الأخبار

فلول الكنيسة

 

 

خابت جميع التوقعات فى أن تلعب الكنيسة الأرثوذكسية فى مصر دورًا وطنيًا يعزز مسيرة الديمقراطية الوليدة فى البلاد بعد عقود من حكم الاستبداد، وأصبح فى حكم المؤكد دون مواربة أن الأقباط أحد أركان الدولة العميقة فى خندق الفلول الذين يحتشدون لإجهاض ثورة يناير.

دعكم من الطنطنة الفارغة التى تقول إن الأقباط شركاء فى الوطن والثورة، وهى عموميات تحتاج إلى تصويب وتوثيق، مع الأخذ فى الاعتبار أن موقف الكنيسة كمؤسسة دينية وروحية كان مناهضًا لثورة يناير، وأن الأقباط بكوا سقوط مبارك ودولة أمن الدولة، وأن الراحل البابا شنودة الثالث كان داعمًا رئيسيًا لمشروع التوريث.

نعم.. شارك بعض الأقباط فى الثورة ممن لديهم حس وطنى فشلت الكنيسة المسيّسة فى تغييبه، وهناك ائتلافات قبطية كانت ترفض دولة الاستبداد والفساد التى ترعرعت فى عهد مبارك، لكنها لم تفكر أبدًا أو لم تكن تتوقع أن البديل سيكون حكمًا إسلاميًا أو إخوانيًا، وأن رئيسًا بلحية سيحكم البلاد.

لكن الحقيقة الماثلة أمام الجميع، أن البابا تواضروس الثانى يسير على خطى شنودة الثالث، وبدأ الرجل عهده فى الكرسى البابوى بالموافقة ضمنيًا على قرار الانسحاب من الجمعية التأسيسية للدستور، بعد مضى نحو خمسة أشهر من عمرها، فى محاولة لتفجيرها من الداخل كما حدث للتأسيسية الأولى.

ولا يمكن بحال من الأحوال، غض الطرف عن تورط الكنيسة فى حشد ائتلافات قبطية للتظاهر أمام الاتحادية فى محاولة لإسقاط الرئيس الشرعى المنتخب، والمطالبة برحيله فى أكبر انتهاك لقواعد الديمقراطية التى يتشدقون بها وينادون بتطبيقها، فإذا جاءت بمن ليس على هواهم، صاروا يحلمون بعودة بيادة العسكر، ويستغيثون بماما أمريكا.

الأخطر من ذلك وفى لفتة لا يمكن وصفها سوى بأنها جليطة سياسية، رفض الرجل لقاء مرشد جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، والذى طلب زيارته لتهنئته بالجلوس على الكرسى البابوى، بدعوى أن وقت الزيارة غير مناسب، ليؤكد بما لا يدع مجالًا للشك، أن الكنيسة تريد وطنًا على هواها، وتريد نتائج صندوق تأتى بساويرس وأبو حامد وشفيق، وأنها لا ترغب فى لقاء شركاء الوطن، وأن معركتها ليست ضد الفساد والاستبداد كما تزعم، بل ضد الإخوان والتيار الإسلامي بكل تنوعاته.

لا تأملوا خيرًا من “دولة تواضروس”، ولا داعى للطبطبة والنفاق السياسى، فالكنيسة تلعب سياسة، ومتورطة حتى أخمص قدميها فى دعم الثورة المضادة، وتعيش حالمة بعودة جمهورية الفلول، دون أن تتوانى عن تجييش الصف القبطى للتوصيت بـ”لا” ضد الدستور، اتساقًا مع تعليمات شفيق ورفاقه.

الكنيسة بكت سقوط المخلوع.. وساندت بقوة الفريق الهارب أحمد شفيق، وتحشد كتلتها التصويتية دومًا ضد التيار الإسلامى فى أية استحقاقات انتخابية، ومن فازوا من الأقباط على قوائم الحرية والعدالة فى انتخابات البرلمان الأخيرة مثل أمين إسكندر، انقلبوا بليل وصاروا يصفون حساباتهم مع الإخوان، وكانوا أكثر الشامتين فى حل أول برلمان منتخب ونزيه فى تاريخ مصر.

تواضروس على خطى شنودة، فلا تصنعوا منه زعيمًا، فقد اختار كفة الفلول ودعاة الانقلاب على إرادة شعب جاء برئيس وتيار ليس على هواه.

 

المصريون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى