الأخبار

ملقوش فى المراكب عيب.. قالوا “الصنايعية”

69

 

 

 

حوادث غرق المراكب النيلية فى السنوات الأخيرة، وصعوبة الحصول على تراخيص لأخرى جديدة إلا بعد موافقة عدد كبير من الوزارات والجهات المختصة، تسبب فى هجرة مهنة صناعة المراكب، ولجوء صُناعها إلى مهن أخرى تضمن لهم توفير لقمة العيش، وهو ما انعكس بالسلب على أصحاب ورش التصنيع الذين تحولوا إلى عمال صيانة فقط. «آخر مركب اشتغلنا فيها وصنعناها كانت فى 2010، من ساعتها ما بنشتغلش غير فى صيانة القديم لو لقيناه، ده غير إن كل ورشة مصنعة مركبين ولا تلاتة وموقفاها فى النيل مستنية حد يشتريها وده ما بيحصلش، الأهم من كل ده إن الزباين اللى كانت بتيجى تتفرج على الشغل حتى من غير ما يشتروا بطلوا ييجوا»، حسب إكرامى سعيد، صاحب ورشة لتصنيع المراكب النيلية بمدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ.

«إكرامى» اضطر إلى تسريح العمال الذين كانوا يعملون معه فى الورشة، والإبقاء على ثلاثة منهم فقط على الرغم من ندرة العمل: «عشان دول ناس كبيرة فى السن شغالين معانا من أيام أبويا، وهما اللى علمونى الصنعة، ماينفعش أرميهم بعد العمر ده». الاشتراطات الأمنية التى يجب توافرها عند صناعة المراكب النيلية، حسب «إكرامى» تتم بالخبرة وليس بالحسابات الدقيقة، لأنها مهنة يتم توريثها للأبناء، ولا يتم مراقبتها من جهات مسئولة، ولا تخضع لإشراف أى جهة رسمية.

عملية تصنيع مركب نيلى طبقاً لرؤية عوض حسين، صنايعى مراكب نيلية بمدينة دسوق، تبدأ بالاتفاق بين الزبون وصاحب الورشة، على مساحة المركب وطبيعة عمله، تستخدم أنواع معينة من الحديد وبنط اللحام وفقاً لعمل المركب، وعندما يتم تخصيصه للعمل فى الرحلات النيلية ونقل الركاب، يتطلب الأمر استخدام نوعية الحديد المزدوج، يتم الربط بينها ببنط لحام وليس «برشام»، كما يحدث من قبل بعض أصحاب ورش التصنيع، الذين يرغبون فى زيادة أرباحهم بصرف النظر عن حياة الناس.

«حسين» يعمل فى مهنة التصنيع منذ 60 عاماً، ويرى أن استخدام أنواع رديئة من الحديد وتخفيف وزنه للفوز بالنصيب الأكبر من الربح، ربما يكون السبب الرئيسى وراء حوادث غرق المراكب النيلية الأخيرة، التى يروح ضحيتها العشرات، حيث يعتبر الهيكل الحديدى مصدر الأمان الوحيد فى المركب، لذا يجب ضبطه بشكل دقيق منذ بدايات تصنيعه.

«زيادة أسعار الحديد، ووقف التراخيص، بالإضافة لانخفاض أرباح الشغلانة، كل ده خلى المراكبية يسيبوا المهنة ويمشوا»، فى رأى مصطفى سراج، صنايعى مراكب نيلية بمدينة دسوق، الأمر الذى دفع العشرات لترك المهنة، والعمل بمهنة الحدادة فى ورش عامة لتصنيع البوابات الحديدية وعربات الكارو لضمان لقمة العيش: «السنوات الأخيرة شهدت انتهاء مهنة تصنيع المراكب النيلية، بعد أن أطلق علينا الرأى العام لقب صناع الموت، وتركها أبناء المهنة خوفاً من وقوعهم تحت طائلة القانون يوماً ما، ولانخفاض الإقبال عليها من قبل الأهالى». يتحدث «سراج» عن أخطاء التصنيع الفردية، التى يرتكبها حديثو العهد بالمهنة، بأنها أساءت إلى المنظومة بأكملها، وتسببت فى غرق بعض المراكب، ومن ثم تأليب الرأى العام والمسئولين عليهم، باتخاذ قرارات تحارب العاملين فى المهنة، دون أن تفرض الجهات الهندسية الرسمية نظماً ومقاييس لإنتاج تلك السفن، ومتابعة حالتها وقت تصنيعها: «بيستنوا لما الكارثة تحصل وبعدين يجيبوا العيب على الصنايعية، طيب ما يراقبوا العمل من الأول، ويجبروا الصنايعية على أخذ موافقة على المركب قبل ما يسلموها لصاحبها اللى هيشتغل عليها؟».

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى