الأخبار

الإخوان بين 2005 و2012

bw_lgr

 

 

 

فى عام 2005، بدأت حركة «كفاية» الكفاح فى الشارع و9 مارس داخل الجامعة، وكان التعاطف الشعبى مع كل القوى عظيماً، وكانت أكبر القوى المناهضة لـ«مبارك» هى جماعة الإخوان المسلمين الذين تعرضوا لمحاكمات ظالمة ولكن الجماعة صمدت بتنظيمها العلنى والسلمى وتمويلها الهائل، ودخلت المعركة الانتخابية للبرلمان، وفاز منها 88 نائباً بعد التزوير الصريح، وقد كان التعاطف الشعبى مع الجماعة كبيراً، لأنها تناضل ضد الديكتاتور، ولأنها تلاقى أكبر قدر من العنف، واعتقد الكثيرون أنها تسعى فعلاً إلى الديمقراطية، وترغب فى مساعدة الفقراء من هذا الشعب. هذه كانت الصورة الوردية لجماعة الإخوان المسلمين فى عام 2005، وكان المرشد العام رمزاً للجماعة، ويتمتع باحترام من معظم الشعب المصرى.

ماذا حدث لـ«الإخوان المسلمين» فى عام 2012؟! الوضع اختلف تماماً، وتغيرت الصورة، وانخفضت شعبية الجماعة بدرجة لم يكن يتخيلها أحد، بدأ الأمر بعدم الثقة بين الإخوان والثوار، بسبب اجتماع الإخوان مع عمر سليمان، بهدف الحصول على مميزات إذا تم إخماد الثورة، ثم ترك الإخوان الشباب فى الميدان، واتفقوا مع المجلس العسكرى على مشروع الاستفتاء الأول، وحصلوا على 78% من الأصوات.

ثم جاءت الانتخابات البرلمانية، وأخذ الإخوان نسبة أقل لكنهم كانوا الحزب الأكبر فى البرلمان. وبدأ انهيار شعبية الإخوان حين شاهد الشعب أداءهم الكارثى فى البرلمان، ولم يشعر أحد بأن هناك فارقاً كبيراً بين أداء فتحى سرور وأداء الكتاتنى، ثم جاءت الانتخابات الرئاسية وبعد نجاح مرشح الإخوان بفارق ضئيل وبمساعدة القوى المدنية، بدأ الرئيس بداية جيدة، ولكن أداء الرئيس بدأ فى التخبط الشديد، وأعتقد أن السبب هو أن معظم القرارات الخاطئة كانت أوامر من مكتب الإرشاد، أولها كان قراره عودة مجلس الشعب ضارباً عرض الحائط بحكم المحكمة، وتلاه العك الشديد بخصوص وظيفة النائب العام المحترمة التى أعطاها تصرف الرئيس ما يوحى بأنه يعين نائباً عاماً «ملاكى»، وتلا ذلك سلسلة من القرارات المتناقضة، وأعتقد أن الثقة الكبيرة التى أعطاها البيت الأبيض لـ«مرسى» بعد أن استطاع أن يقنع حماس بتوقيع اتفاق مكتوب بعدم الاعتداء على إسرائيل – كانت ضوءاً أخضر ليفعلوا ما يشاءون.

وكانت الطامة التى أعادت ما هو أسوأ من «عصر مبارك»، حين أصدر الإعلان الدستورى الذى أهان القضاء، وأهان كل مواطن مصرى تخيل أنه تحرر من العبودية بعد الثورة، وتوالى السقوط حين استطاعت أجهزة خائبة أن تضع فى خطابه الشهير معلومات خاطئة بعد اعتداء ميليشيات الإخوان المسلحة على المعتصمين فى الاتحادية، ثم تم سحب نصف الإعلان، واستمر حصار أكبر محكمة فى مصر، وكان سعيداً بحصار حازمون لمدينة الإنتاج الإعلامى وهجومهم على الوفد. وزاد التخبط حين تم سلق الدستور فى يومين حتى الفجر وحينئذ أصبح واضحاً أنه ليس الرئيس الحقيقى، بعد أن قال للجميع إنه لن يطرح مشروع دستور غير توافقى للاستفتاء، وجاءت الأوامر بطرح المشروع!.

استطاع «مرسى» أن يقسّم مصر بعد الثورة بمهارة عالية إلى قسمين، وأصبح واضحاً، بعد خطبة الاتحادية الشهيرة وأنه رئيس نصف المصريين. وجاءت الطامة الكبرى، بعد تصريحات قيادات الإخوان التى أرعبت الشعب المصرى والحديث عن تسليح ميليشيات الإخوان، ولأول مرة فى تاريخ مصر تسير مظاهرات حاشدة من عشرات الآلاف تهتف:

«يسقط يسقط حكم المرشد»، وحين تحدث الإخوان عن الاحتكام للصندوق، وذهبوا للصناديق بعد أن قالوا إنهم سوف يحصلون على 90% ففوجئوا بأنهم بعد كل الخروقات قد حصلوا على 56% فى المرحلة الأولى وخسروا فى العاصمة «القاهرة» ذات الثقل الاقتصادى والثقافى والفنى والحضارى والإعلامى، وحدث ذلك فى كل عواصم المحافظات، وركز الإخوان بكل قوة وباستخدام جميع الوسائل غير المشروعة على تحقيق نتيجة أفضل فى المرحلة الثانية التى ستظهر نتيجتها بعد كتابة المقال.

الأمر أصبح واضحاً أنه لولا مساندة السلفيين للإخوان، ولولا التزوير لسقط الدستور. والمعروف أن الأحزاب الفاشية تقبل الديمقراطية لمرة واحدة، وبعد ذلك تستولى على الحكم بالتزوير والبلطجة والعنف، وهو ما يحدث الآن. إذن الإخوان فقدوا شعبيتهم وككل القوى الفاشية عند الأزمات تلجأ للميليشيات الإلكترونية والصحفية والتليفزيونية، ثم بعد ذلك للميليشيات الحقيقية، ويتطور الأمر لاستخدام الأسلحة البيضاء ثم الأسلحة النارية، وفى النهاية التفجيرات والاغتيالات.. وتاريخ الإخوان مر بكل هذه المراحل فى الأربعينيات والنصف الأول من الخمسينيات ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه.

قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك.

 

 

 

 

 

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى