمام ثلاجات دفن الموتى.. تركة خلّفها حادث التفجير الذى وقع فى الدقائق الأولى من صباح أمس الثلاثاء 24 ديسمبر.

ظهر اليوم ذاته، مئات المتظاهرين يجوبون شوارع المنصورة من أمام مديرية الأمن وحتى المستشفيات التى يرقد فيها الجنود والضباط وأمناء الشرطة المصابون. مرددين هتافات مناهضة لجماعة الإخوان المسلمين وأنصارها والتى تُشير إليها أصابع الاتهام فى حادث مديرية الأمن بالمنصورة.

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى